مخاوف من توجه عناصر «داعش» إلى الحدود اللبنانية

اشتباكات عنيفة بين التنظيم و«جبهة النصرة» في جرود عرسال

مخاوف من توجه عناصر «داعش» إلى الحدود اللبنانية
TT

مخاوف من توجه عناصر «داعش» إلى الحدود اللبنانية

مخاوف من توجه عناصر «داعش» إلى الحدود اللبنانية

تتضاعف المخاوف في لبنان من توجه العشرات من عناصر «داعش» خلال الساعات المقبلة من الداخل السوري إلى الحدود اللبنانية الشرقية حيث تدور اشتباكات عنيفة بين التنظيم و«جبهة النصرة» منذ يومين، وسط معلومات عن إمكانية وصول ما بين 100 إلى 200 عنصر جديد إلى المنطقة على خلفية هربهم من مدينة تدمر التي استعاد النظام السوري السيطرة عليها وبعيد إطلاقه معركة جديدة لاستعادة القريتين الواقعة في ريف حمص الجنوبي الشرقي والتي يسيطر عليها «داعش» أيضا.
وتقول مصادر لبنانية مطلعة إن هناك ترقبا لوصول العشرات من عناصر التنظيم إلى الجرود الشرقية للبنان بعد أن هرب الكثير منهم من تدمر، فتوجهوا إما شرقا إلى منطقة السخنة كمحطة باتجاه مدينة دير الزور أو غربا إلى مدينة القريتين كمحطة باتجاه المنطقة الحدودية اللبنانية – السورية، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الأعداد المتوقع وصولها تتراوح ما بين 100 إلى 200 عنصر ينضمون لما بين 600 و1000 مسلح من «داعش» و«جبهة النصرة» يسيطرون على المنطقة. وهذا ما رجّحه أيضًا هشام جابر، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن إمكانية أن تتضاعف أعداد مسلحي «داعش» في المرحلة المقبلة في الجرود الشرقية للبلاد مع وصول دفعات جديدة منهم إليها، هربا من الضربات الجوية المكثفة التي يتعرضون لها في سوريا والعراق من طيران التحالف الدولي كما الطيران الحربي الروسي والسوري، معتبرا أنّهم «سيكونون في لبنان بمنأى عن القصف بعد تسللهم إليه وتمركزهم في الأراضي اللبنانية المحتلة التي يسيطر زملاؤهم على القسم الأكبر منها مقابل الربع فقط الذي تسيطر عليه «النصرة». وقال جابر إن «قوة داعش في لبنان تضاعفت في الشهرين الماضيين 3 مرات، وقد بات هناك خوف جدي من تكرار هذه العناصر محاولة احتلال عرسال في ظل تزايد حاجتهم لرئة يتنفسون منها».
وقبل يومين انفجرت الخلافات مجددا بين عناصر «داعش» و«النصرة» في المنطقة الحدودية اللبنانية الشرقية التي يتقاسمان السيطرة عليها، لتحتدم في الساعات القليلة الماضية الاشتباكات بينهما ما أدّى لسقوط العشرات من القتلى في صفوفهما. وفي هذا السياق، قال ثائر القلموني، مدير «مكتب القلمون الإعلامي» لـ«الشرق الأوسط» إن «الاشتباكات اندلعت مساء الأحد بعد هجوم (النصرة) لاستعادة السيطرة على موقع لـ(داعش) يقع في نقطة الزمراني خسرته قبل مدة، ما أدّى لسقوط العشرات من القتلى، فيما تستمر المعارك على أكثر من محور».
ويسيطر «داعش»، بحسب القلموني، على مناطق في جرود قارة وجراجير ورأس بعلبك وبعض المناطق في جرود عرسال، أما «النصرة» فتسيطر على معظم المناطق في جرود عرسال ومناطق أخرى من جرود القلمون منها جرود فليطة ومناطق بسيطة من جرود جراجير.
وفيما رجّحت مصادر أمنية «سقوط أكثر من 20 قتيلا من الطرفين اثر الاشتباكات التي اندلعت اثر خلافات عقائدية وعلى نفوذ»، قالت مصادر ميدانية إن «اشتباكات عنيفة بين مسلحي «جبهة النصرة» وتنظيم داعش مستمرة على طول خطوط التماس بين التنظيمين في أعالي جرود عرسال ورأس بعلبك في وادي ميرا وعند معبر الزمراني وصولا حتى جرود الجراجير. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية بأن اللبناني مجد محمد عبد المجيد الحجيري الملقب بـ«أبو البراء»، قتل في المعارك خلال قتاله إلى جانب «النصرة»، ولا تزال جثته في الجرود منذ الأحد.
وتأتي هذه التطورات بعد أيام على تعرّض دورية تابعة للجيش في منطقة عرسال، لانفجار عبوة ناسفة، ما أدّى إلى مقتل أحد العسكريين وإصابة ثلاثة آخرين، وهو مشهد يتكرر كل فترة علما.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.