«مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة».. فسيفساء عالمية

الهند «ضيف شرف» الدورة الـ22.. وتكريم الراحلة فاطمة المرنيسي

مجموعة «الدراويش الدوارة» من إسطنبول  -  الفنانة المغربية سميرة سعيد
مجموعة «الدراويش الدوارة» من إسطنبول - الفنانة المغربية سميرة سعيد
TT

«مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة».. فسيفساء عالمية

مجموعة «الدراويش الدوارة» من إسطنبول  -  الفنانة المغربية سميرة سعيد
مجموعة «الدراويش الدوارة» من إسطنبول - الفنانة المغربية سميرة سعيد

يخصص «مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة» دورته الـ22، التي تنظم تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس ما بين 6 و14 مايو (أيار) المقبل، لـ«النساء المشيدات».
ويقول المنظمون إن هذا الاختيار يعبر عن «تيمة مستمدة من حياة وأعمال هؤلاء النساء اللواتي تركن بصماتهن في التاريخ، على غرار فاطمة الفهرية التي يعود إليها الفضل في تشييد مسجد وجامعة القرويين، وقريناتها من النساء البارزات في العالم».
أما «منتدى فاس»، الذي يحتضنه الفضاء التاريخي لحديقة «جنان السبيل»، والذي يسعى إلى «إضفاء الروح على العولمة»، فيعرف مشاركة نخبة من أبرز المفكرين والمثقفين، في حوار حول المرأة والأنوثة والنسوية والمعارك والرهانات الاجتماعية المتفرعة عنها. وسيدير جلسات اليومين الأخيرين، من المنتدى، إيف ميشو، الفيلسوف والكاتب الفرنسي المعروف، ومحمد المطالسي، عميد كلية العلوم الإنسانية في الجامعة الأورو - متوسطية بفاس، كما سيتم تكريم عالمة الاجتماع الراحلة فاطمة المرنيسي، ابنة فاس والمناضلة البارزة من أجل المساواة بين الجنسين.
وسيكون الافتتاح الرسمي للمهرجان في فضاء «باب الماكنة»، الذي سيحتضن عرضا فنيا، بعنوان «سماء مرصعة بالنجوم»، يحكي بأسلوب مجازي عن مصائر نساء شهيرات وعن أحلامهن ومعاركهن، عبر مزيج من الأغاني والمعزوفات والرقصات المزينة بسحر الما بينغ (الصور الضوئية) والإيقاعات والأنغام المتناسقة التي ستعزفها أوركسترا ضخمة.
وسيضفي ذلك على الحفل بريقا خاصا وأجواء متميزة. وسيحتضن نفس الفضاء، في اليوم الموالي، عرضا ثانيا تمهيدا للاستقبال الذي يخصصه المهرجان للهند، البلد الصديق و«ضيف الشرف» دورة، حيث سيكون الجمهور على موعد مع عرض «داربار» المتألق في ليل حافل بالمهارة الهندية الساحرة. كما سيحتضن «باب الماكنة» في الليلة السابعة من التظاهرة عرضا من أداء «مجموعة الطرب الأندلسي» بقيادة الأستاذ محمد بريول ومشاركة مجموعة «الدراويش الدوارة» من إسطنبول، على أن يستقبل نفس الفضاء، في الليلة الموالية: «أوركسترا كوكب الشرق» من القاهرة لتكريم سيدة الغناء العربي أم كلثوم، قبل أن يكون الجمهور في ليلة الاختتام مع الفنانة سميرة سعيد.
بدورهم، يقول المنظمون إن مدينة فاس ستكون كلها، بما أوتيت ساكنتها من كرم الضيافة، جاهزة لاستقبال عروض المهرجان، إلى جانب فضاءات أخرى، كحديقة «جنان السبيل» وقاعة «العمالة (المحافظة)» والمركب الثقافي «سيدي محمد بن يوسف» و«دار عديل» و«دار بنسودة»، التي ستحتضن، هي الأخرى، الكثير من المجموعات الموسيقية والفنانين القادمين من مختلف المناطق والثقافات العالمية، مع تخصيص فضاءات مناسبة للشباب والمواهب المغربية الواعدة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».