الرئيس المصري يتعهد بكشف الحقيقة كاملة حول مقتل الطالب الإيطالي

السيسي قال إن المحققين يعملون على القضية «ليل نهار»

الرئيس المصري يتعهد بكشف الحقيقة كاملة حول مقتل الطالب الإيطالي
TT

الرئيس المصري يتعهد بكشف الحقيقة كاملة حول مقتل الطالب الإيطالي

الرئيس المصري يتعهد بكشف الحقيقة كاملة حول مقتل الطالب الإيطالي

تعهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتحقيق العدالة في قضية مقتل طالب إيطالي نتيجة التعذيب في القاهرة، وذلك في مقابلة مطولة نشرتها صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية الأربعاء.
ومنذ اختفاء أثر جوليو ريجيني (28 عاما) في 25 يناير (كانون الثاني) وخصوصا بعد العثور على جثته وعليها آثار تعذيب، والقضية تلقي ظلالا على العلاقات بين البلدين.
وقال السيسي متوجها إلى أسرة الشاب «أتحدث إليكم بصفتي أبًا أولا وبصفتي رئيسًا. أنا أفهم تمامًا الألم والمعاناة التي تشعرون بها لمقتل ابنكم وأدرك معنى شعوركم بالصدمة والمرارة».
وأضاف السيسي: «أتعهد أننا سنتوصل إلى الحقيقة وأننا سنتعاون مع السلطات الإيطالية لإحالة المجرمين الذين قتلوا ابنكم أمام القضاء».
وأكد أن المحققين يعملون «ليل نهار» على هذه القضية، داعيا إلى الصبر لأن التعرف على قتلة النائب العام هشام بركات في يونيو (حزيران) الماضي حصل قبل فترة وجيزة.
وتابع الرئيس المصري إن مقتل ريجيني «شكل صدمة لمصر كما بالنسبة لإيطاليا. هذا أمر فظيع غير مقبول (...) إنها حقيقة مؤثرة فريدة من نوعها. فقد زار الآلاف من الإيطاليين مصر حيث عملوا وعاشوا ولم يحدث لهم شيء».
وريجيني طالب الدكتوراه في جامعة كامبريدج البريطانية، كان يعد في مصر أطروحة حول الحركات العمالية. وأظهر تشريح جثته آثار حروق وكسور وأنه تعرض للضرب المتكرر وللصعق الكهربائي على أعضائه التناسلية.
وتشتبه الأوساط الدبلوماسية في مصر والصحف الإيطالية ومنظمات غير حكومية بأن ريجيني تعرض للتعذيب حتى الموت من قبل أجهزة الأمن المصرية، إلا أن السلطات المصرية نفت توقيفه.
وفي 24 فبراير (شباط) الماضي، أعلنت وزارة الداخلية المصرية أن التحقيقات في مقتل الطالب الإيطالي ريجيني تظهر احتمال وجود «شبهة جنائية أو انتقام شخصي».
وفي المقابلة، قال السيسي إن الجريمة تستهدف «ضرب الاقتصاد المصري وعزل البلاد»، على غرار الاعتداءات الأخرى ضد سياح.
وتابع السيسي: «إنه انتقام من مصر بسبب الحرب الكبيرة التي تخوضها مصر ضد قوى التطرف والإرهاب»، ودعا إيطاليا إلى عدم الإصغاء للدعوات إلى القطيعة.
وخلال اللقاء، أثار السيسي حالة عادل هيكل، الطباخ المصري المتزوج من ليبية ويعتبر مفقودا منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في روما من قبل وسائل الإعلام المصرية.
وقال في هذا الصدد: «يمكن لمثل هذه الحوادث تدمير العلاقة بين بلدينا».
حذرت السلطات الإيطالية مصر مرارا من أن الصداقة بين البلدين باتت على المحك. كما اعتمد البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي قرارًا يطالب بـ«الحقيقة» حول اغتيال ريجيني.
وزار النائب العام في روما جوزيبي بيناتوني القاهرة في وقت سابق من هذا الأسبوع، حيث لا يزال محققون إيطاليون أرسلتهم روما أوائل فبراير ينتظرون، بحسب الصحف الإيطالية، تسجيلات هاتف الشاب والتقرير الكامل لتشريح الجثة الذي أجرته السلطات المعنية في مصر.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.