قوات المعارضة السورية تتقدم في مواجهة «داعش» قرب الحدود التركية

تراجعت أمام لواء مؤيد للتنظيم في الجنوب.. وتتطلع للسيطرة على بلدات بريف حلب الشمالي

إحدى التظاهرات الشعبية التي سارت في سوريا أمس (رويترز)
إحدى التظاهرات الشعبية التي سارت في سوريا أمس (رويترز)
TT

قوات المعارضة السورية تتقدم في مواجهة «داعش» قرب الحدود التركية

إحدى التظاهرات الشعبية التي سارت في سوريا أمس (رويترز)
إحدى التظاهرات الشعبية التي سارت في سوريا أمس (رويترز)

تخوض قوات المعارضة السورية معارك عنيفة ضد تنظيم «داعش» المتطرف وفصائل مؤيدة له، في جنوب سوريا ووسطها وشمالها، حيث استطاعت أمس تحقيق تقدم هو الثالث منذ بدء سريان الهدنة في سوريا الشهر الماضي، في حين تراجعت قوات المعارضة أمام الفصائل الموالية لـ«داعش» في ريف محافظة درعا الغربي في جنوب سوريا.
ناشطون سوريون أفادوا، أمس، باستعادة قوات المعارضة السورية السيطرة على قرية الطوقلي بعد أيام على تمكّن «داعش» من السيطرة على القرية الواقعة بريف محافظة حلب الشمالي، ليضاف هذا التقدم إلى «سلسلة إنجازات تحققت منذ بدء سريان الهدنة» في 27 فبراير (شباط) الماضي، كما قال معارضون.
هذا التقدم أحرز على الشريط الحدودي مع تركيا، حيث تراجع التنظيم من 12 قرية منذ انطلاق الهجمات ضد التنظيم قبل أربعة أشهر، مع أن المعارك تتخذ شكل «الكر والفر» حيث يستعيد «داعش» السيطرة على القرى، قبل أن يُجبر على إخلائها، بحسب ما قال القيادي المعارض منذر سلال لـ«الشرق الأوسط»، لافتًا إلى أن قوات المعارضة سيطرت بشكل كامل على قرى الطوقلي وبني يابان وغزل مزرعة ودوديان وقرية البل، وهي قرى واقعة شمال شرقي مدينة مارع ومتاخمة للحدود التركية وتتبع إداريا بلدة صوران، مشيرًا إلى أن «عدد القرى المحررة من (داعش) بات 12 منذ أربعة أشهر».
بهذا المعنى، أكد سلال أن قوات المعارضة «باتت على مقربة من بلدة صوران، التي تعد السيطرة عليها مهمةً استراتيجيًا إذا ما تحققت، لأنها توسع المساحات الخاضعة لسيطرة الجيش الحر انطلاقًا من مدينة أعزاز وريفها، وتمثل امتدادًا لمنطقة آمنة تستوعب مزيدا من النازحين». وكشف أن المعارضة «تسعى للتقدم شرقًا بشكل أكبر لاستعادة السيطرة على بلدات الراعي وأخترين وصوران لتوسيع الشريط الحدودي مع تركيا». وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بسيطرة قوات المعارضة على قرية الطوقلي بالريف الشمالي لحلب أمس، وسط استمرار الاشتباكات بين الجانبين، بالتزامن مع قصف واستهدافات متبادلة.
من جهته، قال محمد نور، مدير المكتب الإعلامي لفصيل «فرقة السلطان مراد» المعارض، إن فصائل المعارضة، ومن أبرزها «فرقة السلطان مراد» وألوية «أحرار سوريا» و«الحمزة» و«المعتصم»، استعادوا السيطرة على الطوقلي بعد اشتباكات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة مع التنظيم، الذي سيطر عليها قبل أسبوع. وقال في تصريحات لـ«مكتب أخبار سوريا» إن طيران التحالف الدولي شن غارات على نقاط للتنظيم داخل القرية قبل اقتحامها، في عملية إسناد جوي لفصائل المعارضة المهاجمة، مشيرا إلى أن الاشتباكات أدت إلى مقتل العشرات من التنظيم.
هذا التقدم يصفه المعارضون بأنه «محدود وبطيء»، وذلك يعود إلى «ضعف الدعم العسكري». وأوضح سلال أنه «لو توفر لنا الدعم الجوي الغربي الذي كان متوفرًا لـ(قوات سوريا الديمقراطية)، لاستطعنا تحرير المدن من (داعش) بطريقة سريعة»، مشيرًا إلى أن الغارات الجوية التي نفذها التحالف دعمًا لقوات المعارضة «ترافقت مع هجمات قوات الجيش الحر على ثلاث قرى، وذلك قبل أكثر من شهرين، ووفرت تلك الغارات الجوية مساعدة للسيطرة على القرى والاحتفاظ بها عبر قصف إمدادات التنظيم إليها». لكن مصادر عسكرية معارضة في حلب، أبلغت «الشرق الأوسط» بأن المدفعية التركية «تساندنا أحيانا في الهجمات على مواقع (داعش)، وهو دعم متقطع، وليس منتظمًا»، مشيرًا إلى أن الدعم الغربي «يأتي من غرفة عمليات حور كلس ضد (داعش)»، وأنه «يتركز في الفترة الأخيرة على إمدادات محدودة من الذخيرة لقوات المعارضة تمر عبر الحدود التركية، وهو السبب في بطء العمليات العسكرية». ولكن خلافًا للتقدم في حلب، تراجعت قوات المعارضة في ريف درعا الغربي أمام هجمات «لواء شهداء اليرموك» التابع لتنظيم «داعش» في جنوب سوريا، حيث دارت اشتباكات بين الطرفين في محيط بلدة حيط بريف درعا الغربي، ترافقت مع قصف من «لواء شهداء اليرموك» بقذائف الهاون على مناطق في البلدة في محاولة للتقدم نحو البلدة بهدف السيطرة عليها، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وأكد ناشطون أن اللواء التابع لـ«داعش» واصل تقدّمه نحو بلدة حيط الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف درعا الغربي، حيث هاجم حواجز الفصائل في محيطها من جهة بلدة سحم الجولان، إضافة لمحاولته قطع طريق وادي جلين الواصل بين بلدتي حيط وزيزون، بغية قطع طريق إمداد المعارضة في البلدة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.