استنفار في عين الحلوة ومطالبات بحل أمني لمواجهة 50 متطرفًا

اللينو لـ «الشرق الأوسط» : عناصر مقربة من «داعش» و«النصرة» تهدد بأخذ المخيم إلى الهاوية

استنفار في عين الحلوة ومطالبات بحل أمني لمواجهة 50 متطرفًا
TT

استنفار في عين الحلوة ومطالبات بحل أمني لمواجهة 50 متطرفًا

استنفار في عين الحلوة ومطالبات بحل أمني لمواجهة 50 متطرفًا

لم يكد الوضع في مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين الواقع في مدينة صيدا جنوب لبنان الذي توتر مطلع الأسبوع أن يهدأ حتى عاد لينفجر مجددا في الساعات الماضية على شكل اشتباكات عنيفة بين حركة «فتح» ومجموعات متطرفة أدت لمقتل شخص وجرح أكثر من 9 آخرين.
واشتدت وتيرة الاشتباكات التي انطلقت مساء الجمعة إثر خلاف فردي بين عنصر من «فتح» وآخر من تنظيم «الشباب المسلم» الذي يضم عناصر متشددة، صباح يوم أمس السبت بحيث استخدم فيها الطرفان الرشاشات المتوسطة والثقيلة وبعض القذائف المضادة للدروع.
ويتركز التوتر في منطقة الصفصاف البركسات في الشارع الفوقاني وصولا إلى سوق الخضار، وقد أسفرت الاشتباكات عن تضرر الكثير من المنازل واحتراق عدد من السيارات ونزوح عدد كبير من العائلات باتجاه مدينة صيدا. وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية إن عضو حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» حسين عثمان قتل خلال المعارك.
واستنفر قياديو الفصائل بمسعى لاستيعاب التطورات الأمنية المتسارعة، وأعلن قائد القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في لبنان اللواء منير المقدح عن اتفاق تم بعيد اجتماعات طارئة على وقف إطلاق النار، سحب المسلحين وانتشار قيادات من القوة الأمنية في المناطق المتوترة داخل المخيم، مؤكدا أنه لا علاقة بين الاشتباكات التي اندلعت مساء الجمعة والأحداث الأمنية التي شهدها «عين الحلوة» مطلع الأسبوع.
وقال المقدح لـ«الشرق الأوسط»: «نحن كنا توصلنا لاتفاق على ملاحقة وتسليم الجناة الذين يقفون وراء عمليات الاغتيال إلا أن الاشتباكات أخّرت المباشرة بالعملية»، مشيرا إلى أن الفوضى عمّت المخيم والمدنيين حملوا السلاح دفاعا عن منازلهم وهو ما أدّى لتفاقم الأمور.
وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام، تجدد إطلاق النار والقذائف الصاروخية بعد وقت قصير من بدء تطبيق مقررات اجتماع اللجنة الأمنية العليا بتشكيل لجنتين للعمل على تثبيت الهدوء وسحب المسلحين من أماكن الاشتباكات عند مفترق سوق الخضار ومفترق بستان القدس.
ولم تنفع مساعي الناشطين المدنيين ومجموعة «المبادرة الشعبية» التي نزل عناصرها إلى الشارع للضغط لوقف إطلاق النار بمساعيهم، حتى أنّه أفيد عن إصابة أحدهم.
من جهته، حثّ رئيس التيار الإصلاحي في حركة «فتح» محمود عبد الحميد عيسى «اللينو» القيادات الفلسطينية في المخيم على اعتماد «الحل الأمني» بالتعاطي مع «المجموعات المتطرفة المشبوهة» بدلا من «العلاج بالتراضي الذي أثبت أنّه غير مجدٍ»، مشددا على وجوب اتخاذ قرار حازم بمواجهة هذه المجموعات المعروفة الهوية وموقع التواجد. وقال اللينو لـ«الشرق الأوسط»: معظم هذه المجموعات منضوٍ بإطار ما يُعرف بـ«تجمع الشباب المسلم»، وهم من المتطرفين حتى أن بعضهم مقرب من تنظيمي «داعش» والنصرة، متعاطف معها ويحمل فكرها، موضحا أن للتنظيمين المتطرفين «هيكلية غير مكتملة» داخل المخيم.
واعتبر اللينو أن هذه العناصر تهدد بأخذ «عين الحلوة» إلى الهاوية في حال لم يتم التصدي لها بالقوة، لافتا إلى أن «نحو 50 منهم يتمركزون في حي الطيري وقد حان الوقت اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق الحي». وأضاف: «القدرة على مواجهتهم متاحة لكن النية غير موجودة». فمنذ العام 2014 تتولى لجنة أمنية مشتركة تضم ممثلين عن الفصائل كافة الأمن في «عين الحلوة». وتضم اللجنة حاليا 390 عنصرا غالبيتهم من حركة «فتح» التي تغطي 70 في المائة من تكاليفها. وقد تم تسليح عناصر اللجنة الذين يرتدون زيا عسكريا موحدا إلا أن ذلك لا يعني أن مجموعات أخرى بعضها متطرف تركت سلاحها وأبرزها المجموعات المنضوية في إطار «تجمع الشباب المسلم».
أما ممثل حركة «حماس» في لبنان علي بركة، فدعا جميع العناصر المسلحة في مخيم «عين الحلوة»، إلى «وقف إطلاق النار والالتزام بقرار اللجنة الأمنية العليا وقيادة القوى الأمنية المشتركة، لجهة الالتزام بوقف إطلاق النار والانسحاب من الشوارع وإفساح المجال للقوى الأمنية المشتركة لتقوم بدورها في حفظ الأمن والاستقرار في المخيم». وطالب بركة قيادة القوى الأمنية الفلسطينية المشتركة بـ«أن تضرب بيد من حديد كل من لا يلتزم بقرار وقف إطلاق النار ويخل بأمن المخيم».
من جهتها، تابعت النائبة بهية الحريري تطورات الوضع الأمني في المخيم، وطالبت بـ«وقفة فلسطينية واحدة ضد الاقتتال بكل أشكاله في عين الحلوة، وعدم الاحتكام للسلاح في حل المشكلات التي تطرأ»، معتبرة أن «ما جرى يحمل الجميع من جديد مسؤولية مضاعفة وتكثيف الجهود للعمل من أجل تثبيت وقف إطلاق النار، وتحصينه بالحوار ومن خلال تعزيز الأطر الفلسطينية المشتركة السياسية والأمنية والأهلية، وبالتواصل والتعاون مع فعاليات المدينة والقوى الأمنية والعسكرية اللبنانية، لنزع كل فتائل وأسباب التفجير حقنا للدماء وحفاظا على سلامة أبناء المخيم وعلى أمن واستقرار صيدا ولبنان، وتصويبا للبوصلة الفلسطينية نحو فلسطين».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.