الأسد يلتف على القرارات الأممية ويطرح انتخابات مبكرة

أتاسي: يعمل على تقويض انتقال سياسي حقيقي كما ورد ببيان جنيف

مقاتلون من الفصائل المعارضة يقدمون عرضا عسكريا في حفل تخرجهم بمعسكر تدريب شمال مدينة حماه وسط سوريا أمس (رويترز)
مقاتلون من الفصائل المعارضة يقدمون عرضا عسكريا في حفل تخرجهم بمعسكر تدريب شمال مدينة حماه وسط سوريا أمس (رويترز)
TT

الأسد يلتف على القرارات الأممية ويطرح انتخابات مبكرة

مقاتلون من الفصائل المعارضة يقدمون عرضا عسكريا في حفل تخرجهم بمعسكر تدريب شمال مدينة حماه وسط سوريا أمس (رويترز)
مقاتلون من الفصائل المعارضة يقدمون عرضا عسكريا في حفل تخرجهم بمعسكر تدريب شمال مدينة حماه وسط سوريا أمس (رويترز)

أعلن الرئيس بشار الأسد أنه مستعد لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في حال توفرت «رغبة شعبية» وذلك خلال مقابلة أجراها مع وكالة ريا نوفوستي الروسية، ونشرتها وكالة الأنباء السورية (سانا)، أمس، في حين رأت عضو وفد المعارضة المفاوض في مباحثات جنيف سهير أتاسي، أن تصريح الأسد حول الانتخابات المبكرة يشكّل تحديًا ورفضًا واضحًا لقرارات الشرعية الدولية، التي تستند جميعها إلى التنفيذ الكامل لبيان جنيف، وتتحدث عن تشكيل هيئة حكم انتقالي وحدها الضامن لتأمين البيئة الآمنة والمحايدة التي تمكن الشعب السوري من استعادة حقوقه الدستورية.
وكان الأسد قد تساءل في حواره: «هل هناك رغبة شعبية بانتخابات رئاسية مبكرة؟ إذا كان هناك مثل هذه الرغبة فأنا لا توجد لدي مشكلة. هذا طبيعي عندما يكون استجابة لرغبة شعبية وليس استجابة لبعض القوى المعارضة».
وأضاف: «بالمبدأ.. أنا لا توجد لدي مشكلة، لأن الرئيس لا يستطيع أن يعمل دون دعم شعبي، وإذا كان لدى هذا الرئيس دعم شعبي فيجب أن يكون مستعدًا دائمًا لمثل هذه الخطوة».
وهذه هي المرة الأولى التي يعرب فيها الأسد عن استعداده لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وجرت آخر انتخابات رئاسية في يونيو (حزيران) 2014، حيث أعيد انتخاب الأسد لدورة رئاسية جديدة من 7 سنوات بحصوله على 88.7 في المائة من الأصوات.
وأكد الأسد في المقابلة التي نُشرت على جزأين يومي الأربعاء والخميس: «أستطيع أن أقول بالمبدأ: لا توجد لدينا مشكلة. ولكن لكي نقوم بهذه الخطوة فنحن بحاجة إلى رأي عام في سوريا، وليس رأيًا حكوميًا أو رأي رئيس».
ويشكل مستقبل الأسد نقطة خلاف جوهرية في مفاوضات جنيف التي اختتمت جولتها الأولى الأسبوع الماضي، على أن تُستأنف في التاسع من الشهر الحالي. وتطالب الهيئة العليا للمفاوضات برحيله مع بدء المرحلة الانتقالية فيما يصر الوفد الحكومي على أن مستقبله يتقرر فقط عبر صناديق الاقتراع.
وتتحدث خريطة الطريق التي تتبعها الأمم المتحدة في مفاوضات جنيف عن انتقال سياسي خلال ستة أشهر، وصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات خلال 18 شهرًا، من دون أن تحدد شكل السلطة التنفيذية التي ستدير البلاد أو تتطرق إلى مستقبل الأسد.
وأضاف الأسد خلال المقابلة: «الأفضل بالنسبة لنا في سوريا على ما أعتقد هو أن ينتخب الرئيس مباشرة من قبل المواطنين وليس من خلال البرلمان». واعتبر أنه «كلما كانت هناك مشاركة أوسع من قبل السوريين، كل من يحمل جواز سفر وهوية سورية، كانت هذه الانتخابات أكثر قوة من خلال تأكيد شرعية الدولة والرئيس والدستور المشرف على هذه العملية».
ويشمل ذلك، وفق قوله: «كل سوري سواء كان داخل سوريا أو خارج سوريا». وأشار في الوقت ذاته إلى أن «عملية الانتخابات خارج سوريا هي قضية إجرائية ولا تُناقش كمبدأ سياسي (...) ولكن كيف تتم هذه الانتخابات؟ هذا موضوع لم نناقشه بعد لأن موضوع الانتخابات الرئاسية المبكرة لم يطرح بالأساس».
وأوضح: «هذا موضوع يرتبط بالإجراءات التي تمكن هؤلاء من المجيء إلى صندوق تشرف عليه الدولة السورية». عضو الهيئة العليا للتفاوض وعضو وفد المعارضة المفاوض في مباحثات جنيف سهير أتاسي، قالت إن تصريح الأسد حول الانتخابات المبكرة لا يشكّل التفافًا على جوهر العملية السياسية، فحسب، بل ويشكّل تحديًا ورفضًا واضحًا وعلنيًا لقرارات الشرعية الدولية، التي تستند جميعها إلى التنفيذ الكامل لبيان جنيف وتتحدث عن تشكيل هيئة حكم انتقالي، وحدها الضامن لتأمين البيئة الآمنة والمحايدة التي تمكن الشعب السوري من استعادة حقوقه الدستورية.
وتابعت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الحديث عن هيئة حكم انتقالي كاملة السلطات التنفيذية، طبقًا لقرار مجلس الأمن 2254 واستنادًا إلى بيان جنيف، قائم على ألا يكون لبشار الأسد وأركان حكمه وجميع من تلطخت أيديهم بدماء السوريين دور فيها، بدءًا من المرحلة الانتقالية التي تحدد جدولاً زمنيًا وعمليًا لإعداد دستور جديد وتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية على أسس الدستور الجديد، وتحت إشراف الأمم المتحدة ضمن أعلى درجات الشفافية والمعايير الدولية، خلال 18 شهرًا من تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، ويشارك في هذه الانتخابات جميع السوريين والقادرين على المشاركة في مناطق الشتات.
وانتهت إلى القول إن كل من يعمل على خلط هذه المراحل الزمنية بعضها ببعض، فهو يعمل على تقويض انتقال سياسي حقيقي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.