تنديدات دولية بالهجوم الدموي الذي نفذته طالبان في لاهور الباكستانية

استهدف متنزها مكتظا بالأشخاص

تنديدات دولية بالهجوم الدموي الذي نفذته طالبان في لاهور الباكستانية
TT

تنديدات دولية بالهجوم الدموي الذي نفذته طالبان في لاهور الباكستانية

تنديدات دولية بالهجوم الدموي الذي نفذته طالبان في لاهور الباكستانية

أعلنت حركة طالبان باكستان، اليوم (الاثنين)، تبنيها للاعتداء الانتحاري الذي أوقع 72 قتيلا في متنزه مكتظ في لاهور أمس (الأحد).
وأعلن إحسان الله احسان المتحدث باسم فصيل «جماعة الأحرار» التابع لحركة طالبان في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية، «لقد نفذنا هجوم لاهور لأننا نستهدف مسيحيين»، متوعدا بأن يشن الفصيل في المستقبل هجمات أخرى من بينها ضد مدارس وجامعات.
وكانت الشرطة الباكستانية أعلنت الاثنين ارتفاع حصيلة الاعتداء إلى 72 قتيلا بعد أن كانت حصيلة سابقة تشير إلى سقوط 75 قتيلا وإصابة 340 آخرين بجروح عندما فجر انتحاري نفسه قرب ملعب للأطفال في المتنزه.
إلا أن حيدر أشرف الضابط في الشرطة كان أعلن أن «المسيحيين لم يكونوا المستهدفين في الاعتداء لأن غالبية الضحايا من المسلمين. الجميع يقصدون المتنزه».
وفي السنوات الماضية تعرضت كنائس لهجمات في لاهور.
وتستهدف مجموعات متطرفة مسلحة في باكستان الأقلية المسيحية التي تشكل نحو 2% من عدد سكان باكستان المسلمين بغالبيتهم والذي يناهز 200 مليون نسمة.
من ناحية أخرى، دانت الأمم المتحدة وأميركا وفرنسا، الهجوم الانتحاري الذي استهدف احتفالا للمسيحيين بعيد الفصح في مدينة لاهور الباكستانية.
ودعا المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في بيان، إلى ملاحقة المتورطين في الهجوم وتقديمهم إلى العدالة في أسرع وقت ممكن، وطالب الحكومة الباكستانية ببذل قصارى جهودها لاتخاذ تدابير وقائية لتوفير الحماية الشخصية للأفراد، بمن فيهم أفراد الأقليات الدينية.
وأعرب بان كي مون عن تعازيه الحارة لعائلات الضحايا، مؤكدا تضامنه معهم والشعب والحكومة الباكستانيين.
من جانبها، نددت الولايات المتحدة الأميركية في بيان أصدره البيت الأبيض بالهجوم «الإرهابي المروع».
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي نيد برايس «إن الهجوم.. الفعل الجبان الذي استهدف الحديقة قتل العشرات من المدنيين الأبرياء»، وأضاف: «نحن نعبر عن أحر التعازي للذين فقدا أحبتهم في الهجوم». مؤكدا أن الولايات المتحدة تعبر عن تضامنها مع باكستان وحكومتها «في هذه الأوقات الصعبة»، مشيرا إلى أن بلاده ستواصل العمل مع شركائها في باكستان والمنطقة من أجل استئصال آفة الإرهاب.
كما أعرب الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند عن تضامن بلاده مع باكستان، وقال إن الهجوم الانتحاري يظهر أهمية الإرادة الحديدية في مكافحة الإرهاب في كل مكان.
يذكر أن المتطرفين في باكستان استهدفوا المسيحيين والأقليات الدينية مرارا خلال السنوات العشر الماضية، فيما يتهم المسيحيون الحكومة بأنها لا تفعل شيئا لحمايتهم.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».