443 إرهابيًا في سجون أميركية

الجمهوريون يواصلون عرقلة خطة أوباما لأغلاق غوانتانامو

أحد المعتقلين في غوانتانامو «الشرق الاوسط»
أحد المعتقلين في غوانتانامو «الشرق الاوسط»
TT

443 إرهابيًا في سجون أميركية

أحد المعتقلين في غوانتانامو «الشرق الاوسط»
أحد المعتقلين في غوانتانامو «الشرق الاوسط»

في حين يواصل الجمهوريون الذين يسيطرون على الكونغرس عرقلة وعد الرئيس باراك أوباما، في انتخابات عام 2008، بإغلاق سجن غوانتانامو، يركز أوباما، في آخر عام له في البيت الأبيض، على نقل المعتقلين الأجانب إلى الولايات المتحدة، ومحاكمتهم في واشنطن، وسجنهم في سجون أميركية، مع الأميركيين الذين أدينوا بالإرهاب.
أمس (الخميس)، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» خريطة سجون أميركية فيها 443 إرهابيا، أغلبيتهم أجانب أو أميركيين أدينوا في جرائم ارتكبت داخل الولايات المتحدة، وأخيرا انضم إليهم أجانب اعتقلوا في الخارج، ونقلوا إلى الولايات المتحدة حيث حاكمتهم محاكم مدنية. ويوجد في سجن «سيوبرماكس» (حراسة متشددة)، في فلورنس (ولاية كولورادو)، أشهر المعتقلين: رمزي يوسف، لدوره في الهجوم الأول على مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 1993، وزكريا موساوي، لدوره في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، وجوهر تسارناييف، لدوره في تفجيرات بوسطن عام 2014، ورتشارد ريد، الذي وضع متفجرات في حذائه داخل طائرة عام 2008، وفاروق عبد المطلب، الذي وضع متفجرات في ملابسه الداخلية داخل طائرة عام 2005.
ويوجد في سجن تيراهو (ولاية انديانا)، وسجن ماريون (ولاية إنديانا)، قرابة 30 سجينا أدينوا بجرائم أقل.
وفي هذه السجون الثلاثة، توجد إجراءات مشددة تمنع السجناء من الاختلاط مع بعضهم البعض، والاتصال مع العالم الخارجي، واستقبال زوار. وقد بنيت هذه السجون بعد هجمات عام 2001، ويوجد فيها غير مسلمين أدينوا في جرائم أخرى، لكن أغلبية من فيها مسلمون.
وفي سجن عادي في هازلتون (ولاية ويست فرجينيا) توجد حواء محمد حسن، الأميركية الصومالية التي أدينت في عام 2011 مع زميلتها أمينة فرح على، بتهمة إرسال مساعدات مالية إلى منظمة الشباب في الصومال، ولم تقدر صحيفة «نيويورك تايمز» على تحديد مكان سجن أمينة فرح على، ورفضت وزارة العدل تقديم معلومات مفصلة عن مكان السجناء والسجينات. وفي سجن شبه متشدد في لوس أنجليس، يوجد محمد المزين، الذي أدين في عام 2009 بإرسال مساعدات إلى منظمة حماس الفلسطينية.
وحسب معلومات «نيويورك تايمز»، يوجد في السجون الأميركية 443 إرهابيا، وكان العدد 150 في عام 2007. وفي حين انخفض عدد السجناء لأسباب عنصرية أو إجرامية، يظل عدد السجناء الإرهابيين غير الأميركيين يزيد. ففي عام 2007، كان هناك 50 أميركيا، و100 أجنبيا، وفى العام الماضي 100 أميركي، وأكثر من300 أجنبي.
وفي نفس الوقت، يواصل أوباما خطة إفراغ غوانتانامو، ومحاكمة الإرهابيين الجدد في محاكم مدنية في واشنطن.
ويوم الاثنين الماضي، أعلنت وزارة العدل الأميركية نقل إرهابي أجنبي إلى واشنطن لمحاكمته، وفي نفس اليوم، أعلن البنتاغون نقل معتقلين في غوانتانامو إلى السنغال.
وفي مؤتمر صحافي، أعلنت وزارة العدل الأميركية، ومكتب التحقيق الفيدرالي (أف بي آي)، نقل السنغافوري ليم يونغ نام (42 عاما) من سنغافورة إلى واشنطن بتهمة تصدير متفجرات إلى إرهابيين في العراق، عن طريق إيران، في عام 2008.
وفي الأسبوع الماضي، مثل أمام نفس المحكمة المواطن الروماني مارسيل لازار، قرصان الإنترنت الذي كان قد اخترق حسابات الرئيس الأميركي السابق بوش الابن، ووزير خارجيته كولين باول، ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، وجنرالات في البنتاغون. هذا بالإضافة إلى الكوسوفي إرديت فريزيري الذي قدم إلى المحاكمة في بداية هذا العام، بعد أن نقل إلى الولايات المتحدة من ماليزيا، حيث كان يعيش، وكان قد اخترق حسابات عسكريين وسياسيين أميركيين.
وفي نفس يوم الاثنين الماضي، أعلن البنتاغون نقل سجينين ليبيين من سجن غوانتانامو إلى السنغال، بعد أن قضيا عشرة أعوام في السجن، وهما: سليم عبد السلام الغريبي، وعمر خليف محمد أبو بكر مهجور. وبترحيل الاثنين، يبقى 89 سجينا فقط في السجن.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.