ليبيا: حكومة طرابلس تحشد الميليشيات لمواجهة حكومة السراج

مصرع 11 شخصًا خلال مواجهات مسلحة في مدينتي الزاوية وورشفانة

ليبيا: حكومة طرابلس تحشد الميليشيات لمواجهة حكومة السراج
TT

ليبيا: حكومة طرابلس تحشد الميليشيات لمواجهة حكومة السراج

ليبيا: حكومة طرابلس تحشد الميليشيات لمواجهة حكومة السراج

حشدت ما تسمى بحكومة الإنقاذ الوطني، التي تدير العاصمة الليبية طرابلس، أمس، الكتائب والميليشيات المسلحة في المدينة لمواجهة محاولة فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، دخول العاصمة للبدء رسميا في ممارسة عملها على الأرض، رغم عدم حصولها بعد على موافقة مجلس النواب، الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا له.
وتزامنت هذه التطورات مع تلميح وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان في مقابلة مع إذاعة «أوروبا – 1» الفرنسية، إلى رغبة الأوروبيين في الإسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية، تجيز لسفن الاتحاد الأوروبي ملاحقة المهربين حتى السواحل الليبية من خلال ما أطلق عليه «عملية صوفيا»، وقال لودريان إن «الأولوية الملحة في ليبيا هي تشكيل حكومة وحدة وطنية»، لافتا النظر إلى أن «هذه الحكومة على وشك أن تتشكل، لكن من الضروري أن يتحرك الأقطاب الفاعلون (في المنطقة) للاعتراف بهذه الحكومة»، ملمحا بذلك خصوصا إلى مصر وقطر وتركيا.
وأوضح لودريان أن على هذه الحكومة بعد تشكيلها أن تقول: «كيف ستتحرك وما تطلبه من المجموعة الدولية لدرء ثلاثة أخطار كبيرة في ليبيا: داعش الذي يستخدم ما بين 4000 إلى 5000 مقاتل اليوم، وعمليات الاتجار بالمهاجرين.. وتدفق السلاح».
وقدر الوزير الفرنسي عدد المهاجرين المعنيين في ليبيا بـ«مئات الآلاف»، لافتا النظر إلى أنه «يجب أن نحرص على ألا يؤدي الاتجار بالمهاجرين إلى تعزيز (داعش) عبر موارد مالية إضافية يحصل عليها».
إلى ذلك، وبعد مرور يومين على إعلانه أنه لن يقوم بعملية تسليم السلطة لحكومة السراج المدعومة من الأمم المتحدة، اجتمع أمس خليفة الغويل، رئيس حكومة طرابلس الموازية، مع قادة كتائب الثوار بمقر الحكومة غير المعترف بها دوليا، حيث تمت مناقشة التطورات الأمنية والسياسية في البلاد، بحسب بيان رسمي أصدره مكتبه.
وكشف البيان النقاب عن أنه تم الاتفاق على تشكيل غرفة عمليات موحدة من جميع مناطق ليبيا لمساندة الأجهزة الأمنية والعسكرية، بهدف حفظ الأمن داخل العاصمة وخارجها، ورفض أي محاولة لإدخال أي حكومة لم يتوافق عليها الليبيون. كما تقرر تكوين قوة عسكرية مسلحة تكون من مهامها فتح وتأمين الطرق وكل مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى فتح وتأمين كل مصادر رزق الليبيين، المتمثلة في الحقول والموانئ النفطية. وهدد البيان باعتقال كل من يحاول زعزعة أمن العاصمة، أو أي مدينة ليبية أخرى، ومحاربة عمليات السرقة والخطف، واعتقال كل من يخالف القانون.
وأعلنت كتائب المنطقة الغربية عن رفضها ضمنيا محاولة حكومة السراج الدخول إلى طرابلس، حيث اعتبرت في بيان منفصل لها أن اتخاذ أي موقف بالإيجاب، أو السلب، من هذه الحكومة يعد سابقا لأوانه في ظل الظروف الحالية.
ويفترض أن تحل حكومة السراج محل الحكومتين، اللتين تتنازعان السلطة، الأولى في طرابلس ومدعومة من تحالف الميليشيات، والثانية في طبرق (شرق) المدعومة من البرلمان المنتخب. لكن هذه السلطات المتنافسة رفضت بالتناوب حكومة السراج، التي يقيم عدد من أفرادها، ومنهم السراج نفسه خارج ليبيا، في تونس أو في المغرب.
من جهة أخرى، استمرت أمس لليوم الثالث على التوالي الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة في مدينتي الزاوية وورشفانة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ما أسفر عن مصرع 11 شخصا وجرح العشرات، ونزوح أغلب سكان أحياء وسط مدينة الزاوية.
وقال مصدر في المدينة لـ«الشرق الأوسط» إن المعارك التي تدور حاليا هي عبارة عن تصفية حسابات بين مجموعتين: مجموعة مدعومة من شعبان هدية، الملقب أبو عبيدة، الرئيس السابق لكتائب فجر ليبيا المتشددة في طرابلس، والمجموعة الأخرى تابعة لعائلة الخذراوي.
وأضاف المصدر أن «المدعو إبراهيم الحنيش ميليشياوي المدعوم من عدة ميليشيات»، قتل مؤخرا شخصا من عائلة الخذراوي، التي تحاول تصيده منذ مدة، مشيرا إلى أن هذه العائلة فقدت أحد أبنائها أول من أمس متأثرًا بجراحه.
وتشهد ليبيا منذ أكثر من عام ونصف صراعا مسلحا على الحكم بين حكومتين ترفضان تسليم السلطة إلى حكومة السراج، التي من المفترض أن توحد البلاد في مواجهة خطر المتطرفين المتصاعد، والانهيار الاقتصادي الذي تعاني منه.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.