مقاهي بريطانيا في قفص الاتهام لتلكئها في تدوير الأكواب البلاستيكية

البلاد تستهلك نحو 70 مليون كوب منها يوميًا

مقاهي بريطانيا في قفص الاتهام لتلكئها في تدوير الأكواب البلاستيكية
TT

مقاهي بريطانيا في قفص الاتهام لتلكئها في تدوير الأكواب البلاستيكية

مقاهي بريطانيا في قفص الاتهام لتلكئها في تدوير الأكواب البلاستيكية

وجهت الاتهامات أمس إلى سلاسل متاجر القهوة بالمساهمة في مشكلة مكبات النفايات في بريطانيا بسبب أكواب الورق المغلفة بالبلاستيك التي لا يتم تدويرها. فهناك نحو 2.5 مليار كوب للقهوة الجاهزة ينتهي بها الأمر في المخلفات كل عام – ولكن نسبة 1 في المائة فقط أو نحوها هي التي تتعرض للتدوير الصناعي. ويذكر أن سكان بريطانيا سكان بريطانيا يستهلكون 70 مليون كوبا من القهوة يوميا. ووفقا لإحصائيات حديثة، يستهلك البريطاني 2.8 كيلوغرام من القهوة سنويا مقارنة بنظيره الفنلندي الذي يستهلك 12 كيلوغراما سنويا. ويصل الاستهلاك العالمي سنويا إلى 500 مليون كوب.
وحول التعذر عن التدوير، يرجع ذلك إلى أن أغلب هذه الأكواب عليها غلاف من مادة البولي - إيثيلين – والتي تعمل على وقف تسرب السوائل من الأكواب الورقية، والتي يتعين فصلها قبل الدخول في عملية إعادة التدوير.
وتقول المزاعم إن ذلك السبب يحول بين المجالس البلدية وبين إعادة تدوير الأكواب، ولذلك فإن الغالبية العظمى من ذلك الأكواب، من محال القهوة مثل كوستا وستاربكس، تجد طريقها في نهاية المطاف إلى مكبات أو محارق النفايات.
وحسبما نقلت صحيفة «الديلي ميل» البريطانية في عددها أمس، قال كبير الطهاة البريطاني الشهير هيو فيرنلي ويتينغستول إن هناك شركة واحدة فقط في البلاد – وهي شركة سيمبلي كوبس في مقاطعة كومبريا – هي التي تعمل فقط على إعادة تدوير الأكواب الورقية المغلفة.
وأضاف: «على غرار الملايين من الناس، ظننت حتى وقت قريب أنني عندما أشتري كوبا ورقيا جاهزا من القهوة فإن التصرف الصحيح هو إلقاؤه في سلة التدوير وأنه سوف يعاد تدويره فعليا بسبب أنه كوب من الورق». واستطرد: «ثم بدأت أسمع الشائعات بأن ذلك الأمر لا يتم على النحو المفترض. وتبين أن أغلب أكواب القهوة الورقية لا يتم إعادة تدويرها على الإطلاق».
إلى ذلك، يقول بيتر غودين من شركة سيمبلي كوبس إنه في حين يمكن تدوير كل مواد الكوب الورقي إلا أنه يتعين فصل بعضها عن بعض أولا، وهو من الاحتمالات غير الواردة في كثير من الأحيان بالنسبة لأصحاب شركات النفايات. وأضاف: «تكمن المشكلة مع طلاء البولي - إيثيلين، والذي يغلف الورق الأصلي لكوب القهوة من الخارج، حيث يتعين فصل المادتين بعضهما عن بعض أولا، قبل الدخول في عملية إعادة التدوير، مما يؤدي إلى إبطاء عملية التدوير كثيرا».
وبالتالي فإن عملية إعادة التدوير تلقى اهتماما قليلا من جانب السلطات المحلية، على الرغم من أن كل المواد في كوب القهوة الورقي قابل لإعادة التدوير، ولكن يبقى السؤال: متى سوف يتم إعادة التدوير فعليا؟
يقول هيو فيرنلي ويتينغستول إن المشكلة الكبيرة تتعلق بالتخلص من الأكواب الورقية كانت أن العملاء يفترضون أنها يُعاد تدويرها. وأضاف: «أحد الإعلانات الرئيسية على موقع كوستا يقول (مذاق رائع من دون نفايات)، وهم يزعمون امتلاك أفضل ورق لأكواب القهوة المعاد تدويرها في العالم!».
والأكواب قابلة لإعادة التدوير من الناحية الفنية نظرا لوجود هذا المصنع الوحيد في كومبريا، ولذا فهي ليست كذبة صريحة أو مباشرة، ولكن أعتقد أنه أمر مضلل بكل تأكيد. وفي حين أن الناس يظنون أن كل أكواب القهوة الجاهزة يتم إعادة تدويرها فليس هناك سبب لدى كبرى شركات القهوة في أن تفعل أي شيء حيالها.
جدير بالذكر أن القهوة هي ثاني أكثر مشروب شعبية في العالم بعد الماء، والمنتج الأكثر تصدير عالميا بعد البترول، إذ تنتج البرازيل - المصدر الأكبر للقهوة - 49.4 مليون كيس سنويا. ويحتوي مشروب الاسبريسو على 42 حبة قهوة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».