مخاوف من انقسام المؤسسة العسكرية العراقية

الصدر يضع زعامات الخط الأول في زاوية حرجة

أتباع التيار الصدري يعتصمون عند أحد مداخل المنطقة الخضراء في بغداد أمس (رويترز)
أتباع التيار الصدري يعتصمون عند أحد مداخل المنطقة الخضراء في بغداد أمس (رويترز)
TT

مخاوف من انقسام المؤسسة العسكرية العراقية

أتباع التيار الصدري يعتصمون عند أحد مداخل المنطقة الخضراء في بغداد أمس (رويترز)
أتباع التيار الصدري يعتصمون عند أحد مداخل المنطقة الخضراء في بغداد أمس (رويترز)

في الوقت الذي أكد فيه مصدر عراقي مطلع أن رئيس الوزراء حيدر العبادي لا يزال يسعى عن طريق قياديين في حزب الدعوة إلى مد الجسور مع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، دعا الرئيس العراقي فؤاد معصوم إلى اجتماع عاجل أمس للرئاسات الثلاث وزعماء الكتل السياسية وفي مقدمتهم زعامات الخط الأول لبحث التداعيات المترتبة على استمرار الاعتصامات التي دعا إليها الصدر. وقال مصدر مطلع في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه، إن «العبادي وعن طريق القياديين البارزين في حزب الدعوة طارق نجم وعبد الحليم الزهيري يسعى إلى التواصل مع الصدر بهدف إقناعه بسحب الاعتصامات من أمام بوابات المنطقة الخضراء بهدف تلافي حدوث احتكاكات بين المعتصمين والقوات الأمنية».
وأضاف المصدر أن «العبادي عرض على الصدر من خلال الوسطاء إمكانية التفاهم بشأن أفكاره للإصلاح بما في ذلك مسألة الوزراء التكنوقراط».
وفيما إذا كان الصدر استجاب للوساطة، قال المصدر المطلع إن «الصدر لا يزال يصدر البيانات الداعية إلى استمرار الاعتصامات لكنه في آخر بيان أصدره (أمس السبت) أشار إلى أن الاعتصامات هي من أجل دعم إصلاحات العبادي».
إلى ذلك وفي تطور لافت، فقد دعت قيادة ميليشيات الحشد الشعبي القوى السياسية إلى «الاحتكام لرأي المواطن وصناديق الاقتراع والتبادل السلمي للسلطة» وقالت في بيان، في إشارة إلى التصعيد الذي يمارسه التيار الصدري عن طريق فصيله المسلح «سرايا السلام»، إنه «في الوقت الذي يواجه أبناؤكم في القوات المسلحة البطلة والحشد الشعبي (داعش)، وحواضنها في جبهات القتال ندعو جميع القوى السياسية إلى تحكيم العقل والدستور والقانون من أجل توفير بيئة سياسية مستقرة تساعدنا في إنجاز واجبنا في تحرير ما تبقى من أرضنا وإعادة الأمن والاستقرار إلى الوطن والمواطنين». ودعا البيان القوى السياسية كلها إلى «احترام رأي المواطن والاحتكام إلى صناديق الاقتراع والتبادل السلمي للسلطة وعدم تفرد أي جهة سياسية بالقرار وفرض الأمر الواقع».
وبالعودة إلى المصدر المطلع فإن هذا البيان «بات يؤشر أول انقسام داخل فصائل الحشد الشعبي وهو يأتي في وقت وضع فيه العبادي بوصفه القائد العام للقوات المسلحة العاصمة بغداد تحت إمرة قيادة العمليات المشتركة بدلا من قيادة عمليات بغداد وهو أمر تم تفسيره على وجود تعاون بين ضباط من قيادة عمليات بغداد مع المعتصمين لا سيما فتح الجسر الجمهوري أمام المعتصمين للتوجه إلى المنطقة الخضراء».
وفي سياق ذلك دعا الرئيس العراقي فؤاد معصوم إلى اجتماع عاجل للقوى السياسية والرئاسات الثلاث. وقال شروان الوائلي مستشار رئيس الجمهورية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الهدف من الدعوة هو بحث التطورات المتسارعة في البلد وتأتي انسجاما مع الصلاحيات الدستورية للرئيس»، مشيرا إلى أن «قرارات عاجلة وحاسمة ستصدر عن الاجتماع والأهم فيها أنها ستتضمن سقوفا زمنية لغرض تحقيق الإصلاحات بما في ذلك التغيير الوزاري، بالإضافة إلى مسائل أخرى هامة تتعلق بالأزمة المالية وكذلك مواجهة تنظيم داعش».
وعلى صعيد متصل، دعا مرجع شيعي بارز إلى إجراء انتخابات مبكرة مع تعديل قانون الأحزاب وتشكيل مفوضية جديدة للانتخابات. وقال مرشد حزب الفضيلة آية الله محمد اليعقوبي في بيان له أمس إن «الساحة العراقية تشهد منذ عدة أشهر حراكًا جماهيريًا للمطالبة بالإصلاح بعد أن استشرى الفساد وغابت الإدارة الكفوءة والتخطيط الصحيح وحلّ محلها التخبط والفوضى والأنانية وحيازة المغانم على حساب المواطنين الذين أصابهم قلق حقيقي مما يحصل». وأضاف اليعقوبي أن «المشاريع والأفكار المطروحة تعددت ولكل منها غاياتها وأهدافها»، مشيرا إلى أنه «سبق في تشخيص المشكلات قبل وقوعها واستفحالها ووضع الحلول والبرامج الصحيحة لتحقيق الإصلاح في بيانات كثيرة ولم يستفد منها المعنيون». وأوضح أن «من تلك الحلول هي تأسيس (مجلس الأعيان والحكماء والخبراء) الذي يضم أهل الحنكة والتجربة والحكمة والنزاهة والكفاءة المستقلين عن الانتماءات إلا للعراق أرضا وشعبًا».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.