«حركة نداء» تقترح تنقيح الدستور وتوسيع صلاحيات الرئيس

إثر فقدانها الأغلبية تحت قبة البرلمان التونسي

«حركة نداء» تقترح تنقيح الدستور وتوسيع صلاحيات الرئيس
TT

«حركة نداء» تقترح تنقيح الدستور وتوسيع صلاحيات الرئيس

«حركة نداء» تقترح تنقيح الدستور وتوسيع صلاحيات الرئيس

دعا سفيان طوبال، النائب في البرلمان التونسي وعضو الهيئة السياسية لـ«حركة نداء تونس»، (أحد أحزاب الائتلاف الحاكم)، إلى تنقيح الدستور التونسي الذي يضبط الوظائف العليا التي يختص بها رئيس الدولة، في اتجاه دعم سلطات الرئيس في نظام برلماني معدّل يشكو من اختلال التوازن بين السلطات الثلاث.
وقال في تصريح إعلامي إن هذه المبادرة من شأنها أن تتلافى تضارب الصلاحيات بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة، خصوصا على مستوى التعيين والإعفاء في سلكي الأمن والجيش.. مما يعني تنقيح بعض فصول الدستور التونسي المصادق عليه في شهر يناير (كانون الثاني) 2014.
وأكد أنّ التّضارب في الصّلاحيات الدستورية وتطبيق القانون يجعل رئيس الدولة عاجزا عن القيام بعدة مبادرات، وعدّ أن هذه المبادرة ستعطي لرئيس الجمهورية صلاحيات واسعة في إطار ما يضبطه القانون.
وفقدت «حركة نداء تونس» الأغلبية تحت قبة البرلمان (57 مقعدا برلمانيا) بعد استقالة 29 نائبا من كتلتها البرلمانية، ولم يعد من صلاحياتها وفق الدستور التونسي أن تختار الشخصية التي تتولى رئاسة الحكومة في حال إجراء تغيير على التركيبة الحكومية، وأصبح هذا الملف بيد حركة النهضة (69 مقعدا برلمانيا).
وعارضت حركة النهضة دعوات المحافظة على النظام الرئاسي، ودفعت نحو النظام البرلماني المحض أو المعدل لقطع الطريق أمام عودة «استبداد» الرئيس، غير أن لطفي زيتون أحد قيادييها أشار إلى إمكانية تغيير النظام وتمكين «رئيس قوي» من مجموعة من الصلاحيات حتى يتمكن من تسيير البلاد، على حد تعبيره. ويعكس هذا الموقف عدم معارضة حركة النهضة، حليف «حركة النداء» في الحكم، لعملية تنقيح الدستور. وعارضت أحزاب المعارضة ما سمتها «إرادة التوسع» التي يبحث عنها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، وقالت إن الدستور قد صادق عليه البرلمان التونسي بعد أكثر من ثلاث سنوات من النقاش. كما تكلف ما لا يقل عن 115 مليون دينار تونسي (نحو57 مليون دولار) لإنجازه، ولا يمكن تنقيح فصوله بسهولة حتى لا يتحول النظام السياسي الحالي إلى نظام رئاسي أو «رئاسوي» يعود الرئيس إلى السيطرة على مختلف جوانبه.
وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قد لمح إلى إمكانية تنقيح الدستور، وقال إنه لا يرى مانعا من ذلك، وانتقد النظام السياسي الحالي الذي أقره الدستور وقال إنه ليس مثاليا ويمكن تحسينه.
ويرى خبراء في القانون الدستوري أن الدستور التونسي الحالي جعل من الرئيس الرجل الثالث في الدولة، بعد رئيس البرلمان ورئيس الحكومة، وهو ما لم تتعود عليه الطبقة السياسية نفسها التي طالبت في أكثر من مناسبة بالتدخل، غير عابئة بما يفرضه الدستور من صلاحيات لفائدته.
وعرفت تونس جدلا واسعا بشأن صلاحيات رؤساء السلطات الثلاث وضرورة الحفاظ على التوازن فيما بينهم، واصطدمت عدة قرارات سياسية بتنازع السلطات فيما بينها. وعلى الرغم من ظاهر التناغم بين السبسي والصيد، فإن الخلافات الخفية بين «حزب النداء» الفائز في انتخابات 2014، والرئيس التونسي الباجي قائد السبسي المتمسك بالحبيب الصيد على رأس الحكومة من ناحية، ورئيس الحكومة وقيادات حزب النداء من ناحية ثانية قد تطرح تساؤلات عميقة حول مدى نجاح النظام البرلماني المعدل في إنجاح الانتقال الديمقراطي في تونس، خصوصا في ظل تنازع الصلاحيات بين الرؤساء الثلاثة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.