اكتشاف غرفتين خلف مقبرة توت عنخ آمون

يمهد للعثور على نفرتيتي

اكتشاف غرفتين خلف مقبرة توت عنخ آمون
TT

اكتشاف غرفتين خلف مقبرة توت عنخ آمون

اكتشاف غرفتين خلف مقبرة توت عنخ آمون

يبدو أن أسرار مقبرة توت عنخ آمون التي تعد أهم كشف أثري في القرن العشرين، لم تتكشف بعد؛ إذ كشفت نتائج المسح الراداري الأولي الذي أجراه الخبير الياباني «واتنابي»، عن وجود ما يشير بقوة إلى وجود غرفتين خلف الجدارين الشمالي والغربي من المقبرة لم يتم الكشف عنهما من قبل. وقال خبير أثري في الأقصر، إن الكشف عن الغرفتين يزيد من احتمالات العثور على مقبرة الملكة نفرتيتي داخل إحدى الحجرات الخلفية لمقبرة توت عنخ آمون، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «وجود حجرات إضافية خلف الجدران بداية لاكتشاف مقابر جديدة خلال رحلة البحث».
وأعلن نتائج المسح وزير الآثار المصري الدكتور ممدوح الدماطي، في مؤتمر صحافي بمقر الوزارة صباح أمس، من خلال رسوم توضيحية للمقبرة، موضحا أن النتائج الأولية أوضحت وجود مواد مختلفة عضوية ومعدنية خلف الجدران التي تم مسحها راداريا بالمقبرة، مما يشير إلى احتمالية وجود عناصر أثرية يصعب تحديدها الآن.
وأكد أنه سيتم عمل مسح راداري آخر للمقبرة بواسطة جهاز رادار رقمي أكثر دقة في نهاية الشهر الحالي للتأكد من ماهية هاتين الغرفتين التي تم الكشف عنهما من خلال المسح الراداري الأولي، لافتا إلى أنه سيتم الإعلان عن النتائج في مؤتمر صحافي بالأقصر في 1 أبريل (نيسان) المقبل.
وأشار الدماطي إلى أن الفترة المقبلة ستشهد كثيرا من خطوات العمل الدؤوب في محاولة للكشف عن مزيد من أسرار الملك توت عنخ آمون، واصفا هذا الحدث باكتشاف القرن، وأنه إعادة لاكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي من جديد.
في غضون ذلك، قال سلطان عيد، مسؤول الآثار في صعيد مصر، إنه «عند الوصول لأي نتائج تتعلق بالكشف الأثري الجديد في أي من مراحله، سوف يتم إعلانها، حتى يتبين بالطرق العلمية صدق فرضيات العالم الإنجليزي نيكولاس ريفز».
في السياق نفسه، أكد الخبير الأثري في الأقصر، أن «عملية البحث عن مقبرة الملكة نفرتيتي، قد تقود للوصول لمقبرة الملكة كيا والدة توت عنخ آمون، أو ميريت آتون ابنة إخناتون؛ لكن البحث بكل تأكيد سوف يؤدى لكشف أثرى مهم للعالم».
وتواصل مصر جهودها للإعلان عن كشف أثري عالمي، بعد استجابتها لصحة النظرية الأثرية التي أطلقها العالم الإنجليزي ريفز، والتي تؤكد أن فترة عصر العمارنة (الملك إخناتون ونفرتيتي) فترة مميزة ذات قيم حضارية أثرت في الحضارة المصرية؛ لكن لم يتم حتى الآن معرفة مكان دفن إخناتون ولا نفرتيتي، ومنذ عامين تم إجراء فحص وأشعة مقطعية لعمل نموذج لمقبرة توت عنخ آمون، وهي صور بدرجة عالية من الجودة اعتمد عليها ريفز في نظريته.
وأوضح ريفز أن قناع توت عنخ آمون بعد دراسته وجد أنه غير مخصص لرجل، إنما لأنثى - ويرجح أنها نفرتيتي - كما أن هناك دلائل قوية تؤكد أن مقبرة توت عنخ آمون تخص نفرتيتي في الأصل.
ويقول الخبير الأثري نفسه إن توت عنخ آمون عاش فترة انتقالية في تاريخ مصر القديمة؛ حيث أتى بعد إخناتون الذي حاول توحيد آلهة مصر القديمة في إله واحد؛ لكن في عهد توت عنخ آمون تمت العودة لعبادة آلهة مصر القديمة المتعددة، وتم اكتشاف مقبرته عام 1922 من قبل عالم الآثار البريطاني هيوارد كارتر، وأحدث الاكتشاف وقتها ضجة إعلامية واسعة في العالم.
وتأتي هذه المسوح الجديدة في محاولة للتحقق من فرضية عالم الآثار البريطاني نيكولاس ريفز بوجود ممر يؤدي إلى غرفتين وراء جدران المقبرة يرجح أن يؤدي إلى غرفة دفن الملكة نفرتيتي، تلك الفرضية التي أعلنها ريفز في مؤتمر صحافي عالمي نهاية العام الماضي، بعد أبحاث قام بها لمدة 18 شهرا.
وتكمن أهمية تلك الفرضية في أن ملابسات موت نفرتيتي ومكان مقبرتها غير معلومين لعلماء المصريات، فيما يعتقد معظمهم أنها توفيت في ظروف غامضة خلال ثورة أنهت حكم زوجها الملك إخناتون الملقب بـ«فرعون التوحيد» الذي حكم بين عامي 1379 و1362 قبل الميلاد، فيما يعتقد آخرون؛ ومن بينهم ريفز، أنها قد تكون عاشت بعد ذلك واتخذت اسما آخر. كما يرجح أن تكون تلك الغرف تخص «كيا» أم توت عنخ آمون، أو ميريت آتون زوجة سمنخ كارع وهو شقيق إخناتون الذي تولى الحكم بعده.
وأكد الدماطي خلال المؤتمر أن الوزارة ستقوم خلال مراحل العمل المقبلة بالتعاون مع كثير من المؤسسات العلمية متمثلة في كلية الهندسة بجامعة القاهرة وجامعة أريزونا إلى جانب اللجنة المشكلة من جانب وزارة الآثار، الأمر الذي يساهم في تسهيل عملية البحث والاستكشاف التي تتم بالمقبرة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».