البيت الأبيض: أزلنا مخزونات اليورانيوم عالي التخصيب من 3 دول

أصبحت أميركا اللاتينية والكاريبي خاليتين من اليورانيوم

البيت الأبيض: أزلنا مخزونات اليورانيوم عالي التخصيب من 3 دول
TT

البيت الأبيض: أزلنا مخزونات اليورانيوم عالي التخصيب من 3 دول

البيت الأبيض: أزلنا مخزونات اليورانيوم عالي التخصيب من 3 دول

أكد مسؤولو البيت الأبيض تحقيق لنتائج ملموسة في مجال تأمين المواد النووية ومنع تهريبها، والتأكد من عدم حصول الجماعات الإرهابية على تلك المواد. وأوضح البيت الأبيض أنه منذ قمة الأمن النووي السابقة في مارس (آذار) 2014، تم تقليل اليورانيوم عالي التخصيب في عدد كبير من الدول التي من المحتمل أن تكون هدفا محتملا للإرهابيين، وشملت تلك الجهود إغلاق المفاعلات وإزالة المواد النووية واستبدال التكنولوجيات ومنع المواد النووية الحساسة من الوقوع في الأيدي الخطأ. وتم إغلاق أربعة مفاعلات لليورانيوم عالي التخصيب، اثنان في روسيا وواحد في أوزبكستان وواحد في سويسرا. كما نجحت الولايات المتحدة في إزالة 450 كيلوغراما من اليورانيوم عالي التخصيب من عشر دول هي بولندا وكازاخستان وكندا وسويسرا وجامايكا، وأوزبكستان والنمسا وألمانيا واليابان والأرجنتين.
وقال البيت الأبيض في بيان إن الولايات المتحدة تعاونت مع الأرجنتين للقضاء على مخزونات الأرجنتين من اليورانيوم عالي التخصيب، وتمت إزالة 40 كيلوغراما من اليورانيوم عالي التخصيب، وتبقت فقط 4 كيلوغرامات من اليورانيوم عالي التخصيب لم يكن ممكنا إعادتها إلى الولايات المتحدة بسبب شكلها وتكوينها. وبالتخلص من المخزون الأرجنتيني أصبحت أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي خالية من اليورانيوم عالي التخصيب، ولا يملك أي بلد في أميركا اللاتينية أكثر من كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب.
وعملت ألمانيا مع الولايات المتحدة منذ عام 1996 لإزالة أكثر من 135 كيلوغراما من اليورانيوم عالي التخصيب، وأعلن البيت الأبيض أنه خلال القمة اتفق البلدان على إزالة البلوتنيوم الزائد واليورانيوم عالي التخصيب من ألمانيا وشحنه إلى الولايات المتحدة، وتم شحن تلك المواد في 19 شحنة من ألمانيا إلى الولايات المتحدة.
وأعلن رئيس الوزراء الياباني شنزو آبي أن بلاده أكملت إزالة جميع اليورانيوم عالي التخصيب ووقود البلوتنيوم في توقيت متقدم عن الموعد الذي تم تحديده مع الولايات المتحدة خلال قمة الأمن النووي في لاهاي عام 2014، وقال شنزو آبي في تصريحات للصحافيين أن تقليل المخزون من اليورانيوم عالي التخصيب في العالم سيساعد على منع جهات غير مرخص لها ومنع الجماعات الإرهابية من الحصول على هذه المواد.
وأكد رئيس الوزراء الياباني تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة في مجال التدريب لأمني لحماية المنشآت والمواد النووية وتأمين وسائل نقل تلك المواد وإنشاء مراكز للدعم لمنع انتشار الأسلحة النووية وبناء قدرات العاملين في المنشآت، إضافة إلى وضع إطار عمل لتبادل المعلومات السرية في مجال الأمن النووي.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.