«العباءة» نجمة معرض المرأة السعودية الخامس في الرياض

تشكيلات لم تقتصر على التصاميم التقليدية السوداء

«العباءة» نجمة معرض المرأة السعودية الخامس في الرياض
TT

«العباءة» نجمة معرض المرأة السعودية الخامس في الرياض

«العباءة» نجمة معرض المرأة السعودية الخامس في الرياض

بحضور نسائي مكثف وتحت رعاية الأميرة ريما بنت طلال بن عبد العزيز، افتتح بالعاصمة السعودية الرياض، معرض المرأة السعودية الخامس من الـ21 من مارس (آذار) الحالي الذي انتهت فعالياته أمس بمشاركة سيدات لأعمال متنوعة من بينها مهن غير مطروقة تعنى بالجمال كالتسويق لـ«إزالة عسر المياه»، ما يساعد في تنقية البشرة وصحة الشعر على سبيل المثال.
وداخل أرجاء قاعة فخمة وشاسعة منحت المشاركات مواقع متراصة، تسنى لكل واحدة تزيينها حسب ذوقها وفقا لأسلوب مميز في طرق العرض وكيفية جذب الحضور للشراء، مع العلم أن بعض المشاركات يعتمدن على هكذا معارض في التسويق. فيما فاحت في المكان وعبقته روائح العود لا سيما أن أكثر من موقع تخصص في صناعة تركيب العطور ومزجها باستخدام أكثر من نوع طيب كالمسك والعنبر والزيوت والزعفران يتم استخلاصها في عدة أشكال كالبخاخ والسوائل وبعضها بخور جاف.
وإلى جانب العطور، تميز المعرض بتشكيلات من العباءات التي لم تقتصر على العباءة التقليدية السوداء، وإنما جددت مصممات وقدمن تشكيلات تم تطعيمها بألوان أخرى. كما فصل بعضها بأكثر من نوع من القماش فيما تم تزيين أخريات بتطريز وشك وزخارف، وإن ظل اللون الأسود هو الغالب.
ومن أكثر ما يلفت النظر صغر أعمار المصممات، ومشاركة ثنائيات في تقديم تصاميم، بالإضافة لخبرة عالية في التعامل مع الزبائن والإسراع في توفير كل ما يستلزم لتسهيل عمليات البيع بما في ذلك توفير ماكينات للدفع ببطاقات الائتمان بل كان هناك «بنك متنقل» على سيارة تم توقيفها أمام صالة العرض لسحب المزيد، فيما ازدحم الشارع العام بالسيارات حتى ساعة متأخرة من أمسية أول من أمس في حفل الافتتاح الذي كان بدعوات.
وردا على سؤال طرحته «الشرق الأوسط» على أكثر من مصممة ومتسوقة عن مستقبل العباءة كزي خارجي يغطي المرأة السعودية، أجمعن ودون تردد أن المستقبل للعباءة، وأنها باقية ولن تنقرض على مر السنين، وذلك لكونها ساترة ومريحة وعملية، وأهم من كل ذلك كونها مقبولة مما يسهل خروج المرأة ومشاركتها كنصف أصبح أكثر فاعلية في مجتمع إسلامي تقليدي محافظ، ويلاحظ انتشار العباءة بصورة أوسع بين نساء مجتمعات لم تكن تعرف العباءة من قبل سيما وأن العباءة تسمح للنساء بارتداء ما شئن من تحتها.
لم تختلف هذه الرؤيا رغم اختلاف الأعمار والإمكانات والأذواق مع ملاحظة اختلاف واضح في قبول تجديدات يتم إدخالها على شكل وتفصيل العباءة الذي كان سائدا قبل عقود.
إلى ذلك، أشارت بعض المتابعات لانقراض شكل كان سائدا منذ سنوات خلت «العباءة على الرأس» التي تقلص انتشارها بشكل واسع وحل محلها «العباءة على الكتف».
هذا فيما لا يزيد سعر عباءات قطنية أو بولستر بسيطة على 100 ريال سعودي هناك عباءات حريرية مزينة بالغة الفخامة يصل سعرها إلى 4000 ريال.
وغالبا ما تمتلك المرأة السعودية أكثر من عباءة ما بين بسيطة وأنيقة، ولكل مشوار وطلعة من الطلعات عباءتها، كما أن هناك عباءات شتوية بعضها من الكشمير والصوف وهناك التي يزين أطرافها شريط من الفراء.
وللعباءات «خزانات» لحفظها تماما كما لـ«المعاطف» خزانات بالمدن الأوروبية، وجرت العادة أن «تشلح» أو «تفسخ» السيدات السعوديات عباءاتهن ما إن يصبحن لوحدهن. فيما جرت العادة بدولة الإمارات، على سبيل المثال، أن تحتفظ الإماراتية بعباءتها حتى في المناسبات النسائية والفعاليات التي تخلو من الرجال.
داخل موقع لمصممة اسمها اقماشة وتعني «اللؤلؤة متوسطة الحجم» ولجت هذا المجال قبل 12 وأصبح مصدرا رئيسيا لرزقها بدلا عن مجرد هواية، تم عرض أنواع مستحدثة من العباءات بما في ذلك عباءات من «لونين» أسود من الخارج وملون من الداخل، وتلبس على الوجهين.
وكما أوضحت المصممة فإن هذا النوع من العباءات أكثر شعبية بين طالبات الجامعات، شارحة أن الطالبة بالطريق العام تلبس الواجهة السوداء وتقلبها داخل الجامعة للواجهة الملونة كنوع من التغيير.
إلى ذلك هناك عباءات فصلت من أكثر من خامة كالقطن والدانتل والستان، لا سيما في أسفل العباءة وفي أكمامها على هيئة «كنار» عريض، كما أن هناك عباءات تمت زخرفتها بأفخم أنواع «التطريز» و«الشك» باستخدام أنواع معينة من الخرز. وهذه تتراوح أسعارها ما بين 650 وقد تفوق 1500 ريال، حسب نوع وكثافة الشغل، وقد يرتفع السعر في حالة الشغل اليدوي» وتركيب الخرز «حبة وراء حبة» كما قالت مصممة.
بدورهن قدمت مصممتان (إحداهما جامعية درست دراسة مهنية بحتة إلا أن حبها للتفصيل تغلب عليها، وبعد ممارسته كهواية أصبح مهنة رسمية) نوعا آخر من العباءات أشبه بـ«البشت» الرجالي مع اختلاف اللون والزخرفة ونوعية القماش.
البشت النسائي أكثر ما يفضل كزي للمناسبات الرمضانية، ويفصل من أقمشة أخف وأكثر جرأة من حيث الألوان الفاقعة وتزان أطرافه بتطريز ذهبي اللون منمق ولماع ويلبس فوق بنطال أو فستان طويل وبالطبع تكون السيدة وهي بالطريق ملتفحة بعباءاتها.
في معرض إجابات عن سؤال عن سبب تفضيل اللون الأسود للعباءة أجمعت من سألتهن «الشرق الأوسط» ومن بينهن مهنيات وربات بيوت وطالبات، أن اللون الأسود أكثر حشمة، وأنه اللون السائد لتفادي الفتنة، وتجنب لفت النظر، ولهذا فهو الأنسب للتسوق ومواقع العمل الرسمية فيما تظل العباءة الملونة محصورة في مناسبات معينة وحسب اختيارات فردية.
وبالسؤال إن كان نوع وتفصيل العباءة مختلف بين الخليجية السعودية والإماراتية والقطرية على سبيل المثال؟ أجمعت من شاركن في الإجابة أن العباءة مثلها مثل «التوب» على سبيل المثال فالتوب السوداني يختلف عن التوب الموريتاني وعن توب نساء الصحراء الغربية وحتى التوب الذي انتقل من السودان إلى نشاد وبعض الدول الأفريقية، وإن تشابه لمن لا يعرفه.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».