حزب الله يخسر {ملعبه}

«ملعب الراية» الذي سخّره لمهرجاناته تحول إلى مجمع تجاري

حسن نصر الله في إحدى خطبه داخل ملعب الراية الذي سيتحول إلى مشروع تجاري
حسن نصر الله في إحدى خطبه داخل ملعب الراية الذي سيتحول إلى مشروع تجاري
TT

حزب الله يخسر {ملعبه}

حسن نصر الله في إحدى خطبه داخل ملعب الراية الذي سيتحول إلى مشروع تجاري
حسن نصر الله في إحدى خطبه داخل ملعب الراية الذي سيتحول إلى مشروع تجاري

كشفت مصادر مطلعة أن ملعب الراية الواقع في منطقة الرويس قرب مجمع القائم في الضاحية الجنوبية لبيروت والذي سخّره ما يسمى بـ «حزب الله» لمهرجاناته طوال السنوات الماضية، هو فعليا ملك لوزارة الدفاع اللبنانية وبشكل أدق لـ«مؤسسة التعاضد للرتباء والأفراد»، التي تركت لبلدية المنطقة أن تستثمره، نظرًا لعدم قدرتها على الاستفادة منه، فإذا بالحزب يضع يده عليه.
وتوصلت «الشرق الأوسط» لهذه المعلومات خلال تدقيقها بما تردد عن قرار بتحويل الملعب إلى مجمع تجاري وسكني وانطلاق العمل الميداني هناك لهذا الغرض، وهو ما أثار خيبة وحزن جمهور «حزب الله» في الضاحية والذي يعتبر الملعب الذي تبلغ مساحته نحو 14500 متر مربع بمثابة رمز له، باعتبار أنّه يحيي هناك ذكرى عاشوراء كل عام، كما يشارك في المهرجانات والاحتفالات التي تدعو إليها القيادة الحزبية، وكان آخرها في 6 مارس (آذار) الماضي.
وقد شارك أمين عام الحزب حسن نصر الله شخصيا بأكثر من مناسبة تم إحياؤها في الملعب وأبرزها الاحتفال الكبير الذي نظمه «حزب الله» في العام 2008 إثر تحرير عدد من الأسرى في السجون الإسرائيلية بينهم سمير القنطار الذي قُتل خلال مشاركته بالمعارك في سوريا في العام 2015. ولعل معظم إطلالات نصر الله الشخصية كانت تتم في هذا الملعب حصرا، باعتباره يقع في منطقة أمنية تضم مؤسسات للحزب، وحيث مستوى الإجراءات الأمنية مرتفع، حتى إن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تواجد في العام 2010 في ملعب الراية حيث نُظم له استقبال شعبي حاشد.
وبدأت عمليات الحفر على أطراف الملعب من دون سابق إنذار مطلع الأسبوع الحالي، وقد تفاجأ أهالي الضاحية بالخطوة باعتباره المساحة الوحيدة في المنطقة التي كانوا يتهافتون إليها مع أولادهم للتسلية وتمضية الوقت. حتى إنه كان يُستخدم قبل أسبوع كحلبة لسيارات الكارتينغ.
وفي ظل التكتم الرسمي الشديد حول هوية مالكي العقار والطرف الذي اشتراه حديثا، تضاربت المعلومات حول ما إذا كان الملعب سيتحول إلى مجمع سكني أو مشروع تجاري أو مستشفى. ففيما قال تلفزيون «الجديد» القريب من ما يسمى «حزب الله» أنّه سيتحول لمجمّع تجاري ضخم على أن يرتفع بجانبه 11 مبنى سكنيا، أشار تلفزيون المؤسسة اللبنانية للإرسال إلى أنّه سيتم بناء مستشفى في الموقع المذكور وقد بوشرت الأعمال الميدانية لهذه الغاية.
وبحسب «الجديد» فإن مالكي العقار عرضوا على ما يسمى «حزب الله» مؤخرا شراءه، إلا أن الحزب رفض من منطلق أنّه غير مهتم أن يدفع مبلغا كبيرا من المال لمجرد ضمان إحياء مناسبتين في الملعب، فما كان من مالكيه إلا أن باشروا باستثماره في مشروع تجاري كبير.
بالمقابل، نفى رئيس بلدية حارة حريك زياد أدمون وأكد أن يكون أعطى رخصة مؤخرا لبناء مجمع تجاري أو سكني في الملعب المذكور، موضحا في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن العقار أصلا لا تعود ملكيته لشخص أو مؤسسة واحدة، باعتبار أنّه مقسّم لأكثر من عقار، ولهذه العقارات أكثر من مالك.
وتردد على مواقع التواصل الاجتماعي أن تحويل الملعب إلى مجمع تجاري تم بإطار صفقة بلغت 45 مليون دولار. ولا يزال مناصرو «حزب الله» يعولون على موقف جديد يتخذه الحزب بالمحافظة على الملعب لرمزيته بالنسبة إليهم. كتب أحدهم على صفحته على موقع «تويتر»: «ملعب الراية الذي شهد حرية سمير القنطار، واستقبل أحمدي نجاد، وخطب فيه السيد أهم الخطابات.. فعلا نحن شعب تافه يجيد طمس ما يخلد ذكرياته وتاريخه». أما أحد معارضي الحزب فكتب: «ارتفاع عدد قتلى «حزب الله» إلى 26 في حلب خلال 48 ساعة وقتلى الإيرانيين بلغ 12، و«حزب الله» يبيع ملعب الراية لتمويل مراسيم عزاء مقاتليه».
ورجحت مصادر معارضة لـ ما يسمى «حزب الله» أن يكون هناك علاقة بين ملف استرجاع الرابطة المارونية لعقار تلة الوروار في منطقة الحدث القريبة من الضاحية والذي تم عام 2014 وبين ملف ملعب الراية، إلا أنها تحدثت عن «قطبة مخفية» في الموضوع، خاصة وأن معظم المعلومات تؤكد أن العقار هو بالأصل إما للجيش أو لمؤسسة سكك الحديد، ولم يُعرف كيف انتقلت ملكيته للقطاع الخاص.
وبحسب المصادر المذكورة فإن ما يسمى «حزب الله» لا يُسجل عادة الأملاك باسمه بل بأسماء أفراد مقربين منه، ما يجعل من الصعب تحديد مواقع وحجم أملاكه على الأراضي اللبنانية.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.