«الحنين للقاهرة القديمة» يغزو سكان العاصمة المصرية

صفحات على الإنترنت لاسترجاع معالمها التاريخية وشوارعها الهادئة

ميدان التحرير في سبعينيات القرن الماضي
ميدان التحرير في سبعينيات القرن الماضي
TT

«الحنين للقاهرة القديمة» يغزو سكان العاصمة المصرية

ميدان التحرير في سبعينيات القرن الماضي
ميدان التحرير في سبعينيات القرن الماضي

«عظمة على عظمة يا ست.. والله زمان يا فن».. لم تكن هذه الصيحة التلقائية التي أطلقها رجل عجوز بمقهى شعبي بوسط العاصمة القاهرة، مجرد تعبير عن الانتشاء بالطرب وبصوت كوكب الشرق أم كلثوم، وإنما كانت بمثابة صيرورة لأزمنة انقضت، لكن ظلالها وروائحها لا تزال حية وممتدة في الزمان والمكان. ومع تفاقم الأزمات التي تمر بها البلاد منذ عدة سنوات أصبح الحنين لهذه الأزمنة بمثابة «استراحة محارب» و«طوق نجاة» لأغلب المصريين ليستعيدوا نوعا من التوازن النفسي والهدوء الروحي، الذي أصبح بمثابة عملة نادرة، وسط حياة تغص بالصخب والضجيج واللهاث على كل المستويات.
تبلور هذا الحنين في صفحات ومواقع دشنها مصريون على مواقع التواصل الاجتماعي بالإنترنت وأخذت عناوين من قبيل: «مصر أيام زمان» و«مصر أهل زمان» و«نيل زمان».. تحاول هذه الصفحات استرجاع ذكريات ماضي القاهرة وناسها، وشوارعها، بصورة، أو لقطة من فيلم، أو أغنية، أو واقعة طريفة، وغيرها من الأشياء التي تعكس واقع الحياة، وكيف كانت تتسم بالحيوية والرحابة والأناقة والنظافة في تلك الأزمنة، وغيرها من العناصر التي أصبحت تفتقدها القاهرة في الوقت الراهن.
تقول د.إيمان سرور، أستاذ الطب النفسي وعلم الاجتماع لـ«الشرق الأوسط»: «حالة الحنين إلى الماضي التي تنتاب الكثيرين من جموع الشعب المصري الآن، وهي منتشرة أكثر في أوساط الشباب وذلك يرجع لعدة أسباب.. منها أن الواقع الذي يعيشونه الآن لا يحمل السرور والطمأنينة إلى نفوسهم، ولذلك فاللجوء إلى حالة الحلم واسترجاع الذكريات القديمة هو هروب من الواقع، في ظل مستقبل يصعب التنبؤ به وسط تخبطات سياسية واجتماعية واقتصادية ونفسية صعبة».
تضيف أستاذ الطب النفسي: «المشكلات الاجتماعية والسياسية أدت إلى تخبطات نفسية دفعت الكثير إلى التفتيش في ألبومات الذكريات لعلهم يجدون إحساسا بالطمأنينة ومعايشة الخيال الحر النقي من خلال استرجاع تلك الذكريات».
يزيد حالة «الحنين» المنتشرة لدى المصريين، صورة مصر كأم قوية حاضنة للجميع ورائدة في كثير من القطاعات والمجالات التي قطعت فيها شوطا لافتا على رأسها الفن والسينما والعمارة التي مزجت بين الطابع الأوروبي والتراث الفرعوني والقبطي والإسلامي، وكذلك الطب والزراعة. كما يشمل فضاء الحنين قادة وشخصيات تركوا إنجازات فارقة في السياسية والاقتصاد والأدب والفن، ولعبوا دورا مهما في التاريخ المصري وانحازوا لمعاني الكرامة والحرية والعدالة والفقراء والمهمشين، من بينهم: أم كلثوم، وطه حسين، وعباس العقاد، وطلعت حرب، وعبد الحليم حافظ، وأسمهان، وفايزة أحمد، وسعاد حسني.
أيمن طه، مؤسس صفحة «مصر زمان» على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» يقول: «الفكرة جاءت بعد أن لاحظت أن معظم أحاديثي مع أصدقائي تصب في استرجاع ذكريات الماضي والحنين الذي يأخذنا إلى مصر القديمة برموزها الخالدة في شتى المجالات السياسية والفنية والاقتصادية وغيرها، فكانت مصر زمان فعلا «هوليوود الشرق»، وكانت عاصمة الموضة في العالم قبل أن تصل إلى العاصمة الفرنسية باريس، مضيفا: «من منا لا يتمنى أن يرجع به الزمان إلى الوراء ليعيش يوما من أيام زمان، حيث كان كل شيء مختلفا، بداية من الشوارع والميادين حتى المارة والمواطنين الذين كانوا يتحلون بكثير من الصبر والأخلاق الكريمة»
وعلى كثير من الصفحات الإلكترونية المدشنة تحت مظلة الحنين للماضي، انتشرت صور للملك فاروق والملكة فريدة والزعيم الراحل جمال عبد الناصر والفنانة الراحلة ليلى مراد والأديب عباس محمود العقاد وغيرهم من الرموز الوطنية القديمة، هذا بجانب عرض صور للشوارع والميادين العامة، وهي تكاد تكون خالية من المارة، وبعض الإعلانات القديمة بالأبيض والأسود مع التركيز على انهيار الذوق العام والأخلاق والمثل في الزمن الحديث، حتى إن بعضهم وضع صورة لإحدى الفتيات قديما تمشي في ميدان الأوبرا معلقا (أول ظهور للميني جيب في ستينات وسبعينات القرن الماضي وكانت صدمة وقتها لكثير من المصريين!) وسط تعليقات ساخرة لكثير من الأعضاء.
محمد كريم، القائم على إحدى هذه الصفحات يبرر الإقبال غير العادي عليها قائلا: «طبيعي عندما نفتقد الكرامة والرقي والتقدم والمثل العليا والقيم والريادة التي كنا نعرف بها لعقود طويلة في كثير من المجالات على مستوى العالم. لذلك نحن إلى أيام زمان ومصر القديمة التي نجد فيها روحا وطعما خاصين لمعاني الرقي والجمال والتحضر»، مضيفا: «لا أنكر أننا دشنا هذه الصفحات كونها تساعدنا على استرجاع الذكريات والعيش في الماضي الذي كان وما زال أجمل من الحاضر بكثير».
يشار في هذا السياق إلى أن القاهرة حصلت في عام 1922 على المركز الأول لأجمل مدينة في العالم، تلتها باريس، ثم لندن.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.