مهرجان أفلام السعودية في الدمام يمهد الطريق للسعوديين للاحتفاء بالسينما

البازعي: المهم أن يكون لدينا سينما.. والقاعات قادمة لا محالة

مهرجان أفلام السعودية في الدمام يمهد الطريق للسعوديين للاحتفاء بالسينما
TT

مهرجان أفلام السعودية في الدمام يمهد الطريق للسعوديين للاحتفاء بالسينما

مهرجان أفلام السعودية في الدمام يمهد الطريق للسعوديين للاحتفاء بالسينما

بجهود متفانية تعبر عن الشغف بالفن السابع حولت جمعية الثقافة والفنون مسرح مبسط للجمعية إلى قاعة سينما بجهودها المحدودة وبتضافر جهود جهات داعمة لها انطلق مهرجان أفلام السعودية في نسخته الثالثة.
في هذا المهرجان تحتفي الجمعية العربية السعودية بالمواهب السينمائية السعودية وتوفر لها الدعم عبر العروض والتدريب، حيث يؤكد مدير فرع الجمعية في الدمام أن المهرجان جهر بالفن ورفع صوت الجمال والحب في وجه القبح والكراهية. يقول سلطان البازعي، رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، إن مهرجان أفلام السعودية واحد من مبادرة شاملة تستهدف تدريب الشباب المشتغلين بالسينما وعرض إنتاجاتهم كأحد أشكال الدعم الذي يحتاجون له للاستمرار في هذا المجال.
وشدد البازعي على أنه من المهم أن يكون لدى السعوديين سينما، وهذا ما تسعى له جمعية الثقافة والفنون، وحول وجود كم كبير من الأفلام السينمائية السعودية في ظل غياب قاعات السينما قال البازعي: «المهم أن يكون لدينا سينما أما وجود قاعات سينما فهو قرار ليس بأيدينا، وهي قادمة بلا شك».
وانطلق مساء أمس مهرجان أفلام السعودية الذي يستمر لخمسة أيام ويقدم عروضا سينمائية لـ70 فيلما تتنافس على جوائز المهرجان، كما تتنافس ضمن السابقة 55 سيناريو لم تنفذ، ويقدم المهرجان عبر ورش العمل المتعددة التي يقدمها فنانون محترفون أو أكاديميون متخصصون في الفنون السينمائية.
واحتشد محبو السينما وصناعة الأفلام مساء أول من أمس في مقر فرع جمعية الثقافة والفنون، حيث غصت قاعتان جهزتهما الجمعية لافتتاح مهرجان أفلام السعودية، وعرض في حفل الافتتاح ثلاثة أفلام، الأول عن الإرهاب في المساجد وفيلم دراما اجتماعية وفيلم وثائقي عن سيارات التاكسي الصفراء، وتبدأ العروض يوميًا في تمام الساعة الرابعة عصرًا وحتى العاشرة مساء بالتوقيت المحلي.
وتحدث البازعي عن مبادرة تشمل 16 فرعا لدعم السينما في السعودية، وقال: «تبلورت المبادرة في النسخة الثانية من المهرجان التي أقيمت العام الماضي، وتم تبني خمسة فروع من المبادرة، ونأمل أن يتم تبني كافة الفروع في هذه الدورة وفي الدورات المقبلة من المهرجان».
وتم تمويل المبادرة من مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي التابع لـ«أرامكو السعودية»، ووفرت الجمعية قاعة للعروض السينمائية وورش التدريب، وأكد البازعي أن توفير العروض والتدريب يفترض عنه شيء لدى المهتمين بصناعة السينما في السعودية وينعكس ذلك على إنتاجاتهم وإبداعاتهم.
وقال البازعي إن الدورة الثانية من المهرجان التي كانت في العام الماضي استقطبت 66 فيلما، بعضها أنتج قبل أربع سنوات، بينما في دورة العام الحالي شارك 70 فيلما جميعها أنتج خلال عام فقط، إضافة إلى جودة المشاركة وارتقائها هذا العام.
وقال البازعي إن دور جمعية الثقافة والفنون الأهم أن تكون حاضنة للمواهب، ولكن الأهم هو توفير فرص التدريب وتوفير موقع لعرض الأعمال للوصول إلى المتلقي، وما ينطبق على السينما وصناعة الأفلام ينطبق على باقي الفنون.
واعتبر البازعي أن قيادات وكوادر الجمعية العربية للثقافة والفنون هم سر نجاحها في مهامها، فأغلبهم يأتي للجمعية بدافع الشغف والإبداع، ومعظمهم متطوعون أو متعاونون وليسوا متفرغين للعمل في الجمعية، وهذه سمة الفنان، وهو ما يدفعهم للإبداع.
يقول البازعي إن هدف الجمعية استيعاب 10 في المائة من الشباب السعودي وإبراز إبداعاتهم وتوفير التدريب لهم لتنمية هوياتهم ومهاراتهم الإبداعية.
بدوره أكد أحمد الملا مدير مهرجان أفلام السعودية على أهمية الجهر بالفن ورفع صوت الجمال والحب في وجه القبح والكراهية، وقال إن المشاركات توالت منذ فتح باب التسجيل ليبلغ عدد المشاركات 112 فيلما و72 سيناريو، تم ترشيح 70 فيلما و55 سيناريو منها لتتنافس على جوائز المهرجان. جاء ذلك عشية افتتاح الدورة الثالثة لمهرجان أفلام السعودية الذي تنظمه جمعية الثقافة والفنون في مقر الجمعية فرع الدمام، ليحتفي بعرض 70 فيلما سعوديا، بما يعادل 14 ساعة على مدى خمسة أيام.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».