إيطاليا تهدد بـ«إجراءات فورية» ضد مصر ما لم تظهر ملابسات مقتل مواطنها

وفد مصري يتوجه إلى روما لتقديم أدلة التحقيقات

إيطاليا تهدد بـ«إجراءات فورية» ضد مصر ما لم تظهر ملابسات مقتل مواطنها
TT

إيطاليا تهدد بـ«إجراءات فورية» ضد مصر ما لم تظهر ملابسات مقتل مواطنها

إيطاليا تهدد بـ«إجراءات فورية» ضد مصر ما لم تظهر ملابسات مقتل مواطنها

استباقا لزيارة مرتقبة لوفد تحقيق مصري إلى روما من المقرر أن تبدأ اليوم (الأربعاء)، هدد وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني، أمس، باتخاذ «إجراءات فورية وملائمة» ضد مصر، ما لم تتعاون الحكومة المصرية بشكل كامل في الكشف عن الحقيقة وراء مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، ورفضت الخارجية المصرية التعقيب، وأشار المتحدث الرسمي باسمها إلى أن هذا «يزيد من تعقيد الموقف».
كان ريجيني، وهو باحث جامعي (28 عاما)، قد اختفى من شوارع القاهرة في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، الذي يوافق الذكرى السنوية الخامسة لثورة يناير 2011، قبل أن يعثر على جثته في الثالث من فبراير (شباط) ملقاة على مشارف العاصمة المصرية، وبها آثار تعذيب.
وقال وزير الخارجية الإيطالي أمام مجلس الشيوخ الإيطالي أمس «إذا لم يطرأ تغير في المسار (الذي تتخذه السلطات المصرية) فإن الحكومة مستعدة للتصرف واتخاذ إجراءات ستكون فورية وملائمة»، دون أن يوضح ماهية تلك الإجراءات.
وسبق أن طالب لويجي مانكوني، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان الإيطالي، الحكومة بـ«سحب السفير الإيطالي في القاهرة، والإعلان أن مصر ليست بلدا آمنا بالنسبة للسائحين».
وقالت الداخلية المصرية، نهاية مارس (آذار) الماضي، إن الشرطة عثرت على حقيبة ريجيني، وبها جواز سفره، بعد اشتباك مع تشكيل عصابي «تخصص في انتحال صفة ضباط شرطة واختطاف الأجانب وسرقتهم بالإكراه»، لكنها أكدت أنها ما زالت تحقق لمعرفة علاقة تلك العصابة بالضحية.
وقد رفض المسؤولون الإيطاليون تلك الرواية، كما شككت فيها أسرة ريجيني، وهدد والداه بنشر صورة نجلهما وعليها آثار التعذيب لزيادة الضغط على مصر. وفي مصر، وصفها كتاب بـ«الساذجة».
من جانبه، قال المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، ردا على تصريحات وزير الخارجية الإيطالي: «إنه نظرا للعلاقات القوية المتشعبة والتاريخية بين مصر وإيطاليا، على المستويين الرسمي والشعبي، وما شهدته الفترة الأخيرة من تنسيق بين الجانبين بشأن متابعة مسار التحقيقات، انتهاءً بزيارة النائب العام الإيطالي إلى مصر في منتصف الشهر الماضي، وتأكيد الجانب المصري خلال الزيارة على التزامه بالتعاون الكامل مع الجانب الإيطالي في هذه القضية، فإننا نمتنع عن التعقيب على هذه التصريحات التي تزيد من تعقيد الموقف».
ومن المقرر أن يتوجه صباح اليوم (الأربعاء) وفد مصري من أعضاء النيابة العامة، برئاسة المستشار مصطفى سليمان النائب العام المساعد، ورجال الشرطة المكلفين بالتحقيق في قضية مقتل ريجيني، إلى العاصمة الإيطالية روما، وتأمل القاهرة في أن تنجح تلك الزيارة في طمأنة الجانب الإيطالي عن سير التحقيقات في الاتجاه الصحيح، وعدم تعمد القاهرة إخفاء الحقيقة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم