القطري حمد الكواري.. فرصة العرب النادرة لـ«اليونيسكو»

رشحته الدوحة رسميًا ويحظى بدعم خليجي وحضور عالمي

الكواري يتوسط المشاركين في إحدى الفعاليات الثقافية في قطر ({الشرق الأوسط})
الكواري يتوسط المشاركين في إحدى الفعاليات الثقافية في قطر ({الشرق الأوسط})
TT

القطري حمد الكواري.. فرصة العرب النادرة لـ«اليونيسكو»

الكواري يتوسط المشاركين في إحدى الفعاليات الثقافية في قطر ({الشرق الأوسط})
الكواري يتوسط المشاركين في إحدى الفعاليات الثقافية في قطر ({الشرق الأوسط})

أعلنت قطر رسميا ترشيح الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري المستشار بالديوان الأميري، لمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، خلفًا للبلغارية إيرينا بوكوفا التي تنتهي ولايتها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017.
وعلى الرغم من أن أمام المدير العام الحالي لليونيسكو نحو عام، فإنه سرت أنباء عن تداول اسم السياسية البلغارية وهي أول امرأة تشغل منصب رئيس (اليونيسكو)، كبديل محتمل للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي تنتهي ولايته هذا العام (2016).
وأصبح الوزير والدبلوماسي القطري الدكتور حمد الكواري، أول مرشح لهذا المنصب، وأعلن السفير القطري في فرنسا الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني عن ترشيح الكواري رسميًا لمنصب المدير العام لليونيسكو. كما أعلنت قطر ترشيح الكواري، أول من أمس في حفل استقبال أقامه المندوب الدائم لدولة قطر لدى اليونيسكو، علي زينل موسى، في مقر المنظمة الأممية، حضرته كلّ الوفود المعتمدة.
وبحسب وكالة الأنباء القطرية، فقد تحدث المندوب الدائم لقطر خلال كلمته، عن التعاون الوثيق بين دولة قطر واليونيسكو، وذلك منذ انضمامها للمنظمة في عام 1971 وحتى الآن، «ومنها تبرع دولة قطر بعشرة ملايين دولار لإنشاء صندوق جديد يهدف لحماية مواقع التراث العالمي التي تضررت إثر نزاعات أو كوارث طبيعية، وذلك خلال استضافتها لأعمال الدورة الثامنة والثلاثين للجنة التراث العالمي في الدوحة عام 2014».
كما تناولت الكلمة تعريفًا بالمسيرة المهنية والسيرة الذاتية للمرشح القطري حمد الكواري، وقال إنه «يملك الخبرة على المستوى الدولي، نظرًا للمناصب الكثيرة التي تولاها خلال عمله سفيرًا لدولة قطر في العواصم العالمية كباريس وواشنطن، وعدد من دول أميركا اللاتينية، بالإضافة إلى عمله كمندوب دولة قطر لدى الأمم المتحدة، ومندوب الدولة لدى اليونيسكو».
ويحظى الكواري بدعم المجموعة الخليجية، حيث أعرب مجلس التعاون الخليجي عن دعمه لترشح الدكتور حمد الكواري لمنصب مدير عام «اليونيسكو». وأشاد الأمين العام للمجلس الدكتور عبد اللطيف الزياني بجهود الكواري المتميزة في إثراء الساحة الثقافية بدولة قطر والأدوار الثقافية المؤثرة التي قام بها لتعزيز التعاون الثقافي بين دول المجلس خلال توليه مسؤولية وزارة الثقافة في دولة قطر على كل المستويات الثقافية والتراثية، وما قدمه من دعم ومساندة لتعزيز مسيرة العمل العربي المشترك في كل المجالات الثقافية.
ويملك العرب فرصة نادرة للفوز بمنصب المدير العام لليونيسكو لأول مرة، في الدورة المقبلة، التي ينتخب مديرها العام لولاية مكونة من أربع سنوات، ويمكن إعادة انتخابه لولاية ثانية مرة واحدة، ويبلغ عدد الدول الأعضاء في المنظمة 191 دولة.
وسبق للعرب أن أضاعوا فرصتين للفوز بالمنصب، الأولى في انتخابات 1999 التي خسر فيها الشاعر والوزير والسفير السعودي الراحل غازي القصيبي، لهذا المنصب الذي فاز فيه الياباني كويشيرو ماتسورا، كما خسر وزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني لهذا المنصب في انتخابات 2009 لصالح البلغارية إيرينا بوكوفا.
ويمثل العرب نحو 10 في المائة من أصوات المجلس التنفيذي لهذه المنظمة الدولية، وهم بحاجة لتضامن إسلامي وجذب أصوات الدول الصديقة، وعقد شراكات مع دول آسيوية وأفريقية. وكان ممثلون عن 58 بلدا من أعضاء (اليونيسكو) الفائزون بعضوية مجلسها التنفيذي التقوا في باريس في 19 فبراير (شباط) الماضي، للتشاور غير الرسمي حول انتخاب مدير عام جديد لليونيسكو خلفا للمديرة الحالية إيرينا بوكوفا.
ويتكئ الكواري على سجل طويل من المناصب والإنجازات التي حققها، طيلة عمله كوزير وسفير ورجل دولة في كثير من دول العالم. فقد بدأ حمد الكواري مسيرته المهنية ما بين 1972 و1974 في المجال الدبلوماسي في منصب القائم بالأعمال في بيروت، ثم عمل سفيرًا لبلاده في سوريا (1974 - 1979) - ثم في فرنسا من (1979 إلى 1984)، وخلال عمله شغل مهمّة ممثّل دولة قطر لدى اليونيسكو، وقد شغل خلال هذه الفترة منصب السفير غير المقيم لدى اليونان، وإيطاليا، وإسبانيا، وسويسرا.
وخلال الفترة من 1984 حتى 1990، وفي سنة 1990 عيّنته دولة قطر سفيرًا لدى الولايات المتحدة الأميركية إلى حدود سنة 1992، وسفيرًا غير مقيم لدى المكسيك وفنزويلا. كما عين مندوبًا لبلاده في الأمم المتحدة، وكان في الفترة نفسها سفيرًا غير مقيم لدى الأرجنتين، والبرازيل، وكندا. وشغل في الفترة من 1997 إلى 2004 عضو اللجنة الاستشارية لمجلس التعاون لدول الخليج العربي. كما عُيّن الدكتور الكواري سنة 1992 وزيرًا للإعلام والثقافة، وفي عام 2008 عُيّن وزيرا للثقافة والفنون والتراث.
الكواري الذي درس الفلسفة السياسية في جامعة «السوربون» بفرنسا، ثم العلوم السياسية في جامعة «ستوني بروك» في نيويورك، هو وجه ثقافي بارز، له 3 مؤلفات هي: «جدلية المعارك والتسويات»، و«المعرفة الناقصة»، «على قدر أهل العزم». وهو يتقن اللغتين الإنجليزية والفرنسية بالإضافة إلى لغته الأم العربية.
الكواري مهتم بحماية التراث الإنساني، وخلال لقائه بإعلاميين ومثقفين ضمن فعاليات مؤتمر «الإبداع الفني لأجل الغد» الذي تنظمه جريدة «نيويورك تايمز» العالمية بالشراكة مع هيئة متاحف قطر واختتم الثلاثاء الماضي، قال الكواري إن « تراث الإنسانية لا يتجزأ وأي ضرر يقع عليه يقع على ذاكرة الإنسانية كلها، وأشعر بألم مباشر لمعالم كبيرة من التراث عشتُ معها وشاهدتُها وكنت من المواظبين على زيارتها ولكنها تُدَمر وما زال هذا التدمير مستمرًا في حمص وحلب وتَدمُر والموصل».
وأضاف أن «هناك كثيرا من المواقع في سوريا والعراق مهددة كذلك، حيث لم تسلم المدن ولا المواقع ولا القلاع ولا أماكن العبادة ولا المعالم الأثرية التي تعرضت لدمار لا سبيل لإصلاحه، لافتًا إلى ما قامت به جرافات (داعش) في نمرود وتدميرها للمدينة العريقة، وفي نينوى حيث هدم مسجد وضريح النبي يونس، ولا ننسى ما قام به هذا التنظيم في تَدمر وكنوزها التاريخية، وكذلك من الكوارث ما قامت به مجموعات متطرفة من تدمير أضرحة تمبكتو بمالي المسجلة في قائمة التراث الإنساني، موضحًا أن تمبكتو إحدى المدن التي يحرك اسمها ذاكرتنا الجماعية وخيالنا».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».