ما تبقى من أوراق كوبلر في ليبيا

لعبة «القط والفأر» بين المبعوث الأممي والميليشيات

ما تبقى من أوراق كوبلر في ليبيا
TT

ما تبقى من أوراق كوبلر في ليبيا

ما تبقى من أوراق كوبلر في ليبيا

شهدت الأيام الأخيرة الماضية مزيدًا من المؤشرات التي توحي بأن التسوية الدولية المعدّة للأزمة الليبية ما زالت تواجه بعض الصعوبات. إذ اضطر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر لإلغاء زيارته المقررة إلى طرابلس بهدف «تمهيد الطريق أمام المجلس الرئاسي» الليبي المنبثق عن اتفاق السلام الموقع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في الصخيرات بالمغرب، وذلك بعدما قوبلت هذه الزيارة بالرفض من القوى المسيطرة على العاصمة. وفي المقابل، طالبت هذه القوى ممثلة بمن تصف نفسها بـ«حكومة الإنقاذ» الأمم المتحدة «بفتح تحقيق في سلوك مبعوثها في ليبيا»، واعتبر رئيسها خليفة الغويل أن كوبلر يدير الأزمة الليبية «بطريقة لا تمت بصلة للوضع في ليبيا»، وأن البعثة الأممية أدارت اجتماعات الصخيرات بطريقة الإقصاء.
كل هذا الجدل.. وكل هذه المناورات الجارية حول الطاولة، تشبه إلى حد بعيد لعبة «القط والفأر» بين المبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، والميليشيات التي تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس، إضافة إلى قوى أخرى تظهر وتختفي من المشهد.
الرهان منذ البداية كان يعتمد على أوراق ميليشيات من مدينة مصراتة المجاورة، لمساندة «حكومة الوفاق» المقترحة من الأمم المتحدة، لكن ماذا تبقى من هذه الأوراق اليوم؟ فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي، لم يتمكن حتى الآن من دخول طرابلس، لمباشرة أعماله. كما أن كوبلر نفسه حاول المجيء إلى هنا، لكن تهديدات المسلحين حالت دون ذلك.
رغم كل شيء ما زال هناك أمل. طرابلس مدينة كبيرة. والخطة الجارية على الأرض، والتي يشرف عليها كوبلر والسراج، وأطراف أخرى، تهدف إلى تأمين موقع معين يوجد على شاطئ البحر، يشبه «المنطقة الخضراء» في العاصمة العراقية بغداد، يكون مقرا للحكومة «الشرعية» حسب الاعتراف الدولي.
حتى الآن توجد ثلاثة نطاقات أمنية يجري تحضيرها على قدم وساق، لكي تتولى حراسة مكاتب السراج قبل قدومه من تونس إلى العاصمة. وقد يلحق به كوبلر فيما بعد. هذا أمر محفوف بكثير من المخاطر أيضا. لغة الرفض تبدو حادة وهناك قناصون جرى توزيعهم، قبل عدة أيام، على أسطح عدد من مباني العاصمة؛ في جنزور وقرب فندق المهاري وفي نطاق مستشفى السكري.
* علاقة توتر قديمة
العلاقة المتوترة بين الأمم المتحدة وبعض الميليشيات المسلحة ليست وليدة اليوم. والأمر لا يخص كوبلر كشخص، بل يتعلق بطريقة معالجة المنظمة الدولية للأزمة في ليبيا على ما يبدو. كل طرف في هذا البلد ينظر إلى القضية من زاوية خاصة. غالبا لا أحد يرى الهدف المشترك الذي يمكن أن يوحد الليبيين، ألا وهو إنقاذ الاقتصاد المنهار وحفظ الأمن وبناء الدولة.
لقد دخلت الأمم المتحدة على خط الأزمة الليبية مجددًا في أواخر عام 2014، أي بعد نحو أربع سنوات من القرارات السريعة التي كانت قد اتخذتها ضد نظام معمّر القذافي في 2011. بما فيها منح حلف شمال الأطلسي «ناتو» الضوء الأخضر للتصرف عسكريا في هذا البلد النفطي.
النتيجة منذ البداية كانت كارثية، وهو أمر تحدث عنه صراحة، في الشهور الماضية، رئيس أكبر دولة مجاورة لليبيا، وهي مصر، كما تطرق إليه رئيس الولايات المتحدة، باراك أوباما.
بعد مقتل معمر القذافي تراجعت الأمم المتحدة خطوات للوراء، إلى أن وقع «الهجوم الإرهابي» على القنصلية الأميركية في بنغازي، ومقتل سفير الولايات المتحدة وثلاثة من رفاقه في مقر القنصلية، في سبتمبر (أيلول) 2012. ومع هذا الحادث، ظهر على السطح اسم أول مبعوث أممي لليبيا، هو الوزير اللبناني السابق الدكتور طارق متري. كما ظهر على المسرح أيضا حقيقة سطوة الميليشيات على حساب الجيش والشرطة. لقد تعرض الجيش الليبي لضربات من الناتو قصمت ظهره وشلت مفاصله. كما تهاوت مؤسسة الشرطة. عقب ذلك بدأ يظهر سؤال عما يمكن أن يصلح حال هذا البلد قبل فوات الأوان. شرع الدكتور علي زيدان، الذي جرى اختياره كرئيس للوزراء في ذلك الوقت، في وضع خطة، بالتعاون مع أطراف دولية، تقضي بنزع سلاح الميليشيات وتعضيد الجيش والشرطة.
لم يكتب لخطط زيدان المرتبكة النجاح، لأسباب كثيرة يطول شرحها، لكن أهمها يكمن في عدم جدية المجتمع الدولي، ودول جوار أيضا، في مواجهة الخطر المتنامي في ليبيا. وفي آخر أيامه في ليبيا كان زيدان في مرمى نيران الميليشيات، حتى اضطر في نهاية المطاف لترك منصبه في ظروف مأساوية.
سطوة المسلحين كانت أكبر بكثير.. أكبر مما يعتقد بعض القادة المحليين وبعض المراقبين الإقليميين والدوليين. ميزات رئيسية حصلت عليها الميليشيات بعد سقوط نظام القذافي، ولم يكن من المحتمل أن تتخلى عنها بسهولة، لا في ذلك الوقت المبكر، ولا اليوم، حيث يحاول كل من السراج وكوبلر، الضغط لحل الأزمة حتى لو وقعت بعض الكسور هنا أو هناك.
* بعد سقوط القذافي
حين سقط نظام القذافي، لم يلتفت الحكام الجدد لبناء المؤسسات التي تمثل العمود الفقري لأي دولة، ألا وهي الجيش والشرطة. في المقابل منح هؤلاء الحكام للميليشيات حق حماية الدُّور الحكومية وحدود الدولة، البرية والبحرية، مقابل مليارات الدولارات سنويا. هنا كشف أمراء الحرب من المنتمين للجماعات المتطرفة عن الوجه الحقيقي للمرحلة الجديدة، خاصة عقب معركة 2014 التي احترق فيها مطار طرابلس الدولي بما فيه من طائرات.
منذ ذلك الوقت اختلط الحابل بالنابل. دخل على الخط جماعات لتهريب السلاح والمقاتلين والمهاجرين غير الشرعيين، لدرجة أصبحت مقلقة لأوروبا وجيران ليبيا الآخرين. ومن جديد بدأ الضغط الدولي يتزايد في محاولة لرأب الصدع. فالبرلمان السابق (المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته في صيف 2014) لا يريد أن يعترف بالبرلمان الجديد، ولا بالقوات المسلحة التي أعاد الفريق أول خليفة حفتر تجميعها لمحاربة الميليشيات المتطرفة انطلاقا من شرق البلاد.
المخاوف من تحول ليبيا، الواقعة على السواحل الجنوبية للبحر المتوسط، إلى دولة فاشلة، جعل المنظمة الدولية تتدخل مرة أخرى، لكن يبدو أنها أمسكت بأوراق لا تحقق مكاسب تذكر على طاولة معقدة. قامت بتسمية ممثل جديد للأمين العام للأمم المتحدة، وهو الإسباني برناردينو ليون. كان ليون يسعى لعقد مصالحة بين البرلمان الجديد ونحو عشرين نائبا ممن يوالون سلطة الميلشيات المدعومة من المؤتمر الوطني العام الذي استمر في عقد جلساته في طرابلس.
تسببت لقاءات ليون مع الفرقاء الليبيين في حلحلة الكثير من الأمور، وتقريب بعض من وجهات النظر، انتهت إلى الشروع فيما أصبح يعرف بسلسلة مفاوضات «الصخيرات» المسماة على البلدة المغربية التي كانت تعقد فيها. ظهر لأول مرة اقتراح اسم السراج كرئيس لحكومة الوفاق.
منذ البداية كانت هناك علامة استفهام تحتاج لإجابة عن القوة التي سوف تحمي عمل الحكومة المقترحة. هل ستعتمد على الميليشيات المسلحة، وبالتالي العودة إلى المربع صفر، كما كان الحال عقب مقتل القذافي. أم يكون الاعتماد على الجيش بقيادة حفتر. أم ما بين هذا وذاك.
* بعد ليون.. كوبلر
انتهت مدة عمل ليون، وجاء من بعده كوبلر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ليجد نفس علامة الاستفهام وقد تضخمت وأصبحت أكبر من السابق. القوى الفاعلة على الأرض غير موجودة في مفاوضات الصخيرات. واللقاءات التي تعقد مع بعض قادتها، كل على حدة، تعقد في الخفاء.
المقصود بهذه القوى هي تلك التي تملك السلاح والعناصر المقاتلة. هي تكون من ثلاث جبهات.. الأولى قوات الجيش الوطني بقيادة حفتر. والثانية قوات الميليشيات، وأهمها الكتائب الأقرب إلى الشكل النظامي، وهذه موجودة لدى مدينة مصراتة وفي بعض ضواحي طرابلس، وفي منطقة الزنتان أيضا. والثالثة هي قوات ما يعرف باسم «جيش القبائل» وهو عبارة عن جيش تابع للقوات المسلحة الليبية، لكنه ظل لعدة أشهر لا يفضل الحرب تحت راية حفتر.
خيارات البعثة الأممية
لم يكن من بين خيارات البعثة الأممية في ليبيا العودة إلى الوراء لتصويب الأخطاء.. أي أنها فضلت الاستمرار في تجاهل المعادلة الخاصة بالقوات الممسكة بالأرض وكيفية التعامل معها مستقبلا. زار كوبلر الفريق أول حفتر، ونظمت المنظمة الدولية لقاءات مع قادة كتائب وبلديات من عدة مدن، لكن مسألة جمع هذه القوى في «بوتقة نظامية» واحدة، كان أمرا غير قابل للنقاش.
لهذا عاد السؤال مجددا. من سيحمي مسار كوبلر وحكومة التوافق التي اقترحها. الميليشيات أم الجيش؟ أم خليط مشترك وفق تصور جديد؟ وكيف يمكن الوصول إلى مخرج لهذه المعضلة؟ ومع ذلك ظل كوبلر يراهن على أن الجميع سيرضخ في نهاية المطاف لحلول الأمم المتحدة. أولا حكومة وفاق ثم إعادة ترتيب الوضع الأمني وضبطه.
أحيانا يقول أحدهم إن الأمر يشبه محاولة لتمرير فيل من خرم إبرة. هذا ممكن، لكنه يحتاج إلى كثير من الحيل والتربيطات. الفشل قد يتحول إلى كارثة. منذ نحو أربعة أشهر، يوجد مسار يبدو أنه الرهان الوحيد، بل الورقة الأخيرة، في يد ممثل المنظمة الدولية في ليبيا. قادة الميليشيات الرافضة للحكومة تعرف هذا. وكذلك قادة في الجيش. إنه الثقب نفسه.. يبدو أنه أخذ يتسع رويدا رويدا، بسبب الضغوط الدولية والتلويح بمعاقبة معرقلي حكومة الوفاق.
معلوم أن السراج من مواليد طرابلس، ولديه في عضوية مجلسه الرئاسي، قيادات من مصراتة ومن الجنوب، لها بعض السلطة على جانب من كتائب مدينتي طرابلس ومصراتة المجاورة لها. وعلى هذا الأساس جرى تشكيل لجنة أمنية لتهيئة طرابلس لمرحلة جديدة. لكن العاصمة فيها ما لا يقل عن 17 ميليشيا ترفض خطط كوبلر، ومن بين هذه الميليشيات من يوالي المؤتمر الوطني، والحكومة المنبثقة عنه والمعروفة باسم «حكومة الإنقاذ» برئاسة خليفة الغويل. كما توجد ميليشيات توالي الجماعة الليبية المقاتلة وأخرى توالي تنظيم داعش، وغيرها ممن يوالي الجناح الإخواني الرافض لحكومة التوافق أيضا. ولا يوجد تواجد للجيش الوطني بقيادة حفتر داخل طرابلس، لكن حتى هذا الجيش غير متحمس للحكومة المقترحة، ويرى بعض من قادته أنها «مجرد حكومة وصاية».
رغم كل هذه العراقيل، تمكن السراج، وبتعاون مع البعثة الأممية، من تشكيل «لجنة أمنية» تقوم في الوقت الحالي بالبناء على الموجود.. أي على المؤيدين للحكومة وخطط كوبلر، في كتائب من مصراتة ومن طرابلس. وحين حاول المبعوث الأممي دخول العاصمة، وجرى منعه من قبل المتشددين الرافضين له، كان يبدو أنه استعجل النتائج المتوقعة من «اللجنة الأمنية» المشار إليها.
ومع ذلك تمكنت هذه اللجنة من التوصل إلى وضع خطة تتكون من ثلاثة نطاقات أمنية، لكي تؤمن الحكومة، وتؤمن البعثة الأممية حين تأتي معها برئاسة كوبلر. ووفقا لأحدث معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر قريبة من قادة طرابلس، فإن المقترح لشغل النطاق الأمني الأول، كتيبة الحلبوص (أساسا من مدينة مصراتة)، على أن يكون في النطاق الأمني الثاني كتائب من طرابلس، بينما تختص قوات «مديرية أمن العاصمة» بالنطاق الأمني الثالث. كما ستشارك قوات من جهاز البحث الجنائي الليبي وقوات (يقال: إنهم مستشارو أمن) من عدة بلدان أوروبية، في تأمين مقر الحكومة.
* الوضع الحالي
الخطة بدأت تطبق على أرض الواقع. ففي اليومين الماضيين جرى مخاطبة 20 معسكرا للميليشيات والكتائب من طرابلس ومن مصراتة، لكي يرسل كل منها 15 عنصرا للتدريب على عملية التأمين، ومن ثم التوزيع على النطاقات الأمنية الثلاثة التي ستشكل طوقا حول مقر الحكومة لحمايته. ويقول مسؤول في هذه اللجنة إن «هذه دفعة أولى.. كل دفعة تتكون من 300 عنصر، وخلال اليومين المقبلين سيكون قد جرى الانتهاء من تدريب نحو ألف رجل لمساعدة باقي القوات على تأمين مقار الحكومة المقرر أن تكون في قرية سياحية قريبة من مقار الأمم المتحدة الأصلية في طرابلس».
ومع ذلك يبدو الوضع صعبا في ظل وجود كتائب وميليشيات وعناصر مسلحة أخرى رافضة للحكومة.. «حتى كتيبة الحلبوص فيها متشددون يرفضون الحكومة.. كما أن كتيبة المحجوب (من مصراتة أيضا) فيها قادة غير متحمسين لخطة كوبلر والسراج»، ناهيك عن قوات طرابلس الأخرى الرافضة لحكومة التوافق منذ البداية، ومنها المجاميع المسلحة الموالية لقيادات في المؤتمر الوطني المنتهية ولايته ولحكومة الإنقاذ وتجمع «لواء الصمود».
دخول السراج إلى طرابلس كرئيس لأعلى سلطة (المجلس الرئاسي) في هذا البلد، له دلالات أخرى مهمة. منها على سبيل المثال أنه سيكون أول حاكم لليبيا منذ مئات السنين يكون من مواليد طرابلس في غرب البلاد. معروف أنه بعد حقبة الحكم القرمنلي (التركي) ثم الإيطالي، جاء الملك إدريس في مطلع خمسينات القرن الماضي، من المنطقة الشرقية، ثم خلفه القذافي من مدينة سرت في الشمال الأوسط من البلاد. هذا، في بعض الأحيان، يتحول لموضوع مثير للحماس في جلسات طرابلس المسائية. من الخلف يواصل كوبلر ضغوطه لإنجاح مخرجات حوار الصخيرات.
هناك تلويح بفرض عقوبات دولية على رئيس المؤتمر الوطني وعلى حكومة الإنقاذ، وعلى البرلمان، وعلى قادة آخرين. كما يوجد عامل آخر مساعد يمكن أن يعجل بإنجاح مهمة كوبلر، وهو الواقع الاقتصادي السيئ الذي مسَّ بمرارته عموم الليبيين.. رغيف الخبز من الحجم الكبير ارتفع سعره خلال فترة قصيرة من ربع دينار إلى أربعة دنانير، كما أن الدولار ارتفع سعره في السوق السوداء من 1.28 دينار إلى أكثر من 3 دنانير، واليورو من 1.40 دينار إلى نحو 4 دنانير. وبينما يخشى قادة الميليشيات من انتفاضة في طرابلس ضد التدهور الاقتصادي والانفلات الأمني، وضد المسلحين، يواصل أمراء الحرب الرافضين للسراج تحدي المجتمع الدولي، ورفض دعوات كوبلر بمنح الحكومة فرصة.. حتى بعض الأطراف التي أيدت مخرجات الحوار، يوجد لديها تعاون من وراء الستار مع بعض المتطرفين، خوفا من المستقبل. فقد أعلنت حكومة الغويل النفير العام، بالتزامن مع تعليمات من قادة تنظيم داعش للتجمع في طرابلس لمنع دخول السراج للعاصمة.
**محطات كوبلر
* منذ تعيينه في موقع المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا في الرابع من نوفمبر الماضي، وقفت التنظيمات المتطرفة وغالبية الميليشيات المسلحة في طرابلس ضد مهمة مارتن كوبلر لإيجاد حكومة وفاق وطني. لكن الدبلوماسي الألماني المولود عام 1953 في شتوتغارت، أبدى تحديا لكي يخرج بليبيا إلى بر الأمان.
* أطراف ليبية شاركت في حوار بلدة الصخيرات المغربية طيلة نحو 18 شهرا، توصلت برعاية كوبلر للتوقيع على «اتفاق نهائي» في منتصف ديسمبر (كانون الأول) لتشكيل حكومة الوفاق، ومنذ ذلك الوقت بدا المبعوث الأممي متفائلا، خاصة بعد حضور ممثلين عن مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام ومجالس بلدية وأحزاب سياسية، لكن تغير مواقف البعض أصاب كوبلر بالغضب.
* يفترض أن تحظى حكومة السراج بثقة البرلمان الحالي الذي يعقد جلساته في طبرق، لكن هذه الخطوة تأخرت كثيرا فيما عده بعض المراقبين مماطلات، خاصة فيما يتعلق بمادة الاتفاق الخاصة بوضع القوات المسلحة، والدعوة لتعديلها. وقال كوبلر بعد توقيع اتفاق الصخيرات بنحو أربعين يوما، إن أي تعديل «يجب أن يكون متماشيا مع الآلية التي وضعها الاتفاق».
* بادر كوبلر بالترحيب بأول إعلان من المجلس الرئاسي الليبي لوزراء حكومة التوافق، في منتصف الشهر الماضي، وعده إنجازا كبيرا لبداية جديدة، وقال: إن أنظار الشعب الليبي تتجه صوب حكومة الوفاق لممارسة سلطاتها والعمل بإصرار من أجل إعادة توحيد مؤسسات الدولة واستعادة الاستقرار والأمن، إلا أنه، بعد ذلك، لم ينكر العقبات التي تواجه العملية برمتها.
* أول تحرك عملي ضد البعثة الأممية كان من جانب معارضي حكومة السراج في طرابلس، في الأسبوع الأول من هذا الشهر، وذلك حين جرى احتجاز ثلاثة من أعضاء اللجنة الأمنية المؤقتة في العاصمة. وأعرب كوبلر عن قلقه من هذا الاحتجاز الذي استمر لفترة وجيرة، وطالب «كافة الأطراف» و«السلطات المعنية على الأرض» إلى التعاون الكامل مع اللجنة الأمنية المؤقتة المنبثقة عن الحوار السياسي.
* قبل يومين كان كوبلر يعتزم زيارة طرابلس لتمهيد الطريق أمام وصول السراج وفريقه، لكن الحكومة المدعومة من الميليشيات في العاصمة (وغير المعترف بها دوليا) أعلنت عن منع طائرة المبعوث الأممي من الهبوط في طرابلس وإلغاء زيارته.



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».