حوارات المصالحة الفلسطينية فشلت في الدوحة وقد تنتقل إلى القاهرة

برنامج «حكومة الوحدة» وملف موظفي حماس على حالهما ولا حلول

حوارات المصالحة الفلسطينية فشلت في الدوحة وقد تنتقل إلى القاهرة
TT

حوارات المصالحة الفلسطينية فشلت في الدوحة وقد تنتقل إلى القاهرة

حوارات المصالحة الفلسطينية فشلت في الدوحة وقد تنتقل إلى القاهرة

أكدت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاءات المصالحة التي عقدت السبت في الدوحة، بين وفدي حماس وفتح، فشلت مرة أخرى في تجاوز العقبات الرئيسية، ما أدى إلى اتفاق على مزيد من التشاور.
وقالت المصادر، إن الوفدين لم ينجحا في تجاوز الخلاف حول البرنامج السياسي لحكومة الوحدة المتفق على إقامتها. كما فشلا في الاتفاق على ملف موظفي الحكومة السابقة التابعة لحماس.
وبحسب المصادر، فإن كل وفد تمسك بوجهة نظره حيال الملفين. وقالت المصادر إن حركة فتح تصر على إقامة حكومة وحدة تلتزم ببرنامج منظمة التحرير والرئيس، وتكون مهمتها حل المشاكل العالقة في قطاع غزة، والتجهيز لانتخابات عامة بعد 3 شهور. لكن حماس ترفض برنامج المنظمة وتريد برنامجا يشير إلى دعم المقاومة. كما أن فتح ترفض توظيفا فوريا لموظفي حماس السابقين، وتقول إن الأمر تتم تسويته وفق اتفاق سابق بأن تتولى لجنة قانونية الأمر. وتصر حماس على توظيفهم ضمن حكومة الوحدة المقبلة.
وحول الملفات الأخرى، قالت المصادر، إن حسمها لم يتم، وما جرى كان تقريبا لوجهات النظر، خصوصا حول دعوة الإطار القيادي لمنظمة التحرير للاجتماع، والعمل على الدعوة لانتخابات تشمل كذلك المجلس الوطني الفلسطيني.
ولقاء السبت في الدوحة هو اللقاء الثاني بين وفدي حماس وفتح في محاولة للتوصل إلى اتفاق حكومة وحدة.
وكان الوفدان اجتمعا في السابع والثامن من شهر فبراير (شباط) الماضي بدعوة من قطر، وأعلنتا آنذاك توصلهما إلى «تصور عملي» لتحقيق المصالحة على أن يتم تداوله والتوافق عليه في المؤسسات القيادية للحركتين ليأخذ مساره إلى التطبيق العملي على الأرض.
ووصفت المصادر ذلك بمحاولة لإعطاء الحوار فرصة، وقالت إن الحقيقة الكاملة هي أن الاتفاق موجود أصلا منذ سنين وينتظر التطبيق فقط.
وكان آخر اتفاق بين حماس وفتح جرى في أبريل (نيسان) 2014 في غزة، أعقبه ورقة تفاهمات في سبتمبر (أيلول) في القاهرة، نصت على تمكين حكومة التوافق الوطني، وإصدار المرسوم الخاص بدعوة المجلس التشريعي للانعقاد، والبدء بممارسة مهامه المنصوص عليها في النظام الأساسي، وإنصاف جميع الموظفين المعينين قبل وبعد 14 يونيو (حزيران) 2014، وفق الأنظمة والقوانين التي تنظم عملهم، ومتابعة الجهود السياسية والتحركات من قبل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، وبشكل خاص لجنة تفعيل منظمة التحرير (الإطار القيادي المؤقت) وتطويرها، والتأكيد على سرعة تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات وفق ما ورد في الاتفاقيات والتفاهمات. ولم ينجح الفصيلان في أن يرى الاتفاق النور، عدا تشكيل حكومة التوافق التي يريد الفصيلان، الآن، استبدال حكومة وحدة وطنية بها لتقوم بكل العمل.
وفيما فشل الطرفان في التوافق في الدوحة، واصل وفد حماس لقاءاته مع المخابرات المصرية في مصر في محاولة أخرى للاتفاق على تطبيع العلاقات. وكان وفد حماس، استمع إلى نصائح من مصر حول ضرورة إتمام المصالحة الفلسطينية، لأن عودة السلطة إلى غزة، هي مفتاح الكثير من الحلول بما في ذلك فتح معبر رفح.
ونفى مصدر في حماس أي علاقة بين الفشل في الدوحة والمباحثات في مصر. وقال إن مصر لم تعترض على حوارات الدوحة، بل دفعت باتجاه الاتفاق. وقدر المصدر أن نجاح الحوارات في مصر سينعكس على المصالحة من دون شك. من دون أن يؤكد ما إذا كان يمكن أن تنتقل المباحثات إلى مصر أو لا.
وثمة تقديرات في رام الله بأن رضا مصر عن حماس، هو العامل الحاسم في استضافة مباحثات في القاهرة.
وأبدت حماس في مصر حرصا كاملا على الأمن المصري ودور مصر التاريخي وعلاقتها مع القاهرة، ووافقت على جميع الطلبات المصرية.
ويرى مراقبون استحالة نجاح المصالحة من دون مصر. وكتب المحلل السياسي هاني المصري، أن الرعاية القطرية، للحوار الفتحاوي الحمساوي، تقلل من فرص نجاحه: «لأن قطر لا تملك مفاتيح الأقفال التي تُغلق أبواب المصالحة، لذا تمّ التجاوب مع دعوتها من قبيل المجاملة، فمفتاح الكثير من الأقفال التي تعيق إنجاز الوحدة بيد مصر، وهي لن تكون متحمسة لفتحها(...) لذا لن يسّر القاهرة أن تقطف الدوحة ثمار المصالحة التي رعتها منذ حكم مبارك، مرورًا بحكم المجلس العسكري ومرسي، وانتهاء بالسيسي، وفي وقت فيه حماس على خصومة مع مصر..».
وأضاف المصري: «هناك أسباب فلسطينية تدفع بعدم إنجاز الوحدة، وتعاظم تأثيرها في السنوات الأخيرة بعد تراجع تأثير الأسباب الخارجية للانقسام، ما عدا العامل الإسرائيلي الذي لا يزال فاعلاً كون الانقسام الدجاجة التي تبيض ذهبًا لإسرائيل. فالأسباب الفلسطينية تبقى أولاً، ولو توفرت القناعة والإرادة والمصلحة لدى (فتح) و(حماس) لإنهاء الانقسام، لما استطاعت العوامل الخارجية أن تحول دون إنجاز الوحدة، ولو كان الشعب حاضرًا، وليس فقط الفصائل، لما حصدنا الثمار الخبيثة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.