قوات الشرعية ترتب أوراقها للسيطرة الكاملة على تعز

اشتداد المواجهات في الضباب.. والمجلس العسكري للمحافظة يطالب المقاتلين باليقظة والحذر

عاملون في الهلال الأحمر اليمني يقفون بجوار قتلى من الميليشيات الحوثية سقطوا في معارك بتعز (رويترز)
عاملون في الهلال الأحمر اليمني يقفون بجوار قتلى من الميليشيات الحوثية سقطوا في معارك بتعز (رويترز)
TT

قوات الشرعية ترتب أوراقها للسيطرة الكاملة على تعز

عاملون في الهلال الأحمر اليمني يقفون بجوار قتلى من الميليشيات الحوثية سقطوا في معارك بتعز (رويترز)
عاملون في الهلال الأحمر اليمني يقفون بجوار قتلى من الميليشيات الحوثية سقطوا في معارك بتعز (رويترز)

يعمل الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في محافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية، وبإسناد من قوات التحالف التي تقودها السعودية، على ترتيب الأوراق لاستكمال عملية تحرير المحافظة من ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، بعدما طهرت كثيرًا من المواقع في الجبهة الغربية، ومديرية المسراخ، جنوب المدينة.
شهدت، أمس، منطقة وادي الأمان ومحطة الغاز الوقعة جنوب جبل (هان) وشمال حدائق الصالح، خط الضباب - تعز، معركة عنيفة، سقط فيها قتلى وجرحى من الجانبين، غير أن الميليشيات الانقلابية تكبدت خسائر كبيرة، وشوهدت الميليشيات تنقل قتلاها وجرحاها بالأطقم العسكرية وهي تمر من أمام منازل المواطنين، كما جاء على لسان قيادي في المقاومة في تصريحات لـ«لشرق الأوسط».
وكثف طيران التحالف من غاراته على مواقع وتجمعات ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح في مناطق متفرقة من مدينة تعز وأطراف المدينة وكبدهم الخسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد، وكانت من بين المواقع التي استهدفها طيران التحالف، مواقع تمركز الميليشيات في منطقة الغيل بمديرية الوازعية، وفي منطقة الفاقع غرب المدينة، ومدرسة الهاملي التي توجد فيها الميليشيات في موزع وحيفان جنوب مدينة تعز.
واحتدمت أيضا المواجهات بشكل عنيف في مديرية الوازعية وجبهة الضباب، غرب المدينة، في حين عاودت الميليشيات، الأسبوع الماضي، حصار المدينة من تلك الجبهة من خلال قطع الطريق الرئيسي بين تعز وعدن والتربة.
لكن تمكنت الميليشيات الانقلابية من السيطرة على الشقيراء، مركز مديرية الوازعية، بعد خمسة أيام من مواجهات وصفت بأنها الأعنف وراح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى من الجانبين.
وتُعد الجبهة الغربية من أكثر الجبهات اشتعالاً، وذلك لما حققته قوات الجيش والمقاومة من تقدم كبير، مقارنة بالجبهة الشمالية والشرقية، حيث تستمر الميليشيات الانقلابية في محاولاتها المستميتة من أجل استعادة مواقع خسرتها الأيام الماضية.
وقال القيادي في المقاومة الشعبية في تعز إن «مركز مديرية المسراخ سقط في أيدي الميليشيات الانقلابية بعد مواجهات عنيفة نفذت فيها ذخيرة المقاومة الشعبية، غير أن المقاومة الشعبية بدأت في إعادة ترتيب صفوفها للاستعداد في خوض معارك جديدة مع الميليشيات لاستعادة مركز المديرية». كما شهدت منطقة جبهة حيفان، جنوب تعز، هي الأخرى مواجهات عنيفة في منطقة ضبي في الأعبوس، استخدمت فيها كل الأسلحة الثقيلة والمتوسطة ورافقها قصف ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح للقرى، حيث اشتدت المواجهات في منطقة ظبي وجبل الريامي والخراص، بالإضافة إلى مواجهات في جبهة الرام والسويدة وجبل قرض.
وأكدت مصادر المقاومة أن «أبطال الجيش والمقاومة الشعبية أفشلت محاولات تسلل للميليشيات في عدة جبهات منها إفشال تسلل إلى جبل حبشي، في الوقت الذي اندلعت فيها مواجهات عنيفة في منطقة حقاية وهر بمديرية جبل حبشي غرب المدينة».
وقبل سقوط الوازعية، غرب مدينة تعز، بأيدي ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح، قالت اللجنة الإعلامية للمقاومة الشعبية في الوازعية، في بيان لها حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «أبطال المقاومة الشعبية مستمرون في عملية التصدي للهجوم الانتحاري رغم النقص الشديد الذي يعانون منه في الذخيرة والعتاد، ولن نسمح للميليشيات بالتقدم، في حين قتلنا منهم العشرات وتمكنا من تدمير كثير من معداتهم العسكرية».
وذكر البيان أن المعارك اشتدت حدتها بعد «وصول تعزيزات للميليشيات الانقلابية بأعداد كبيرة من المقاتلين وعتاد عسكري ثقيل، وذلك لفرض سيطرتها مجددا على كثير من المواقع التي خسرتها في وقت سابق وتمكن أبطال المقاومة من تحريرها».
وكان المقاتلون في صفوف المقاومة الشعبية من أبناء مديرية الوازعية، ناشدوا قيادة المنطقة العسكرية الرابعة بسرعة تعزيز وإسناد الجبهة بالأسلحة والمعدات اللازمة لصد الهجوم ودحر الميليشيات من المنطقة، خصوصا وأن حدة الاشتباكات وتعزيزات الميليشيات كبير جدا. وتسببت المعارك الدائرة في الوازعية بنزوح المئات من الأسر من مختلف مناطق المديرية. وأعلن أبناء راسن والمناطق المجاورة في مديرية الوازعية من مديرية الشمايتين، النفير العام بعد سيطرة ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح على مركز مديرية الوازعية. وعلى صعيد متصل، وجه العميد صادق سرحان، قائد لواء 22 ميكا ورئيس المجلس العسكري في محافظة تعز، ببيان وصفه بالهام، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، يدعو فيه أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية «في كل المحاور والجبهات عامة، والمحور الغربي خاصة، بالتحلي باليقظة والحذر ورصد العناصر المعادية التي قد تتسلل إلى مناطق سيطرتكم والتي تحاول الوصول إلى مناطق المقاومة واختراقها».
كما دعا العميد سرحان إلى نشر «النقاط الأمنية والتفتيش الدقيق والقبض على المشتبه بهم والضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه وعلى من تقبضون عليه من العناصر المتمردة».
في المقابل، أشاد رئيس المجلس التنسيقي للمقاومة الشعبية في تعز، الشيخ حمود سعيد المخلافي، الذي يزور حاليا محافظة الجوف، وسط البلاد بعدما أكمل زيارته لمحافظة مأرب، بالمواقف «الأخوية» لقبائل عبيدة في محافظة مأرب، وكذلك لقبائل الجوف، وذلك أثناء الاستقبال الكبير الذي لاقاه منهم وتأكيدهم على الوقوف بجانب المقاومة الشعبية في تعز.
وقال الشيخ المخلافي إن «المقاومة الشعبية في تعز استمدت صمودها في البداية من مأرب.. وإن شاء الله ستتحرر تعز وسنحتفل بالنصر على الحوافيش (الحوثيين والموالين للمخلوع صالح) في العاصمة صنعاء»، كما أطلع قائد المقاومة في تعز الحاضرين في الحفل الذي أقاموه في منطقة مطرح نخلاء على الخط الرابط بين مأرب وصنعاء، على أوضاع المقاومة الشعبية في محافظة تعز وصمود أبنائها في مواجهة الآلة العسكرية الضخمة للميليشيات الانقلابية، مؤكدا على أن «النصر قريب بإذن الله تعالى».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.