اللواء الحاج علي: ضبط المعايير يؤسس لجيش وطني سوري من النظام والمعارضة

أكبر ضابط سوري منشق قال إن الدول الصديقة عرقلت مشروع جسم عسكري

اللواء محمد الحاج علي  - مقاتل من «جيش الإسلام» المعارض في جوبر قرب دمشق يسارع إلى حماية نفسه من الاستهداف بالدخول إلى مبنى قريب (أ.ف.ب)
اللواء محمد الحاج علي - مقاتل من «جيش الإسلام» المعارض في جوبر قرب دمشق يسارع إلى حماية نفسه من الاستهداف بالدخول إلى مبنى قريب (أ.ف.ب)
TT

اللواء الحاج علي: ضبط المعايير يؤسس لجيش وطني سوري من النظام والمعارضة

اللواء محمد الحاج علي  - مقاتل من «جيش الإسلام» المعارض في جوبر قرب دمشق يسارع إلى حماية نفسه من الاستهداف بالدخول إلى مبنى قريب (أ.ف.ب)
اللواء محمد الحاج علي - مقاتل من «جيش الإسلام» المعارض في جوبر قرب دمشق يسارع إلى حماية نفسه من الاستهداف بالدخول إلى مبنى قريب (أ.ف.ب)

اللواء محمد حاج علي هو أعلى رتبة لضابط سوري انشق عن النظام، وكان ذلك في أغسطس (آب) 2012. ومنذ ذلك الحين لم يندمج بأي جسم عسكري ظهر على هامش المعارضة، من منطلق أنه لم يجد في الأجسام المعلنة مؤسسات عسكرية تأسست على أسس صحيحة.
وبخصوص إعادة هيكلة الجيش الوطني السوري في المرحلة الانتقالية بعد سقوط النظام و المعايير التي ستتم على أساسها الهيكلة قال اللواء حاج علي إن إعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية في حال تم الاتفاق على عملية الانتقال السياسي واجبة التنفيذ، ولا يمكن أن يكتب للعملية السياسية النجاح من دونها رغم صعوبتها وتعقيدها. فمن جهة، الحالة السيئة لجيش النظام كونه تحول إلى ميليشيات ومجموعات غير منضبطة، والحالة المشتتة وغير المنضبطة والمؤدلجة لفصائل المعارضة المسلحة من جهة أخرى، أضف إلى ذلك حالة الاحتقان والكراهية وصور الجرائم المرتكبة من قبل هذه القوى بحق الشعب السوري ووجود الميليشيات الأجنبية ذات الطابع الطائفي والقومي، والتدخلات الإقليمية والدولية، كل هذه المسائل ستكون حاضرة في إعادة هيكلة الجيش والقوى الأمنية.
أمام هذه الحالة لا بد من رعاية دولية وإشراف دولي على عملية الإعادة والتأهيل لهذا الجيش ليصبح وطنيا يخضع للسلطة السياسية، وفق معايير عسكرية ومهنية، وذلك من خلال دمج ما تبقى من جيش النظام مع من انخرط من الفصائل المسلحة المعارضة في العملية السياسية أو قبل معطيات الحل السياسي، وهذه العملية تحتاج إلى فترة زمنية طويلة تنفذ على مراحل بتنسيق وانسجام تام مع السلطة السياسية الجديدة.
وتعتمد هذه المراحل على التالي وفق ما يلي:
1 - تشكيل مجلس عسكري أعلى من كبار ضباط النظام والضباط المنشقين عنه من أصحاب الكفاءة والخبرة والنزاهة، على أن لا يتجاوز عدد أعضائه 15 ضابطا يتولى مهمة إعادة الهيكلة وحماية مؤسسات الدولة ومحاربة الإرهاب وجمع السلاح غير الخاضع لسلطة الدولة الجديدة، وإخراج الميليشيات الطائفية وغير السورية من الأراضي السورية.
2 - إبعاد كل القادة الذين ارتكبوا جرائم حرب وتقديمهم للقضاء من خلال تشكيل محاكم مختصة بذلك.
3 - إجراء عملية الدمج بين جيش النظام وقوى المعارضة المسلحة وفق معايير مهنية وعسكرية بإشراف المجلس العسكري المشكل.
4 - إعادة تشكيل القوات المسلحة وفق متطلبات ومقتضيات الحاجة الوطنية من حيث التعداد والأسلحة وتحقيق الأمن الوطني.
5 - إجراء عمليات التسريح والإحالة إلى وظائف مدنية للعناصر التي لا تنسجم مع المعطيات الجديدة للدولة المنشودة.
6 - إعادة النظر بديموغرافية جيش النظام الذي تحول على مر السنين إلى جيش طائفي وسلطوي يخدم سلطة آل الأسد ولا يخدم سوريا الوطن.
إضافة إلى إجراءات كثيرة يتم العمل عليها لتأسيس جيش وطني على أسس وقواعد العمل العسكري المحترف.
وحول ما إذا كان يتوقع تمردا من بعضهم على المؤسسة العسكرية الأكبر، أي الجيش الوطني قال اللواء حاج علي إنه بالتأكيد سيبقى هناك بعض قادة الفصائل خارج العملية السياسية من جهة، وفصائل أخرى منخرطة حاليا بالعملية السياسية، قد لا يعجبهم معطيات الحل السياسي، أو لا يكون لها الدور المأمول في الحل، ويمكن أن تكون معادية لعملية الحل، وبالتالي عدم الاندماج في الجيش الوطني، وهؤلاء أعتقد أنه يمكن التعامل معهم إذا تمت عملية الدمج والمساندة الدولية والأممية لهذا الجيش وفق حزمة الحل السياسي المعقول للقضية السورية.
وبخصوص رأيه حول أسباب فشل مشروع الجيش السوري الحر، وإن كان ذلك بسبب التدخلات الخارجية أم بسبب الخلافات بين الضباط المنشقين وعدم توحدهم وتورطهم بأمراض المعارضة السياسية. قال اللواء علي حاج إنه لم يتشكل الجيش السوري الحر من الناحية البنيوية، ولم تكن له قيادة فعلية نظمت شؤونه وقادت أداءه في معاركه ضد النظام، وإنما اكتفت بالتمثيل الرمزي دون وجود أي نوع من السيطرة عليه. على ذلك، فالجيش الحر كان عبارة عن رمز اجتمع تحته كل من حمل السلاح بوجه نظام الأسد. إضافة إلى افتقار هذه القيادة إلى الكفاءة والخبرة في القيادة والتنظيم، وعدم تواجدها في الميدان، وعدم قبول التعامل مع الكفاءات التي انشقت بعد تشكيل هذه القيادة الرمزية للجيش الحر، مما أدى إلى اختلافات كبيرة بينها وبين الضباط الذين انشقوا لاحقا، والذين بدأوا يشكلون مكونات عسكرية أخرى تحت مسميات مختلفة، الأمر الذي أفقد الجيش الحر مشروعيته، وتهميش من ادعوا قيادته.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى: لعب السياسيون وبشكل خاص رجالات المجلس الوطني ومن بعدهم الائتلاف، دورا سلبيا ساهم في زيادة الفرقة بين الضباط وقيادات ما سمي بالجيش الحر، والذين كانوا طامحين بالسلطة، معتقدين بأن أيام نظام الأسد معدودة، فلم يسعوا إلى إنشاء جيش منظم قائم على الأسس والقواعد العسكرية، تحت ذرائع مختلفة أهمها، أنهم لا يريدون أن تتكرر تجربة العسكر في حكم سوريا مرة أخرى.
أما موقف الدول الداعمة للثورة السورية فيما يخص الجيش الحر، فقد كان دورها مريبا وغير مفهوم من خلال اعتماد الدعم لمجموعات غير منضبطة وغير خبيرة في العمل العسكري، كما وقفت موقفا سلبيا من الضباط الذين تم احتجازهم في الأردن وتركيا ضمن معسكرات تحت السيطرة. وعند تشكيل الجيش الوطني من قبل أغلب الضباط في بداية الشهر التاسع عام 2012. تم محاربته من قبل كل دول ما يسمى (أصدقاء الشعب السوري)، وبشكل خاص الولايات المتحدة الأميركية. وبعدها تم تشكيل المجالس العسكرية التي نجحت مؤقتا قبل أن يتم تشكيل الأركان المشتركة من قبل (أصدقاء الشعب السوري)، والتي لا تحمل من الأركان إلا الاسم، حيث تم تعيين بعض الضباط غير المؤهلين وغير المختصين، ومعهم قادة فصائل مدنية بنسبة ثلثين إلى ثلث لصالح المدنيين، والتي لا تحمل من المعرفة العسكرية شيئا، الأمر الذي أدى إلى إجهاض العمل العسكري المنظم، وزاد من دور المدنيين، كما ازدادت سطوة الآيديولوجيات الدينية على الثورة وقويت شوكتها، حتى أصبح ممثلوها القوة الأساسية في الصراع مع نظام الأسد. كما زادت قوات «داعش» والنصرة وغيرهما من الفصائل التي لا تحمل مشروعا وطنيا قوة على حساب الجيش الحر.
كل ذلك تم بمعرفة وتسهيل من استخبارات (أصدقاء الشعب السوري) على اختلاف مستوى المساهمة بين دولة وأخرى.



رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
TT

رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

على الرغم من التوصل إلى «هدنة غزة» واصلت الجماعة الحوثية، الجمعة، تصعيدها الإقليمي، إذ تبنّت مهاجمة إسرائيل في 3 عمليات بالصواريخ والمسيرّات، بالإضافة إلى مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» في شمال البحر الأحمر.

وبينما لم تصدر تعليقات على الفور من الجيشَيْن الأميركي والإسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها 5 غارات وصفتها بـ«الأميركية» استهدفت منطقة حرف سفيان، التابعة لمحافظة عمران الواقعة إلى الشمال من صنعاء.

وخلال حشد في أكبر ميادين صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر.

وزعم المتحدث الحوثي أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

وبالتزامن مع ذلك، زعم المتحدث العسكري الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتوعّد المتحدث الحوثي بأن قوات جماعته جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وأنها ستراقب «تطورات الوضع» في غزة، و«ستتخذ الخيارات التصعيدية المناسبة» في حال نكثت إسرائيل الاتفاق مع حركة «حماس».

وبينما أعلنت وسائل إعلام الجماعة تلقي خمس غارات في منطقة حرف سفيان، لم تتحدث على الفور عن الآثار التي تسبّبت فيها لجهة الخسائر البشرية أو المادية.

ومع التفاؤل الدولي والإقليمي واليمني بأن تؤدي الهدنة في غزة إلى استعادة مسار السلام في اليمن، إلا أن مراقبين يمنيين يتخوّفون من استمرار الجماعة الحوثية في تصعيدها سواء البحري أو الداخلي، مستبعدين أن تجنح إلى السلام دون أن تنكسر عسكرياً.

تهديد بالتصعيد

جاءت الهجمات الحوثية والضربات الأميركية، غداة الخطبة الأسبوعية لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، التي استعرض فيها إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال 15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتِّفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

عناصر حوثية خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

يُشار إلى أن الجماعة تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران، ومحطة كهرباء جنوب صنعاء، وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

عرقلة السلام

عاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب إعلان خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.

السفينة التجارية «غلاكسي ليدر» قرصنها الحوثيون واحتجزوا طاقمها منذ 14 شهراً (رويترز)

وأدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، خلال 14 شهراً، إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتَيْن، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

وإذ استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي، كانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على الهجمات الحوثية ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان أغلبيتها من نصيب الحديدة الساحلية، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.