الشيخ محمد بن راشد يطلق مبادرة عالمية لإحياء الوقف

حاكم دبي يهب أصولاً بقيمة 1.3 مليار دولار للمعرفة والعلوم والأبحاث

الشيخ محمد بن راشد والشيخ حمدان بن محمد والشيخ مكتوم بن محمد ومحمد القرقاوي وأمل القبيسي (وام)
الشيخ محمد بن راشد والشيخ حمدان بن محمد والشيخ مكتوم بن محمد ومحمد القرقاوي وأمل القبيسي (وام)
TT

الشيخ محمد بن راشد يطلق مبادرة عالمية لإحياء الوقف

الشيخ محمد بن راشد والشيخ حمدان بن محمد والشيخ مكتوم بن محمد ومحمد القرقاوي وأمل القبيسي (وام)
الشيخ محمد بن راشد والشيخ حمدان بن محمد والشيخ مكتوم بن محمد ومحمد القرقاوي وأمل القبيسي (وام)

أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي مبادرة عالمية لإحياء الوقف، حيث أعلن عن إيقاف منطقة لإنشاء مشاريع الوقف والهبات، وتأسيس مركز لتقديم خدمات استشارية وقفية للتجار. كما وجه بإيقاف أصول بقيمة 5 مليارات درهم (1.3 مليار دولار) للمعرفة والعلوم وأبحاث المستقبل ودعم القراءة والمحتوى.
وقال الشيخ محمد بن راشد أمس: «نفتح أبواب الخير لأهل الخير ونطمح لأن نكون الشعب الأكثر وقفا لخدمة الإنسانية، الكثير من التجار يعملون الخير بالسر، ونريدهم أن يعلنوه ليقتدي بهم الناس والدال على الخير كفاعله»، وأضاف: «إن الوقف مفتوح للشركات والمؤسسات ومنفعته للجميع دون قيود جغرافية أو دينية أو عرقية وأن التسامح والعطاء هو ما يقود مبادراتنا الإنسانية».
وأضاف: «رجال الأعمال والمستثمرون الأجانب بهروني بعطائهم والتزامهم وتقديرهم لأهمية الوقف، ودولة الإمارات ستبقى عاصمة الإنسانية ببقاء مبادراتها الخيرة ومساعيها لخدمة الشعوب ومشاريعها المبتكرة إنسانيا».
وتم الإعلان خلال حفل بحضور عدد من المسؤولين، والذي شهد أيضًا إطلاق الشيخ محمد بن راشد أول وقف استشاري، وهو مركز محمد بن راشد العالمي لاستشارات الوقف والهبة، إحدى مبادرات محمد بن راشد العالمية، وهو مؤسسة استشارية ستعمل على الإشراف على أكبر مبادرة عالمية لإحياء الوقف. وتتضمن نظاما تشريعيا وحيا للأوقاف ومنتجات وخدمات وقفية، وستعمل المؤسسة الجديدة على تنفيذ استراتيجية دبي للأوقاف والهبات وتحقيق رؤيتها العالمية في هذا المجال من خلال تحفيز وتمكين الأوقاف والهبات لتلبية الحاجات الاجتماعية للشعوب.
وسيقدم المركز خدماته للأفراد والمؤسسات المحلية والإقليمية والعالمية بلا مقابل لتحويل الوقف لأحد أهم محفزات التنمية في العالم العربي، ويعمل المركز على تقديم الاستشارة الوقفية حسب أفضل الممارسات العالمية وتقديم الاستشارة في خيارات الأوقاف والهبات لتعزيز الأثر الاجتماعي لما فيه صالح الشعوب العربية. كما يعمل المركز على إدارة المعرفة في مجال الأوقاف والهبات من خلال إجراء البحوث والدراسات وتنظيم المؤتمرات وورش العمل وعقد الشراكات، بالإضافة إلى بناء القدرات ورفع الكفاءة للعاملين في هذا المجال.
كما أطلق نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي حي دبي للأوقاف والهبات لخدمة الإمارات والعالم العربي، وهو أول مشروع عقاري اجتماعي يتبنى مفهوم الوقف المبتكر وتحفيز المصارف التنموية للوقف في مجتمع الإمارات والعالم العربي.
ويقام المشروع على أرض وقفها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي لبناء الأوقاف والهبات السكنية، كأحد الخيارات لمن يملكون التمويل دون الأصول بحيث يخصص ريع ك لمبنى لصالح إحدى حاجات الأوقاف والهبات.
وينقسم الحي الذي يشرف عليه مركز محمد بن راشد العالمي للأوقاف والهبات إلى نطاقين، يركز النطاق الأول على خدمة الإمارات من خلال تلبية الحاجات الاجتماعية في الإمارات، بينما يركز النطاق الثاني على خدمة العالم العربي من خلال تلبية الحاجات الاجتماعية العربية، ويتوسط الحي أول شارع وقفي في العالم، وهو مسار مبتكر لتحفيز المصارف التنموية للوقف.
وأعلن عن مشاريع للوقف بقيمة 5 مليارات درهم (1.3 مليار دولار)، منها وقف للابتكار، وهو أرض استثمارية بقيمة مليار درهم (272 مليون دولار) خصصها لدعم مشاريع ومبادرات الابتكار من خلال مؤسسة دبي لمتحف المستقبل، وأعلن عن وقف المعرفة وهو أرض استثمارية بأصول تصل إلى 3.5 مليار درهم (952 مليون دولار)، أوقفها لدعم مشاريع ومبادرات المعرفة من خلال مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، بالإضافة إلى وقف بقيمة نصف مليار درهم (136 مليون دولار) في مجالات أخرى، ووجه بإعداد قانون لتمكين إنشاء مؤسسات الأوقاف والهبات لتعزيز دورها المؤثر اجتماعيا واقتصاديا في تلبية حاجات المجتمعات.
كما أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم علامة دبي للوقف لإتاحة الفرصة لمؤسسات القطاعين الحكومي والخاص للمشاركة في خدمة المجتمع عن طريق الوقف المبتكر لجزء من أصولها لصالح حاجات تنموية لخدمة المجتمع.
من جانبه، قال محمد القرقاوي الأمين العام لمبادرات محمد بن راشد العالمية: «الوقف هو مفهوم تاريخي وأيضًا عالمي يلعب دورا كبيرا في مساهمة الشعوب في التنمية واليوم يطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رؤية متفردة لإحياء هذا المفهوم في منطقتنا من خلال توفير الإطار التشريعي، والخدمات المؤسسية، والدعم الحكومي، وأيضًا من خلال القدوة، حيث أوقف أصولا بقيمة 5 مليارات درهم (1.3 مليار دولار) لدعم العلم والمعرفة وأبحاث المستقبل والمحتوى العربي».
وأضاف القرقاوي أن «المركز العالمي الذي أطلقه الشيخ محمد بن راشد سيكون له دور بارز في التوجيه الصحيح للأصول الوقفية وفي تلبية الحاجات المجتمعية الأبرز والأكثر تأثيرا، كما سيعمل المركز على تحفيز منظومة متكاملة للتنمية بطرق وقفية مبتكرة تتيح للأفراد والمؤسسات القيام بأدوار تنموية مؤثرة».
وزاد القرقاوي: «بتوجيهات من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تم تعيين الدكتور حمد الحمادي أمينا عاما لمركز محمد بن راشد العالمي لاستشارات الوقف والهبة، وهو يحمل الدكتوراه في مجال الذكاء الاصطناعي».
وتتكون رؤية دبي العالمية للأوقاف والهبات والتي تهدف إلى تحويل دبي إلى مركز عالمي لتحفيز وتمكين الأوقاف والهبات لخدمة الإنسانية من ثمانية ممكنات تشمل استراتيجية شاملة وبيئة تشريعية واضحة واستشارات فاعلة، وتبني الممارسات العالمية في إنشاء وإدارة مؤسسات الأوقاف والهبات وتعظيم الأثر الاجتماعي من خلال الفرص المبتكرة، ورصد الحاجات الملحة للأوقاف والهبات، وتحفيز الوقف والهبة وتمكين التمويل الجماعي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».