جمعية إسلامية أميركية تقاضي بلدية لعرقلتها بناء مسجد لخمس سنوات

اشترت الأرض عام 2011

محمد علي شودري قال إن مسلمي نيويورك فقدوا صبرهم مع بلدية الضاحية (نيويورك تايمز)
محمد علي شودري قال إن مسلمي نيويورك فقدوا صبرهم مع بلدية الضاحية (نيويورك تايمز)
TT

جمعية إسلامية أميركية تقاضي بلدية لعرقلتها بناء مسجد لخمس سنوات

محمد علي شودري قال إن مسلمي نيويورك فقدوا صبرهم مع بلدية الضاحية (نيويورك تايمز)
محمد علي شودري قال إن مسلمي نيويورك فقدوا صبرهم مع بلدية الضاحية (نيويورك تايمز)

يوم الأربعاء، وبعد عراقيل خمسة أعوام وضعتها بلدية ضاحية من ضواحي نيويورك لمنع بناء مسجد جمعية إسلامية، لجأت الجمعية إلى القضاء. وقال لصحيفة «نيويورك تايمز» محمد علي شودري، مدير متقاعد كان مع شركة «آي تي آند تي» للتليفونات، وانتخب مرة عمدة للضاحية، إن المسلمين في ضاحية باسكنغ ريدج (ولاية نيوجيرسي)، بالقرب من نيويورك: «فقدوا صبرهم» مع بلدية الضاحية. واشتكى من سلسلة عراقيل بدأت منذ عام 2011 عندما اشترت جمعية باسكنغ ريدج الإسلامية قطعة الأرض لبناء المسجد. وقال إنه عاش في الضاحية لأربعين عاما تقريبا، بعد أن التحق بشركة التليفونات، وبعد أن نال دكتوراه في الاقتصاد من جامعة تافت (ولاية ماساتشوستس). وكان عضوا في لجنة التعليم في الضاحية، وقاد فرقة عمل لإنشاء مركز اجتماعي، بل شغل منصب عمدة لدورة واحدة. وأضاف أن أكثر من مائة مسلم يعيشون في الضاحية، ويأتي إلى صلاة الجمعة، في قاعة مستأجرة، مسلمون من الضاحية ومن خارجها.
في عام 2011. اشترت الجمعية الإسلامية أربعة أفدنة في منطقة في الضاحية فيها كنائس ومعابد يهودية. ولأن الجمعية كانت تعرف أن المشروع سيواجه عراقيل من أفراد وجهات تعادي، أو، على الأقل، لا تدافع عن الإسلام والمسلمين، بادرت الجمعية، وقدمت تنازلات مسبقة. منها: عدم وضع قبة، ستكون المئذنة في شكل مدخنة (مثل التي في كثير من منازل الضاحية)، ويقل ارتفاع المئذنة عن ارتفاع أبراج الكنائس في الضاحية.
بعد عرض الخطة على المجلس في عام 2012، قال شودري إنه كان متفائلا. لكن، بعد فترة، بدأ التشاؤم يحل محل التفاؤل. بعد 39 جلسة نقاش حضرها عدد من سكان الضاحية المتحمسين، وبعد أربعة أعوام من مطالب وشروط، وتحذيرات المسؤولين، وبعد احتجاجات المعارضين، وبعد شروط مجلس التخطيط التابع لبلدية الضاحية، واحدا تلو الآخر، وبعد رفض نهائي، قال شودري إن الجمعية قررت اللجوء إلى القضاء.
كانت من بين الأعذار: «هذه منطقة ريفية»، و«ليس هذا مكان مسجد»، و«ستعرقل سيارات المصلين عربات مركز الإطفاء المجاور». في واحدة من الجلسات، قالت لورا كارتزولا، من قادة المعارضين: «الشريعة الإسلامية واحدة من أكبر الأخطار التي تهدد القيم والحريات الأميركية». في الدعوى القضائية، في محكمة اتحادية في ولاية نيوجيرسي، اتهم محامو الجمعية الإسلامية مجلس التخطيط في الضاحية بخرق القانون الذي أصدره الكونغرس بالإجماع، في عام 2000. بحماية دور العبادة من تعقيدات قوانين التخطيط المحلية. وأضافت الدعوى، التي تتكون من 111 صفحة، أن رفض إذن بناء المسجد ينتهك، أيضا، حقوق ممارسة الشعائر الدينية، وحرية العبادة، وحماية القانون.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.