ملتقى في اليونيسكو لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية للشعوب

6 مليارات دولار سنويًا من الآثار المنهوبة

جانب من عملية تدمير بعض اللآثار
جانب من عملية تدمير بعض اللآثار
TT

ملتقى في اليونيسكو لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية للشعوب

جانب من عملية تدمير بعض اللآثار
جانب من عملية تدمير بعض اللآثار

بعد أن بلغ النهب الزبى، بسبب النزاعات الحالية في موطن الحضارات الشرقية القديمة، تحولت عمليات المتاجرة غير المشروعة وأعمال النهب والسلب التي تتعرض لها الممتلكات الثقافية، إلى مصدر خطير لتمويل الجماعات المتطرفة والإرهابية، بشكل غير مسبوق. ولمحاولة وقف مثل هذه الأعمال، تنظم اليونيسكو، الأسبوع المقبل، اجتماع مائدة مستديرة مخصص لهذا الشأن في مقرها في باريس. ويضم الاجتماع الأطراف الرئيسية في أسواق التحف الفنية (بيوت البيع والمعارض والتجار والخبراء)، وممثلي الهيئات المعنية بتنظيم هذه الأسواق، وباحثين وممثلين عن المنظمات الدولية الحكومية والمنظمات غير الحكومية، فضلاً عن الدول الأعضاء في اليونيسكو.
يشارك اليونيسكو في التنظيم مجلس المبيعات الطوعية. وهو الهيئة الفرنسية المعنية بوكلاء المبيعات للأثاث بالمزادات العلنية. ومن المقرر أن يبدأ الاجتماع بعرض حول الأسواق الدولية للتحف الفنية، تقدمه فرنسواز بنهامو الأستاذة بجامعة باريس والخبيرة الاقتصادية في مجالي الثقافة والتراث. ثم يلي ذلك عرض عن أوضاع الاتجار بالممتلكات الثقافية يقدمه صمويل أندرو هاردي، عالم الآثار والاختصاصي في مجال الاتجار غير المشروع بالقطع الأثرية.
ويدور برنامج المائدة المستديرة حول أربعة محاور هي: صعوبة تحديد مصدر الممتلكات الثقافية التي تعرضت لأعمال نهب المواقع الأثرية، ودور دول العبور والعاملين في أسواق التحف الفنية فيما يخص مكافحة الاتجار غير المشروع، والتحدي المتمثل في تنظيم أسواق التحف الفنية على الصعيد الدولي، والتحديات والحلول والآفاق.
من بين الخبراء المشاركين في هذه المناقشات، كورادو كاتيسي، منسق في الوحدة الخاصة بالتحف الفنية في الإنتربول، وعلي أحمد على فرحان، المدير العام لإدارة الآثار المستردة في مصر، وسونيا فارسيتي، نائبة رئيس الاتحاد الأوروبي لمنظمي المزادات العلنية، وسيسيليا فليتشر، مديرة قسم المطابقة ونزاهة المعاملات التجارية في أوروبا لدى مؤسسة «سوثبيز»، وبيتر هوغينديجك، رئيس الاتحاد الدولي لتجار الأعمال الفنية، وصمويل سيدي بي، مدير المتحف الوطني في مالي ورئيس اللجنة الدولية الحكومية المعنية بتعزيز إعادة الممتلكات الثقافية إلى بلادها الأصلية، فضلاً عن ولفغانغ فيبير، رئيس قطاع السياسات التنظيمية الشاملة لشركة المزادات على شبكة الإنترنت «إيباي».
جدير بالذكر أن مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية تندرج في مهمة اليونيسكو التي اعتمدت في عام 1970 اتفاقية بشأن الوسائل التي تُستخدم لحظر ومنع استيراد ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة. وتشير التقديرات إلى أن الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية يمثل سنويًا ما بين 3.4 و6.3 مليار دولار في العالم، حسب معلومات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
في أوروبا، كانت الشرطة الإيطالية قد صادرت نحو 800 ألف قطعة ثقافية كانت مسروقة أو استخرجت من خلال حفريات غير مشروعة منذ 40 عامًا. غير أن الخبراء يرون أن الوضع في البلدان المتضررة من الأزمات هو وضع خطير على وجه الخصوص. ففي مصر، في شهر أغسطس (آب) 2013، نُهبت 1089 قطعة أثرية من متحف ملاوي. وقد عثرت السلطات المصرية على 950 قطعة من تلك التي سُرقت. وفي العراق وسوريا، تجري عمليات نهب واسعة النطاق للمواقع الأثرية والمتاحف.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».