طيران النظام يكثف غاراته على ريف حلب الجنوبي لتعويض الانسحاب الروسي

مدفعيته استهدفت مراكز طبية قرب الحدود التركية.. و3 انفجارات تضرب حمص

مقاتلو المعارضة يراقبون مواقع قوات النظام في قرية مكحلة بريف حلب الجنوبي (رويترز)
مقاتلو المعارضة يراقبون مواقع قوات النظام في قرية مكحلة بريف حلب الجنوبي (رويترز)
TT

طيران النظام يكثف غاراته على ريف حلب الجنوبي لتعويض الانسحاب الروسي

مقاتلو المعارضة يراقبون مواقع قوات النظام في قرية مكحلة بريف حلب الجنوبي (رويترز)
مقاتلو المعارضة يراقبون مواقع قوات النظام في قرية مكحلة بريف حلب الجنوبي (رويترز)

اتهمت المعارضة السورية طائرات النظام بمواصلة قصفها المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حلب الجنوبي، معلنة أن هذه الطائرات استهدفت فجر أمس، بأكثر من عشرة براميل متفجرة، قرية بردة وجبل الأربعين ومحيط تل البنجيرة الواقعة جميعها على محور القتال مع القوات النظامية، كما شنت غارات على قرى طلافح والكسيبة والبوابة وزمار الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حلب الجنوبي، أسفرت عن وقوع عشرات الإصابات وتدمير هائل في المنازل.
ويأتي نشاط الطيران الحربي السوري المكثف في أجواء ريف حلب الجنوبي، بعد انسحاب القوات الروسية التي كانت تساند القوات النظامية بالقصف الجوي على مختلف جبهات القتال مع فصائل المعارضة في هذه المناطق.
إلى ذلك، تظاهر أمس آلاف في مدينة معرة النعمان الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف إدلب الشرقي، ضد النظام و«جبهة النصرة» وتنظيم جند الأقصى المتهم بارتباطه بـ«داعش»، طالبوا خلالها بـ«إسقاط النظام وخروج الجبهة من المدينة وعودة الفرقة 13 التابعة للجيش السوري الحر إليها». وأعلن الناشط الإعلامي المعارض محمد الإبراهيم، أن المتظاهرين «أتوا من مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، وقرى وبلدات ريف إدلب الشرقي، إضافة إلى سكان معرة النعمان، ورفعوا خلال المظاهرة راية الفرقة ولافتات مناهضة للنصرة». وقال الإبراهيم: «أهالي معرة النعمان والمناطق المجاورة منزعجون جدًا من (جبهة النصرة)، بسبب استمرارها في اعتقال عناصر من الفرقة واستيلائها على مقراتها منذ عشرين يومًا، سيما أن للفرقة شعبية كبيرة، بسبب تنفيذها عدّة مشاريع خدمية، وكون معظم عناصرها من أبناء المنطقة».
وعلى جبهة دير الزور، استهدف تنظيم داعش بقذائف الهاون والمدفعية حي الجورة الخاضع لسيطرة القوات النظامية في مدينة دير الزور، مما أسفر عن سقوط جرحى وأضرار مادية. وأفادت شبكة «دير الزور برس»، بأن «13 قذيفة هاون ومدفعية محلية الصنع على الأقل سقطت قرب فرن الجاز وجامع حمزة وشارع السجن وسط الحي، مما أدى إلى إصابة ثمانية مدنيين بجروح خطرة بينهم طفلان، نقلوا إلى النقاط الطبية في الأحياء الخاضعة لسيطرة القوات النظامية لتلقي العلاج».
وتحدثت الشبكة عن «اشتباكات متقطعة دارت بين التنظيم والقوات النظامية في حيي الصناعة والرشدية شرق المدينة، إثر محاولة الأخيرة استعادة بعض النقاط التي خسرتها مؤخرا، تزامنا مع غارات للطيران النظامي استهدفت حي الحويقة والمطار القديم، بحسب المصدر ذاته. في حين اعتقل عناصر جهاز الحسبة التابع للتنظيم، عشرين شابًا في مدينة الميادين الخاضعة لسيطرته بريف دير الزور الشرقي، بتهمة «مخالفة القوانين والأحكام الشرعية».
وفي ريف اللاذقية، استهدفت القوات النظامية بقذائف الهاون، مشفى أسامة أبلق الميداني، ومركز فلوكا الحرية للعلاج الفيزيائي في قرية اليمضية الخاضعة لسيطرة المعارضة قرب الحدود التركية. وقال الطبيب أيمن السليمان، العامل بالمشفى الميداني، لـ«مكتب أخبار سوريا»، إن القوات النظامية «قصفت بخمس قذائف هاون المشفى والمركز الصحي القريب منه». وأوضح أنه «تم إخلاء المشفى والمركز من الكادر الطبي والمرضى، جراء استمرار القصف النظامي على القرية التي بأكثر من خمسين صاروخا وقذيفة، في حين نقل قسم من المرضى إلى النقطة الطبية في عين البيضا بريف إدلب والقسم الآخر إلى المشافي التركية لمتابعة العلاج».
وفي مدينة الرستن الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حمص الشمالي، تظاهر المئات من أبناء المدينة، مطالبين بدخول المساعدات إلى المدينة، نظرًا لسوء الأحوال المعيشية لأغلب السكان. كما خرجت مظاهرة في مدينة تلبيسة المجاورة، بعد صلاة الجمعة أمس.
على صعيد آخر، جرح سبعة مدنيين أمس، جراء انفجار عبوات ناسفة في عدة أحياء خاضعة لسيطرة القوات النظامية في مدينة حمص. وأعلن ناشطون في المدينة، أن «ثلاث عبوات ناسفة انفجرت في شارع الحضارة وحيي عكرمة والحمراء بالمدينة، مما أدى إلى إصابة سبعة مدنيين بجروح مختلفة، نقلوا إلى المشفى لتلقي العلاج، إضافة إلى أضرار مادية في المناطق المستهدفة، فيما انتشر عناصر أمن النظام، عقب الانفجارات، بكثافة في حي الزهراء، ومشطوا الشوارع الرئيسية بحثا عن عبوات أخرى قد تكون مزروعة أيضا».
أما في المحور الجنوبي الغربي من مدينة القريتين بريف حمص الشرقي فقد دارت اشتباكات عنيفة بين تنظيم داعش والقوات النظامية، إثر محاولة الأخيرة السيطرة عليها، من دون أن تحرز أي تقدم، في حين استهدف عناصر التنظيم بصاروخ موجه دبابة نظامية في محيط المدينة، مما أدى إلى تدميرها ومقتل طاقمها. علما بأن القوات النظامية تحاول منذ أكثر من أسبوع اقتحام القريتين، عقب سيطرتها على التلال المحيطة، إلا أن التنظيم نجح حتى الآن بالتصدي لها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم