ميلانو تحتضن أول مطعم فخم في سجن مفتوح للعموم

الطهاة والنادلون سجناء منخرطون في برامج إعادة تأهيل

أحد السجناء يشتغل نادلا في مطعم إنغاليرا بميلانو («نيويورك تايمز»)
أحد السجناء يشتغل نادلا في مطعم إنغاليرا بميلانو («نيويورك تايمز»)
TT

ميلانو تحتضن أول مطعم فخم في سجن مفتوح للعموم

أحد السجناء يشتغل نادلا في مطعم إنغاليرا بميلانو («نيويورك تايمز»)
أحد السجناء يشتغل نادلا في مطعم إنغاليرا بميلانو («نيويورك تايمز»)

داخل قاعة تناول الطعام بمطعم «إنغاليرا» الذي فتح أبوابه حديثًا، تحرك النادلون ذهابًا وإيابًا في محاولة لإبهار المتابعين للنشاط داخل المطعم الجديد. وتشير السجلات إلى حجز جميع طاولات المطعم طيلة شهر مارس (آذار) الحالي تقريبًا، بعد أن بدأت أنظار نخبة ميلانو في الالتفات نحوه. ومنذ بضعة أسابيع، استقبل المطعم المدير التنفيذي السابق لأحد المصارف المعروفة، وكذلك ملكة جمال إيطالية سابقة. أما الأسر فغالبًا ما تفد إلى المطعم الجديد خلال العطلات الأسبوعية.
وترى سيلفيا بوليري، مديرة المطعم، أن «إنغاليرا» يمثّل نصرًا مدويًا، ليس بفضل الأطباق التي يقدمها، وإنما بفضل موقعه. ويوجد المطعم داخل سجن «بوليت» الذي يضم نحو 1100 سجين، ويقع بالقرب من ميلانو. أما العاملون في المطعم من نادلين ومسؤولين عن غسل الصحون وطهاة، فجميعهم سجناء مدانون بجرائم تتنوع بين القتل والسطو المسلح والاتجار بالمخدرات وغيرها.
واللافت في «إنغاليرا» أن جميع العوامل المحيطة به كانت تدفعه إلى الفشل، ما يزيد من غرابة نجاحه. ويمثل المطعم تجربة مثيرة لإعادة تأهيل السجناء، بل وتحديا لتوجهات الرأي العام حيال الأمر. ولم يسبق أن ورد على ذهن أحد من قبل التردد على سجن ما لقضاء أمسية ترفيهية وتناول الطعام. ومع ذلك، فإن هذه الفكرة الفريدة من نوعها وجدت صدى واسعا، بل وتحولت لما يمكن وصفه بأداة تسويقية.
من جانبها، قررت بوليري أن السبيل الأمثل لطمأنة الزبناء هو المبادرة بالتسويق للفكرة بشكل فكاهي، وعليه وقع اختيارها على اسم «إنغاليرا» للمطعم، والذي يعني حرفيًا «في السجن».
ويتميز المطعم بتصميم حديث مرح وأنيق، وتزدان الجدران بصور لأفلام شهيرة حول السجون، منها «الهروب من ألكاتراز» للنجم كلينت إيستوود. وبفضل الفضول حيال استكشاف مثل هذا العالم المحرّم والخفي، تحول قضاء أمسية داخل «إنغاليرا» إلى ما يشبه المغامرة الجريئة، مع التمتع بمذاق وجبة شهية كجائزة إضافية. وتبعًا لموقع «تريب أدفايزر» للتقييم السياحي، حصل المطعم على تقييم 4.5 من أصل 5 نجوم.
من جانبها، قالت كارلا بوغيري، التي قدمت إلى المطعم برفقة مجموعة من الأزواج من مدينة باديرنو دوغنانو المجاورة: «رغبنا في التعرف على الواقع هنا، لكن تبقى الحقيقة هي أن هذا مطعم كلاسيكي بمعنى الكلمة، والطعام رائع».
جدير بالذكر أنه على مدار سنوات كثيرة، ناضلت إيطاليا من أجل إصلاح منظومة السجون لديها وتحقيق توازن بين فكرتي العقاب وإعادة التأهيل. وتحول الازدحام والتكدس لمشكلة كبرى لدرجة دفعت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى إصدار أمر للحكومة الإيطالية لإصلاح منظومة السجون، وذلك في يناير (كانون الثاني) 2013.
بدورهم، استجاب المشرعون الإيطاليون باتخاذ مزيد من الإجراءات البديلة تجاه الجرائم غير الخطيرة. فقد ألغت إيطاليا عام 2014 القوانين التي تفرض عقوبات قاسية فيما يخص المخدرات، والتي أقرت خلال تسعينات القرن الماضي. وخلال العام ذاته، شرعت إيطاليا في إطلاق سراح 10.000 سجين (من بين إجمالي 60.000 تقريبًا) أدينوا بجرائم غير خطيرة.
ورغم ذلك، ظل من الصعب التوصل إلى السبيل الأمثل لإعادة تأهيل المدانين، وتقليص معدل أولئك الذين يعودون إلى عالم الجريمة بعد الإفراج عنهم. ويذكر أن إيطاليا تسمح منذ فترة بعيدة للمسجونين داخل سجون متوسطة الحراسة للتنقل بمختلف أرجاء منشآت السجن على مدار النهار.
في هذا الصدد، شرح أليسيو سكاندورا، الذي يعمل لحساب «أنتيغون»، وهي منظمة غير ربحية تعنى بحقوق السجناء، أن «المشكلة أنهم لا يفعلون سوى القليل خلال النهار، الأمر الذي لا يساعدهم في الحاضر ولا في مستقبلهم بعد الخروج من السجن».
والملاحظ أن سجن «بوليت» كان في مقدمة السجون التي لجأت إلى تجارب جديدة لإعادة تأهيل السجناء، حتى من قبل افتتاح المطعم. في ظل قيادة مديره ماسيمو باريسي، يوفر السجن مجموعة متنوعة من البرامج، كما تتولى شركات إدارة برامج عمل لها داخل السجن. ويتولى متطوعون تدريس فنون المسرح والرسم للمسجونين، كما يتلقون دروسا في أعمال النجارة داخل ورش مجهزة بشكل مناسب. إلى ذلك، يتمتع السجناء بوجود حظيرة خيول داخل فناء السجن.
وهناك أيضًا مبادرة تسمح لمجموعة مؤلفة من 200 سجين بالخروج يوميًا للاضطلاع بوظائف خاصة بهم في شركة خارج السجن. ويتنقل المسجونون دون رقابة عبر وسائل المواصلات العامة، لكن يتعين عليهم تسجيل دخولهم إلى مقر العمل والنقاط الأخرى التي يمرون عليها عبر اليوم. وأوضح باريسي أن سجينا واحدا فقط لم يعد للسجن في الموعد المحدد، لكنه عاد بعد بضعة أيام. ومع ذلك، تبقى مسألة إرسال السجناء للخارج مختلفة عن دعوة المواطنين الملتزمين بالقانون لزيارة السجن.
وعن هذه التجربة، اعترف باريسي بأن «قلقنا الأول كان: من سيأتي؟ لكننا نعاين حضور الكثيرين إلينا. من الواضح أن الناس يشعرون بالفضول تجاه السجون، فهو عالم مجهول بالنسبة للكثيرين، الأمر الذي يخلق اهتمامًا بداخلهم حياله». أما القوة المحركة وراء المشروع فهي بوليري التي قضت 22 عامًا في تدريس الأطفال بمرحلة الروضة، ثم تحولت لمجال الاعتناء بكبار السن والمرضى، وبعد ذلك أنشئت مؤسسة اجتماعية عام 2004 لمساعدة السجناء. وقد وظفت لديها مجموعة منتقاة من المسجونين للاضطلاع بوظائف بمجال المطاعم خارج السجن. وفي إحدى المرات، استعانت بسجين مدان في سرقة مصرف للعمل كنادل داخل قاعة طعام ملحقة بأحد المصارف.
ومع ذلك، شكلت فكرة إقامة مطعم تحديًا مختلفًا تمامًا بالنسبة لها. وعن ذلك، قالت: «كان الناس ينظرون إلى باعتباري مجنونة. وقد شعروا بذلك أيضًا عندما اقترحت اسم (إنغاليرا) بالنسبة للمطعم».

* خدمة «نيويورك تايمز»



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.