الأمير خالد الفيصل يشعل الإبداع بـ«أبيات شعرية»

وزير التربية والتعليم: تجاوزنا مرحلة تراكم المعلومات إلى بناء المعرفة وإنتاجها

الأمير خالد الفيصل يهدي أبياتا شعرية لـ72 مبدعا ومبدعة من أبناء الوطنالذين حصلوا على جوائز الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي
الأمير خالد الفيصل يهدي أبياتا شعرية لـ72 مبدعا ومبدعة من أبناء الوطنالذين حصلوا على جوائز الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي
TT

الأمير خالد الفيصل يشعل الإبداع بـ«أبيات شعرية»

الأمير خالد الفيصل يهدي أبياتا شعرية لـ72 مبدعا ومبدعة من أبناء الوطنالذين حصلوا على جوائز الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي
الأمير خالد الفيصل يهدي أبياتا شعرية لـ72 مبدعا ومبدعة من أبناء الوطنالذين حصلوا على جوائز الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي

لم يكن الشعر لدى الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم السعودي، مجرد أمسية أو ذائقة شعرية فقط، وإنما تجاوز ذلك ليصبح نمطا وأسلوب حياة يتجلى في أي مكان يحل به، وذلك عندما أهدى أبياتا شعرية لـ(72) مبدعا ومبدعة من أبناء الوطن، الذين حصلوا على جوائز الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي (إبداع 2014)، في حفل أقيم أول من أمس الثلاثاء، بمركز الملك فهد الثقافي في العاصمة الرياض.
«يسبق الإبداع حلم المبدعين.. والعظام أصلها ومضات فكرة.. والفرص نفحات رب العالمين، ومن تجي له فرصته بالعمر مرة، وهذي الأيام تمحاها السنين، ويحفظ التاريخ لأهل الدار عصره»، هكذا بدأها أمام جمع كبير من الموهوبين والموهوبات، بحضور كبير للمهتمين بالشأن التربوي والإبداعي في البلاد، باعتباره المسؤول الأول عن التربية والتعليم في السعودية، ناقلا تأكيد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين على دعم المبدعين والمبدعات لتحقيق المزيد من التقدم في هذا المجال، وتحرير موقع المملكة على خارطة الإبداع والموهبة.
وقال الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم «يشرفني أن أرعى للمرة الأولى حفل الفخار بهذه النخبة المميزة من أبناء الوطن وبناته، الذين صبروا وثابروا على البحث، وجدّوا واجتهدوا في استكناه المغلق، وسبر أغوار الحقيقة، حتى خرجوا بكنوز المعرفة التي أهلتهم لهذا الشرف، فاستحقوا منا كل الحفاوة والتقدير».
وأضاف «إن شجرة الرعاية الوارفة الكريمة التي غرستها ورعتها مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة)، بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم التي تبنت هذا الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي، من شأنها تحفيز اهتمامات الطلبة والطالبات في ميادين العلم والمعرفة، وتوفير البيئة التنافسية التي تشبع فضولهم العلمي، وتنمي روح الإبداع لديهم».
وأكد وزير التربية والتعليم، أن وزارته لن تدخر وسعا في مواصلة تطوير آلياتها، لتجاوز مرحلة تراكم المعلومات وتصنيفها واستظهارها، إلى استهداف بناء المعرفة وإنتاجها وتوظيفها في خدمة هذا الهدف النبيل، مبينا أن وزارة التربية والتعليم تدرك مسؤوليتها العظمى عن بناء الإنسان في أهم مراحل حياته، وتؤمن بأن التحول إلى الاقتصاد المعرفي هو الأساس الراسخ للتنمية الفاعلة المستدامة، التي تنطلق من رؤية خادم الحرمين الشريفين في النهوض بالوطن إلى مصاف العالم الأول.
من جهته، قال أحمد البلوشي المشرف العام على الأولمبياد في «موهبة»: «إن 1260 يوما مضت منذ انطلاقة الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي في 2011 كمظلة للمسابقات والمعارض العلمية كافة، التي كانت تنفذها وزارة التربية والتعليم ومؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة)، ونحن نعيش حاليا متعة وبهجة موسمه الرابع».
وبيّن أن المسيرة تخللتها أيام حافلة بالتحدي والمثابرة والإنجاز؛ إذ انضوى تحت سقف الأولمبياد أكثر من 189.696 مشاركا في مساري البحث العلمي والابتكار، تنافسوا في 820 معرضا على مستوى إدارات التربية والتعليم والمناطق التعليمية، وحكم تلك المشاريع ما يربو على 7700 محكم ومحكمة، وفحصت مشاريعهم من قِبل 209 أعضاء في اللجان العلمية ولجان الأخلاقيات العلمية.
ولفت المشرف العام على الأولمبياد في «موهبة»، إلى أن المحرك الرئيس لذلك الحراك، يكمن في الدعم الكبير، والعناية الخاصة بمواهب طلبة السعودية من لدن خادم الحرمين الشريفين، الذي استودع «موهبة» ووزارة التربية والتعليم مسؤولية الرعاية والسقيا لهذه البراعم، بجانب الشغف الكبير، والحماس المتدفق، وحب العلم والمعرفة لدى هذه البراعم؛ ما جعل مسؤولي الأولمبياد الوطني في سباق مع الزمن لمواكبة تطلعاتهم، وإرواء نهمهم.
وأشار إلى أن «موهبة» شرعت بالتعاون مع إدارات التربية والتعليم في تعزيز تجربة توطين المعارض بالمدارس لتحقيق تمكين المدرسة؛ لتكون النواة والمنطلق لمعارض العلوم، إضافة إلى العمل مع عدد من الجامعات السعودية في مختلف المناطق لتوفير الإشراف العلمي على مشاريع طلبة الأولمبياد منذ مراحله الأولى، وإتاحة المعامل والمختبرات لهم لإجراء تجاربهم وأبحاثهم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».