تجربة «الكليجا» تقود فتيات القصيم لعالم المال والأعمال

صناعة وتجارة العصائر.. تحيل معلمة حاملة ماجستير للتقاعد

البيع والشراء عبر مهرجان كليجا
البيع والشراء عبر مهرجان كليجا
TT

تجربة «الكليجا» تقود فتيات القصيم لعالم المال والأعمال

البيع والشراء عبر مهرجان كليجا
البيع والشراء عبر مهرجان كليجا

قلب مهرجان الكليجا الثامن المقامة فعالياته وسط المملكة العربية السعودية في مدينة بريدة، الموازين لحاملة الماجستير في الاقتصاد المنزلي «أم مقرن»، حينما اجتذبها حجم المبيعات في المهرجان، وذلك في تقديم تقاعدها المبكر من مهنة التعليم.
«أم مقرن»، التي تعمل في صناعة أنواع العصائر وتمتلك محلا خاصا بالعاصمة الرياض تشارك للمرة الأولى في مهرجان الكليجا، وقد شدها الحضور الكبير وترى أن حجم مبيعاتها كبير جدًا، مما دفعها لأن تسعى لافتتاح فرع لها في مدينة بريدة، وتؤكد أن سبب توجهها هذا هو أن أغلب زبائنها من بريدة وذلك لمشاركتها في مهرجاناتها المتعددة.
وتقول معلمة الاقتصاد المنزلي، حاملة درجة الماجستير في التخصص ذاته، وحاملة شهادة التغذية والحلويات جامعة عين شمس، إن فكرة التقاعد المبكر باتت تراودها، كي تتفرغ لتجارتها التي أدخلت عليها رزقا كثيرا، وتتمكن من إدارة محلها الجديدة الذي ستفتتحه في بريدة.
ولم تنته تجربة فتيات القصيم الأولى في خوض غمار البيع والشراء عبر مهرجان كليجا بريدة، حتى بدأت فصول جديدة من عالم المال والأعمال، فقد بدأت القصة قبل سبع سنوات، عندما أعلن عن إقامة مهرجان للأسر المنتجة باسم مهرجان الكليجا، فتوافدت الفتيات للتسجيل والتسلية حتى تأتي الوظيفة، حيث يحمل الكثير منهن الشهادة الجامعية.
وتروي «أم ميلان» تجربتها بقولها: «عندما حصلت على شهادة البكالوريوس في التربية الإسلامية لم يكن بوسعي الانتظار طويلاً فعملت على صناعة المأكولات وبيعها داخل المهرجان وأحصل على مردود جيد يتراوح بين 600 - 800 ريال يوميًا»، وحول خيارها بين العمل التجاري أو الوظيفة، قالت «أم ميلان»: «على الأقل لن أقبل بأي وظيفة عابرة فلدي عملي التجاري الخاص».
وتشير الشابة «أمل صالح» إلى أنها تعلمت طهي الأكلات الشعبية من والدتها وتتجه الآن للاستقلال بتجارتها الخاصة في نفس المجال بعد أن كان دخولها لمجرد التجربة.
وتروي نورة الصيخان التي تحمل مؤهل البكالوريوس في الاقتصاد المنزلي تخصص «غذاء وتغذية» تقول إنها تركت وظيفة «أخصائية تغذية» في إحدى المستشفيات الخاصة بعد أن عملت بها مدة أربعة أعوام، متجهة إلى العمل الحر في صناعة المأكولات، وتضيف أنها تحاول تقديم شيء لمجتمعها، حيث تشارك بالبازارات التي تقام في المنطقة بين حين وآخر وبعض المهرجانات، وفي لفتة خيرية تقول نورة إنها لا تحاول زيادة بضاعتها من المأكولات خوفًا من الإسراف حيث تبيع بقدر حاجتها.
وتختم «الشابة أم تولين» حديث الفتيات بقولها إنها تخرجت في الجامعة تخصص «تغذية» إلا أنها سلكت اتجاهًا آخر، وهو بيع الإكسسوارات النسائية، مؤكدة أنها تسعى لتكوين ماركتها الخاصة بعد تزايد الطلب على بضاعتها، حيث تتراوح مبيعاتها اليومية بين 1200 - 1500 ريال، مضيفة أنها خلال أيام سيتم افتتاح متجرها الخاص في أسواق مدينة بريدة بعد أن صقلتها سنوات المهرجان منذ انطلاقته.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».