أزمة «اقتصادات الحدود» تطفو على الساحة الدولية

أوروبا لم تعد ملاذًا آمنًا

مهاجرون يمرون عبر حقول زراعية نحو مخيم مؤقت على الحدود اليونانية - المقدونية حيث أعلنت المفوضية الأوروبية تعبئة نحو أربعة آلاف شخص لوقف تدفق المهاجرين من بينهم «ألف عنصر أمن وجيش»، ونحو 1500 شرطي يوناني وأوروبي(رويترز)
مهاجرون يمرون عبر حقول زراعية نحو مخيم مؤقت على الحدود اليونانية - المقدونية حيث أعلنت المفوضية الأوروبية تعبئة نحو أربعة آلاف شخص لوقف تدفق المهاجرين من بينهم «ألف عنصر أمن وجيش»، ونحو 1500 شرطي يوناني وأوروبي(رويترز)
TT

أزمة «اقتصادات الحدود» تطفو على الساحة الدولية

مهاجرون يمرون عبر حقول زراعية نحو مخيم مؤقت على الحدود اليونانية - المقدونية حيث أعلنت المفوضية الأوروبية تعبئة نحو أربعة آلاف شخص لوقف تدفق المهاجرين من بينهم «ألف عنصر أمن وجيش»، ونحو 1500 شرطي يوناني وأوروبي(رويترز)
مهاجرون يمرون عبر حقول زراعية نحو مخيم مؤقت على الحدود اليونانية - المقدونية حيث أعلنت المفوضية الأوروبية تعبئة نحو أربعة آلاف شخص لوقف تدفق المهاجرين من بينهم «ألف عنصر أمن وجيش»، ونحو 1500 شرطي يوناني وأوروبي(رويترز)

بينما وضع الإرهابيون خطة محكمة لاختراق الحدود بين الدول، عن طريق أموال ورشى تارة، أو تزوير جوازات السفر، والتهريب تارة أخرى، تظهر أزمة «اقتصادات الحدود» على الساحة الدولية، نظرًا لأن الخاسر الأكبر هو الاقتصاد العالمي بعد خسارة أرواح الأبرياء.
والتنقل من دولة إلى أخرى، سواء عبر الطرق الشرعية أو غير الشرعية، لا يتكلف التكلفة التي تخسرها الدولة بعد أي حادث، مما استوجب إدارة استثنائية للحدود بين الدول، التي خصصت لها المنظمات الإرهابية مبالغ ظهرت قيمتها في حجم الخسائر المحققة في حادث بروكسل الأخير، ومن قبله باريس، وإسطنبول، وسيناء، حتى زادت معظم الدول من حجم القوة العسكرية على حدودها مع الدول الأخرى، فضلاً عن السياجات الحديدية التي شرع البعض في بنائها، مما حملهم ذلك من تكلفة مالية لم تكن ضمن حساباتهم، بالإضافة إلى التكاليف الأخرى التي يخلفها أي حادث إرهابي.
وقد يقفز إلى الأذهان ارتباط أزمة «اقتصادات الحدود» بأزمة المهاجرين واللاجئين، التي استحوذت على نسبة كبيرة من حجم السيولة حول العالم، إلا أن الإدارة المالية تتطلب عمقًا أكبر لرصد تحركات الأموال جنبًا إلى جنب مع تحركات المشتبه بهم.
وحاول بعض الدول بالفعل ضبط الحدود مع الدول المجاورة، وهو ما ظهر في الاتفاق المبرم في بروكسل في 19 مارس (آذار) الحالي، الذي نص على إرسال المهاجرين الواصلين إلى الجزر اليونانية إلى تركيا التي حصلت على أكثر من ثلاثة مليارات دولار دفعة أولى لإدارة حدودها جيدًا.
وأعلنت المفوضية الأوروبية تعبئة نحو أربعة آلاف شخص لهذه المهمة؛ من بينهم «ألف عنصر أمن وجيش»، ونحو 1500 شرطي يوناني وأوروبي، مع ميزانية قدرها 280 مليون يورو (312.6 مليون دولار) للأشهر الستة المقبلة.
وفي حالة ضبط «اقتصادات الحدود» فمن المتوقع معه تقليل الخسائر التي تنتج عن الحوادث الإرهابية، مما يؤثر إيجابا على قطاعات أخرى بالتبعية، مثل السفر والسياحة والطيران، وبالتالي زيادة الاستهلاك المحلي وارتفاع السيولة المتاحة، لتنمية مشاريع مستقبلية.
ومع الاعتراف بصعوبة إدارة الأزمة، نظرًا لخروجها من رحم أزمة أكبر، ألا وهي «الأزمة المالية»، فإن الأموال الرخيصة (من خلال برامج التيسير الكمي) تلعب دورًا كبيرًا في زيادة فاتورة المساعدات؛ إذ قال يانيس ستورناراس، محافظ البنك المركزي اليوناني، مؤخرًا إن تكلفة إدارة أزمة المهاجرين في اليونان ستتجاوز 600 مليون يورو (670 مليون دولار) مع اضطرار عدد أكبر من اللاجئين للبقاء في اليونان. وقال ستورناراس وقتها إن «هذا التقدير اعتمد على افتراض أن اليونان دولة عبور فقط، ولكن إذا كان علينا الآن استضافة عدد كبير من اللاجئين، فلا بد من تعديل هذا التقدير».
وتلميح اليونان للمساعدات الأوروبية لإدارة أزمة اللاجئين، يأتي وسط تباطؤ اقتصادي لمنطقة اليورو، الأمر الذي جعل البنك المركزي الأوروبي يخفض الفائدة إلى ما دون الصفر، ويطلق برنامجا للتيسير الكمي (ضخ سيولة في الأسواق وشراء أصول حكومية).
واليونان نقطة الدخول الرئيسية إلى أوروبا لأكثر من مليون لاجئ ومهاجر منذ العام الماضي، وتعرضت لانتقادات من الاتحاد الأوروبي لفشلها في السيطرة على تدفق اللاجئين وإدارة الأزمة؛ وهي مطالبة من شركائها ببذل المزيد لضبط تدفق مئات آلاف المهاجرين واللاجئين إلى أراضيها، كما تواجه مخاطر إغلاق متزايد للحدود في أوروبا.
وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن اليونان ستحتاج إلى مساعدة لمواجهة الضغط الذي يشكله المهاجرون على اقتصادها.
وتقطعت السبل بأكثر من 41 ألف لاجئ ومهاجر في اليونان بعد أن أدى إغلاق الحدود عبر منطقة البلقان إلى إحباط خططهم للسفر شمالاً، وذلك خلال الشهر الماضي وحده.
وفي 7 فبراير (شباط) الماضي، قال مسؤولون في الجيش المقدوني إنهم بدأوا بناء سياج جديد أكبر على حدود مقدونيا مع اليونان لزيادة الأمن.
وسيمتد السياج الجديد لمسافة 37 كيلومترًا بطول الحدود، وعلى بعد خمسة أمتار من السياج الذي أقامته الحكومة المقدونية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وفي 23 فبراير الماضي أغلقت الشرطة المقدونية المعبر الذي يستخدمه اللاجئون على الحدود مع اليونان في أعقاب اشتباكات مع طالبي لجوء أفغان تم رفض طلباتهم، في تصعيد للإجراءات الجديدة القوية من أجل تقليل أعداد اللاجئين الواصلين إلى أوروبا.
وفي 19 فبراير الماضي وصلت سفن تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى بحر إيجه، للبدء في مراقبة مسار الهجرة بين تركيا واليونان، حيث يستعد الحلف العسكري للمساعدة في جمع المعلومات عن شبكات التهريب.
ويعد الممر البحري القصير (إيجه) نقطة العبور الرئيسية للمهاجرين وطالبي اللجوء الذين يقصدون أوروبا، لكنه شهد غرق المئات.
ووافق وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي على نشر سفن، في جزء من محاولة لوقف تدفق الهجرة غير الشرعية، بناء على طلب من تركيا واليونان وألمانيا. وأوضح حلف الناتو أن الهدف الرئيسي والنهائي لهذه العملية هو توفير معلومات للسلطات الوطنية في اليونان وتركيا، بالتعاون مع وكالة حماية الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتكس)، مع التركيز على مكافحة شبكات الاتجار بالبشر والشبكات الإجرامية التي تدعم أزمة الهجرة.
* الشريط الحدودي
يمثل الشريط الحدودي الذي يفصل بين أي دولة وأخرى، أول نقطة اختراق لسيادة تلك الدولة، حتى برز مؤخرًا الحديث عن إلغاء تصريح «شينغن» التي يسمح من خلاله لأي مواطن في أوروبا بالتجول بين دول الاتحاد دون الحصول على تأشيرة، في محاولة لضبط الحدود.
وتدفق أكثر من مليون شخص فروا من الفقر والحرب والقمع في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، إلى أوروبا في عام 2015؛ بينهم أكثر من 800 ألف شخص جاءوا عبر اليونان، ومعظمهم متجهون لألمانيا.
وقال مسؤولون من فرنسا وبريطانيا مؤخرًا: «أوروبا لم تعد ملاذًا آمنًا».
ومن أجل ضبط الشريط الحدودي بين دولتين، يجب وضع معايير متفق عليها مسبقًا بينهما؛ إذ إن إغفال دولة تطبيقها سيكلف الجارة كثيرا من الأموال، خصوصا إذا كانت تلك الجارة مستهدفة من جماعات متطرفة.
* حدود الشرق الأوسط
مع الاضطرابات الحالية في منطقة الشرق الأوسط، تمثل الحدود نقطة الفصل بين ما يحدث داخل دولة وأخرى، حتى لا تنتقل القلاقل إلى جيرانها، وهي الحال على الحدود التونسية - الليبية، والمصرية - الليبية، والسورية - اللبنانية، والسعودية - اليمنية، والتركية - السورية، والعراقية - التركية.
وتحاول الدول العربية إدارة الأزمة، مع الأخذ في الاعتبار منع الخسائر التي تحدث جراء الحوادث الإرهابية، لعدم زيادة التكلفة المالية، وسط تباطؤ اقتصادي عالمي يؤثر على موازناتها.
ومن شأن التنسيق الدولي تقليل الفجوات التي يستغلها البعض، سواء باختراق النظام المالي العالمي، أو باستخدامه، أو بالتحايل على القوانين الحدودية.
ومن شأن اجتماع لوزراء الهجرة حول العالم وضع بنود اتفاق جديد يحصل بمقتضاه الاقتصاد العالمي على تأمين ضد مخاطر الهجرة غير الشرعية، وإدارة أزمة اللاجئين، فضلاً عن إحكام السيطرة على تحركات الأموال القذرة.



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.