برلماني عراقي يكشف لـ «الشرق الأوسط» عن خطط المالكي للانقلاب على العبادي

قدم وعودًا لقيادات شيعية وسنية بامتيازات في حال عودته لرئاسة الوزراء.. وطهران تعد بدعمه

نوري المالكي (أ.ب)
نوري المالكي (أ.ب)
TT

برلماني عراقي يكشف لـ «الشرق الأوسط» عن خطط المالكي للانقلاب على العبادي

نوري المالكي (أ.ب)
نوري المالكي (أ.ب)

كشف برلماني عراقي عن أن «نوري المالكي، نائب رئيس الجمهورية المقال من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي، يخطط للعودة إلى منصبه السابق رئيسًا للحكومة العراقية بعد أن تم رفض بقائه في هذا المنصب لولاية ثالثة من قبل القوى السياسية العراقية والإدارة الأميركية عقب انتخابات 2014»، مشيرا إلى أن «المالكي ومنذ أن تسلم العبادي مهامه كرئيس للوزراء بدأ بوضع العراقيل أمام خلفه من أجل إفشال مهمته ليعود هو (المالكي) لرئاسة الوزراء».
وقال البرلماني، وهو نائب عن التحالف الوطني (الشيعي) لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «جهودًا حثيثة بذلها المالكي خلال الأسابيع الماضية من أجل إقناع قيادات في ائتلافه (دولة القانون)، والتحالف الوطني بعودته إلى رئاسة الحكومة بسبب ما سماه فشل العبادي في مهمته». وأضاف البرلماني البارز - الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن المالكي ادعى قدرته وحده على إصلاح الأمور، مذكرا بأنه «حصل على أعلى الأصوات في الانتخابات التشريعية الماضية».
وأضاف البرلماني الذي ينتمي للمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم أن «المالكي كثف جهوده في إقامة دعوات عشاء وعقد اجتماعات ثنائية وثلاثية مع قيادات من ائتلافه دولة القانون والمجلس الأعلى والتيار الصدري لإقناعهم وإغرائهم بمناصب وزارية وامتيازات مالية من أجل تأييد ترشيحه من قبل التحالف الوطني رئيسًا للوزراء بدلاً عن العبادي»، واصفًا نفسه بـ«رئيس الحكومة القوي والعبادي بالضعيف».
وقال إن المالكي «عقد اجتماعات مع بعض شيوخ عشائر الجنوب وتحدث معهم عن الفساد المالي وضرورة تغيير الحكومة، بينما بثت محطته الفضائية (آفاق) برامج تمجد بزعامته وتنال من الحكومة الحالية، وتقدمه بصفة (النائب الأول لرئيس الجمهورية) مع أنه تمت إقالته مع إياد علاوي وأسامة النجيفي من قبل العبادي».
وشدد البرلماني العراقي على أن «قيادي في المجلس الأعلى الإسلامي دعم المالكي بجهوده هذه، ولكن بصفته الشخصية وليس كقيادي في المجلس، بعد أن حصل هذا القيادي على وعود من المالكي بتعيينه بمنصب رفيع في الحكومة المقبلة»، منبها إلى أن «هذا القيادي، وهو وزير في الحكومة الحالية، يعرف أن اسمه مدرج ضمن الوزراء الذين ستتم إقالتهم من قبل العبادي ضمن التغيير الوزاري الذي سيشمل تغيير تسعة وزراء حاليين وفي مقدمتهم إبراهيم الجعفري وزير الخارجية، وحسين الشهرستاني وزير التعليم العالي، وباقر الزبيدي وزير النقل، كما فاتح المالكي قيادات عسكرية تدين له بالولاء لتأييد عودته إلى رئاسة الحكومة».
واعترف البرلماني عن التحالف الوطني بأن «هادي العامري زعيم منظمة بدر، الذي له ميلشيا مسلحة ضمن الحشد الشعبي وأبو مهدي المهندس القيادي السابق في الحشد الشعبي وقيس الخزعلي يناصرون فكرة عودة المالكي لرئاسة الوزراء بسبب تحجيمهم من قبل العبادي والإدارة الأميركية»، مشيرا إلى أن «المالكي قدم لقيادات الحشد وخصوصًا العامري والمهندس والخزعلي وعودًا بمراكز ومناصب تمكنهم من البقاء في الواجهة وتقوي نفوذهم». وقال إن «أشد المعترضين من قيادات التحالف الوطني على مشروع المالكي هم مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري وعمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى وبعض القيادات المعتدلة من دولة القانون وحزب الدعوة».
وقال إن «المظاهرات الجماهيرية التي قادها الصدر ببغداد قطعت الطريق تمامًا على المالكي وأنصاره لتنفيذ مخططه بعودته إلى منصبه»، مشيرًا إلى أن «المالكي فاتح عبر وسطاء السفارة الأميركية ببغداد لدعمه كونه رجلهم القوي والقادر على تجاوز الأزمة السياسية في البلد، ولكن الردود جاءت مخيبة لآمال المالكي حيث تمسكت الإدارة الأميركية بدعم شرعية العبادي وإجهاض أي مخطط للانقلاب السلمي أو العسكري عليه، في وقت لم تطمئن طهران حليفها السابق، المالكي، بدعمه في إنجاح مشروعه لكنها وعدت بدعمه فيما بعد إذا نجح في العودة إلى رئاسة الحكومة».
وأشار البرلماني العراقي إلى أن «المالكي حاول إقناع القيادات الشيعية بأنه صاحب شرعية في إقالة العبادي كونه مرشحًا من قبل الائتلاف الذي يقوده وهو عضو في حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي، في حين أن العرف في حزب الدعوة يحتم على المالكي التنازل عن زعامة الحزب للعبادي كما تنازل الجعفري للمالكي يوم أصبح رئيسا للوزراء، إلا أن المالكي تمسك بقيادته لحزب الدعوة ليتسلط على العبادي ويضع العراقيل في طريقه»، مشيرًا إلى أن «المالكي فاتح بعض القيادات السنية وبعض شيوخ عشائر الأنبار المقربة منه، التي يُطلق عليهم تسمية (سنة المالكي) ووعدهم بامتيازات رفيعة فيما إذا دعموا عودته لحكم البلد».
وقال: «في أول وأقوى ردة فعل على تحركات المالكي ضد حلفائه والعملية السياسة كان عدم دعوته لاجتماع قادة التحالف الوطني في كربلاء قبل 4 أيام، كما أن العبادي لوح بوضع رؤوس كبيرة متورطة بالفساد خلف القضبان بعدما تم الكشف عن حجم الأموال المهربة من العراق إلى الخارج من قبل المالكي ونجله أحمد وصهره صخيل وبقية أفراد عائلته، بمليارات الدولارات»، منوها بأن «المالكي ومن أجل حفظ كرامته بعدم دعوته لاجتماع كربلاء لوح في تصريحات إعلامية بأنه سيبتعد عن واجهة الأحداث ولا يريد منصبًا حكوميًا، واعتبرت أوساط سياسية شيعية بأن المالكي قد يخطط لترك العراق إذا فشل مخططه وشعر بأن الخناق يضيق عليه».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم