الرئاسة اليمنية: الحوثيون يريدون وقف القصف الجوي.. وصالح يطالب بخروج آمن

رجحت لـ «الشرق الأوسط» أن تعقد جولة المباحثات المقبلة في الكويت أواخر الشهر > الرئيس هادي يلتقي اليوم مع مستشاريه للتباحث حول المشاورات المقبلة

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي خلال استقباله المبعوث الأممي لدى اليمن إسماعيل ولد الشيخ بمقر إقامته المؤقت في الرياض (سبأ نت)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي خلال استقباله المبعوث الأممي لدى اليمن إسماعيل ولد الشيخ بمقر إقامته المؤقت في الرياض (سبأ نت)
TT

الرئاسة اليمنية: الحوثيون يريدون وقف القصف الجوي.. وصالح يطالب بخروج آمن

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي خلال استقباله المبعوث الأممي لدى اليمن إسماعيل ولد الشيخ بمقر إقامته المؤقت في الرياض (سبأ نت)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي خلال استقباله المبعوث الأممي لدى اليمن إسماعيل ولد الشيخ بمقر إقامته المؤقت في الرياض (سبأ نت)

يعقد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي اجتماعا مع مستشاريه اليوم للتشاور حول الملفات التي حملها إسماعيل ولد الشيخ، المبعوث الأممي لليمن، خلال لقائه مع هادي مساء أول من أمس، قبل أن يغادر إلى صنعاء، فيما أكد الرئيس هادي، أن السلام الدائم هو ما سيجنب اليمن ويلات أي صراعات قادمة ومن هذا المنطلق يجب أن يعمل الجميع على الوصول إلى كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار.
وكشف مستشار الرئيس اليمني ياسين مكاوي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن معظم مطالب الحوثيين، باتت حاليًا تنصب باتجاه وقف الضربات الجوية، تمهيدًا لإطلاق المفاوضات السياسية، فيما يطالب الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، فقط، بمخرج آمن من اليمن، مشيرًا إلى عدم جدية الانقلابيين في أي وقت من الأوقات، «بدليل الحشود الكبيرة التي ترسل إلى تعز، منذ أيام، إضافة إلى الحشود حول صنعاء».
وعاد المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أمس، إلى صنعاء، في إطار جولته في المنطقة لبحث التطورات المتعلقة بملف التسوية السياسية في اليمن. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن موضوع مكان وزمان انعقاد المشاورات أو المباحثات المقبلة بين الأطراف اليمنية، يتصدر جدول مباحثات المبعوث الأممي، إلى جانب اطلاعه على موضوع التهدئة على الحدود اليمنية - السعودية.
وقال ياسين مكاوي، لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة اليمنية ورغم استمرار الانقلابيين في ممارساتهم ومضيهم قدما في تنفيذ مخططهم الانقلابي، فإنها تدفع باتجاه تحقيق السلام، وفي نفس الوقت تتمسك بمطالب «إجراءات بناء الثقة»، المتمثلة في إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، مطالبًا الحوثيين باتخاذ إجراء واحد «يثبت حسن النية، من أجل تسهيل عملية البدء في التشاور».
وأكد مكاوي أنه «ليس أمام الحوثيين وصالح سوى تنفيذ القرار 2216، ولا حوارات أو اشتراطات أو مداراة سوى تنفيذ القرار لأنه المدخل الرئيسي للحل». وتؤكد المصادر السياسية اليمنية أن المبعوث الأممي يحمل جملة من المقترحات إلى الحوثيين وأنصار المخلوع صالح، تتعلق بالذهاب إلى جولة مشاورات جديدة نهاية الشهر الحالي، حيث يقترح ولد الشيخ نقل المشاورات إلى دولة عربية، وبهذا الصدد رجح مكاوي، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون دولة الكويت هي من تستضيف جولة المباحثات اليمنية المقبلة «لأنهم يريدون حصر الموضوع في المنطقة، ولأن الكويت كان لها دور إيجابي في تسوية صراعات سابقة بين شمال وجنوب اليمن»، كما رجح مكاوي أن تعقد المشاورات نهاية الشهر الحالي، إذا نجحت مباحثات المبعوث الأممي في صنعاء، مثمنًا «جهود ولد الشيخ مع التطلع إلى أن يقنَع الانقلابيون بتنفيذ القرار 2216 والولوج من خلاله إلى المفاوضات».
وأوضح مصدر يمني لـ«الشرق الأوسط»، أن اجتماع مستشاري هادي اليوم، ستنبثق منه رؤية المفاوضات بين الشرعية اليمنية، مع وفد الانقلابيين، والذي يعتقد أن تقام في نهاية الشهر الحالي، حيث سيطرح الرئيس هادي خلال الاجتماع الملفات التي يحملها ولد الشيخ، حول المكان والزمان، وجدول الأعمال.
وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي، استقبل إسماعيل ولد الشيخ، المبعوث الأممي لليمن، في مقر إقامته المؤقت بالرياض، وأكد هادي أن السلام الدائم هو ما سيجنب اليمن ويلات أي صراعات قادمة ومن هذا المنطلق يجب أن يعمل الجميع على الوصول إلى كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار.
وأوضح الرئيس اليمني، أن الحكومة الشرعية هي مسؤولة عن الشعب اليمني كافة وكل الأبواب مفتوحة للتوصل إلى سلام شامل ودائم وفقا للمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن الدولي.
واستعرض هادي مع ولد الشيخ، المستجدات على الساحة المحلية في بلاده والجهود الرامية لتحقيق السلام في اليمن المرتكز على قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن رقم 2216.
وثمن الرئيس اليمني، جهود المبعوث الأممي الرامية إلى إحلال السلام والوئام في بلاده وتحقيق التطلعات التي يستحقها الشعب اليمني لوضع حد لمعاناة الحرب والحصار وتبعاتها المؤلمة.
إلى ذلك، أكد المبعوث الأممي لليمن، استعداده لبذل كل المساعي الرامية إلى تحقيق السلام وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216 والقرارات المتصلة باليمن، مشيدًا بجهود الرئيس هادي، في هذا الصدد المنطلقة من حرصه على أمن اليمن واستقراره.
من جهة أخرى، أكد الدكتور عبد الله العليمي، نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية، رئيس الفريق الاستشاري الحكومي اليمني في المشاورات، أن الحكومة جاهزة وجادة للحل السياسي السلمي المستند إلى تنفيذ استحقاقات قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، مشيرًا إلى أن الحكومة تتعاطى بمسؤولية كاملة مع مساعي الأمم المتحدة للحل السياسي وترى فيها جهودًا مخلصة ومقدرة، وإن التأخير ناتج عن عدم جاهزية الطرف الآخر فقط.
ورحب العليمي «بأن تكون المشاورات القادمة في المنطقة، سواءً في الكويت أو في غيرها، باعتبار أن اليمن جزء لا يتجزأ من محيطه الخليجي الذي لم يتوارى أبدًا عن دعم اليمن حكومة وشعبا، ومن المنطقي جدًا أن يكون الخليج محتضنًا لتلك المشاورات أو أي دولة عربية أخرى».
وقال نائب مدير مكتب الرئيس اليمني، إن الشعب اليمني ينتظر بفارغ الصبر لحظة إفاقة الميليشيا الانقلابية من وهمها وغيها لتوقف العبث بدماء أبناء الشعب وتوقف الضرر العميق الذي أحدثته في نسيجه الاجتماعي وبنيته التحتية ومستقبله الوطني.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.