النظام يجدد ضرباته الجوية لمواقع المعارضة تحت غطاء الهدنة

مظاهرات سلمية تطالب بإسقاطه للأسبوع الثاني.. و477 خرقًا خلال 14 يومًا

سوري يقف على سطح إحدى البنايات المهدمة بفعل غارات جوية للنظام على حي الصالحين في مدينة حلب أمس (أ.ف.ب)
سوري يقف على سطح إحدى البنايات المهدمة بفعل غارات جوية للنظام على حي الصالحين في مدينة حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

النظام يجدد ضرباته الجوية لمواقع المعارضة تحت غطاء الهدنة

سوري يقف على سطح إحدى البنايات المهدمة بفعل غارات جوية للنظام على حي الصالحين في مدينة حلب أمس (أ.ف.ب)
سوري يقف على سطح إحدى البنايات المهدمة بفعل غارات جوية للنظام على حي الصالحين في مدينة حلب أمس (أ.ف.ب)

اتسع قصف قوات النظام السوري أمس لمواقع سيطرة المعارضة السورية في شمال سوريا وريف العاصمة، مستهدفة قرى تسيطر عليها المعارضة في ريف حماه الشمالي الغربي، وريف إدلب، ومدينة حلب، وهو التصعيد الأول بهذه الوتيرة، منذ دخول اتفاق «وقف الأعمال العدائية» حيز التنفيذ قبل 15 يومًا، ما ينذر بالتفاف على الاتفاق وخرقه وفق خطة «القضم البطيء» لمواقع استراتيجية، بحسب ما قال معارضون.
ولم يمنع التصعيد العسكري الناشطين السوريين من الخروج في مظاهرات عمت مواقع سيطرة المعارضة في سوريا، حيث خرجت مظاهرات في عدة بلدات ومدن سورية منها حي القابون الدمشقي وبلدة زاكية بريف دمشق الغربي، وبلدة الجيزة ومدينة نوى بريف درعا، وكفرتخاريم ومعرتحرمة بريف إدلب، مطالبة بـ«إسقاط النظام ووحدة الأراضي السورية وتوحيد الفصائل وإطلاق سراح المعتقلين»، في حين خرجت مظاهرة في قرية فركيا بجبل الزاوية، نادت بـ«إسقاط النظام»، وهتفت بشعارات مناهضة لجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام)، مما أدى لإطلاق عدة عناصر من جبهة النصرة النار في الهواء لتفريق المتظاهرين، وذلك على خلفية منع النصرة للناشطين في مدينة إدلب من رفع علم الثورة السورية، يوم الاثنين الماضي، وهو ما تكرر أمس الجمعة.
ميدانيًا، قتل خمسة مدنيين على الأقل، أمس (الجمعة)، في غارة شنها الطيران الحربي التابع لقوات النظام السوري على أحد أحياء مدينة حلب، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: «قتل خمسة مدنيين على الأقل الجمعة جراء غارات جوية لقوات النظام استهدفت حي الصالحين»، للمرة الأولى منذ سريان اتفاق غير مسبوق لوقف الأعمال القتالية في سوريا، وهو اليوم الثاني الذي تتعرض فيه أحياء في حلب لقصف جوي مماثل.
بالموازاة، استهدفت قوات النظام الموجودة في حاجزي الكريم والمهد في ريف حماه الشمالي، بشكل مكثف، بلدة قلعة المضيق الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حماه الغربي، بقذائف المدفعية الثقيلة، وسط تأكيد «مكتب أخبار سوريا» أن المنطقة «خالية من أي مقرات أو عناصر من جبهة النصرة أو تنظيم داعش»، في حين استهدف الطيران الحربي الروسي أطراف بلدة كفرنبودة الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حماه الشمالي.
هذا التصعيد، رأت فيه المعارضة استمرارًا لنهج القضم الذي بدأته لمناطق سيطرتها. واعتبر الخبير السياسي والعسكري المعارض عبد الناصر العايد، أن «النظام وروسيا وضعوا خطة لاستغلال الهدنة وفترات التفاوض لينفذوا عمليات انتقائية ضد قوات المعارضة بهدف ضرب مراكز القوة فيها وتنفيذ اغتيالات لقادتها، وضرب مقراتها، بالتزامن مع عملية (اخد وعطى) سياسية تمتد لفترة 6 أشهر، وهي الفترة المحتملة للمفاوضات السورية قبل التوصل إلى حل سياسي»، مشيرًا إلى أن الخطة تقضي «بإنهاء المعارضة المعتدلة وفرض صيغة على المجتمع الدولي تضعه أمام خيارين؛ النظام أو (داعش)».
وقال العايد لـ«الشرق الأوسط» إن الخطة «ممنهجة ودقيقة وبدأت من اغتيال قائد «جيش الإسلام» زهران علوش وتنفيذ اغتيالات أخرى، بموازاة الاستمرار في عمليات عسكرية محدودة ومدروسة ولا تحدث ضجيجًا، تتزامن مع عمليات أمنية لإثارة الفرقة بين المسلحين المعارضين».
ولا يرى العايد أن العمليات التي ينفذها النظام الآن تهديدًا للهدنة فحسب، مؤكدًا أن النظام «لم يلتزم أصلاً بالهدنة، فهو مستمر في عملياته العسكرية تحت غطاء الهدنة والتفاوض لتحقيق الهدف»، معتبرًا أن ما يجري تحت اسم الهدنة «هو عملية تخدير بالأوهام السياسية وإمكانيات التوصل إلى حل سياسي، في مقابل الاستمرار في ضرب المعارضة المعتدلة وانتزاع مخالبها ومنعها من التزود بالسلاح، مما يضطرها بعد أشهر حين يحين موعد التوصل إلى سياسي، لتقديم التنازل المطلوب، أو إجبار المعارضة على التفاوض تحت ضغط السلاح».
كما رأى العايد أن الهدنة «تمثل فرصة لروسيا لإعادة ترميم جيش النظام وإعادة هيكلته، بعد مروره بتجربة استنزاف كبيرة»، كاشفًا أن الروس، وبعد إطلاق ضرباتهم الجوية «عمدوا إلى تخفيض أعداد نقاط الاشتباك بين النظام والمعارضة من 500 نقطة اشتباك إلى 280 نقطة، عبر تنفيذ انسحابات من مناطق مواجهات، أو التوصل إلى مصالحات وتسويات أو اتفاقات وقف إطلاق النار، وذلك لتمكين النظام من مواكبة العمليات الجوية على الأرض، لكنهم اكتشفوا أن هذا التخفيض شكل عبئًا وضغطًا عسكريًا، ولم تستطع قوات النظام تأمين قوات كبيرة لضمان الجبهات، وهو ما دفعهم للجوء إلى الهدنة لإعادة هيكلة قوات النظام».
وبموازاة استمرار عمليات القصف، ذكر ناشطون أن قوات النظام شنت أمس هجومًا على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في جبل التركمان بريف اللاذقية الشمالي، في محاولة للتقدم والسيطرة عليها. وقال المقاتل في صفوف المعارضة وائل حسن، لـ«مكتب أخبار سوريا»، إن القوات النظامية شنت هجومًا من عدة محاور على قرى الحياة والشحرورة واليمضية وكلز وقلابة، وسط قصف صاروخي ومدفعي عنيف استهدف هذه القرى، نافيًا أن تكون القوات المهاجمة قد حققت أي تقدم، مؤكدًا خلو جبل التركمان من مقرات أو عناصر من جبهة النصرة أو تنظيم داعش، اللذين لم يشملهما قرار وقف إطلاق النار في سوريا. إلى ذلك، وثقت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» وقوع 42 خرقًا لاتفاق الهدنة في يومها الثالث عشر، ليرتفع عدد الخروقات، منذ سريانها، إلى أكثر من 477 خرقًا.



انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
TT

انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)

أعادت وكالة أممية حديثها عن تسرب ملايين الأطفال من التعليم، وتدمير آلاف المدارس في اليمن، بينما تتعسف الجماعة الحوثية مع موظفي قطاع التعليم، وحرمتهم من صرف نصف راتب شهري تعهدت به سابقاً، بالتزامن مع إجبار طلاب المدارس على المشاركة في دورات قتالية، وسط اتهامات داخلية للجماعة بالتآمر على قطاع التعليم.

ورفض نادي المعلمين اليمنيين ما سماه «سياسة التجويع» التي اتهم الجماعة الحوثية بممارستها ضد التربويين، مطالباً بعدم الانخداع بـ«أنصاف الحلول وفتاتها»، مع دعوته إلى صرف رواتب المعلمين كاملة، ومعها كامل المستحقات الأخرى، وذلك إثر استثناء الجماعة الحوثية قطاع التعليم من نصف الراتب الشهري الذي تعهدت به للموظفين العموميين.

ودعا الكيان النقابي المعلمين والأكاديميين والموظفين العموميين وعموم قطاعات المجتمع إلى الثورة في مواجهة ممارسات الجماعة الحوثية ورفض «حياة العبودية».

من داخل مدرسة في تعز تعمل «اليونيسيف» على إعادة إلحاق الطالبات المتسربات للدراسة فيها (الأمم المتحدة)

وعدّ النادي المطالبة بالراتب الكامل حقّاً أصيلاً، وليس ترفاً، مشدداً على أن كرامة المعلم لا ينبغي أن تكون رهينة لسياسات عمياء تُغلق الأبواب في وجه العدالة، في حين أعلنت مكاتب التربية الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية رفضها القاطع لاستثناء الإداريين في مكاتب التربية من صرف نصف الراتب الشهري.

وتعرضت الإجراءات الحوثية بشأن صرف رواتب الموظفين العموميين، التي أعلنت عنها منذ أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي لانتقادات حادة، كونها تعتمد على التمييز وتصنيف الموظفين إلى فئات، ما يؤدي إلى اختلالات عميقة، وتمييز حاد بين هذه الفئات.

وحذّر الناشط الحوثي طه الرزامي من تقسيم الموظفين إلى فئات (أ) و(ب) و(ج)، لصرف الرواتب لهم بحسب هذا التصنيف الذي قال إنه «سيولد الحقد والكراهية بين من يعملون من الفئة (ج) ولا تُصرف لهم أنصاف رواتب إلا كل ثلاثة أشهر، وبين من يستلمون رواتب شهرية كاملة من الفئة (أ) دون أن يعملوا».

ووصف إسقاط أسماء عشرات الآلاف من الموظفين القدامى ذوي الخبرة والكفاءة من قوائم صرف الرواتب بالجريمة التي ترتكب بحقهم بعد معاناتهم وعائلاتهم لتسع سنوات.

إيقاف الدراسة للتجنيد

اتهم القيادي الحوثي علي عبد العظيم، وكنيته أبو زنجبيل الحوثي الجماعة التي ينتمي لها، باستهداف قطاع التربية والتعليم وإهماله، إثر استثناء موظفيه من كشوفات صرف نصف الراتب الشهري الذي كانت تعهدت به لجميع موظفي الدولة في مناطق سيطرتها، واصفاً ذلك بالمؤامرة على التعليم، خصوصاً مع عدم إبداء الأسباب، وتجاهل مطالب المعلمين.

ويقود نادي المعلمين اليمنيين إضراباً منذ بداية العام الدراسي للمطالبة بصرف رواتب المعلمين، واعترض على تعرض قادته وعدد من المنتمين إليه خلال هذه الفترة لإجراءات عقابية حوثية، مثل الاختطاف والإخفاء القسري، واتهامهم بالخيانة والعمالة والتآمر، وقد توفي عدد من الخبراء التربويين في السجون.

في غضون ذلك أجبرت الجماعة الحوثية عشرات المدارس في مناطق سيطرتها على التوقف عن الدراسة لإلزام مئات الطلاب والمدرسين على المشاركة في دورات قتالية للتدرب على استخدام الأسلحة في أفنية المدارس.

ونقلت مصادر محلية في مدينة الحديدة الساحلية الغربية عن مدرسين وأولياء أمور الطلاب أن المدارس تحولت إلى مراكز حوثية لاستقطاب الأطفال وإغرائهم أو ترهيبهم للانضمام للجماعة والمشاركة في فعالياتها التدريبية والدعوية، تحت مزاعم مواجهة الغرب وإسرائيل.

منذ بداية العام الدراسي الماضي يواصل المعلمون اليمنيون إضرابهم للمطالبة برواتبهم (إكس)

وتنوعت وسائل الترهيب والإغراء للطلاب وأولياء أمورهم، حيث يجري استغلال الضربات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة وخزانات النفط لإقناعهم بأن هدف هذه العمليات هو إخضاع اليمنيين، إلى جانب عرض إعفائهم من الرسوم الدراسية، وزيادة درجات تحصيلهم الدراسي في حال المشاركة في تلك الأنشطة، والتهديد بزيادة الأعباء المالية والحرمان من الدرجات عقاباً على التغيب أو التهرب منها.

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة مشابهة وموازية يتعرض لها طلاب الجامعات العمومية، وخصوصاً جامعة صنعاء وكادرها التدريسي والوظيفي، ضمن مساع لاستقطاب وتجنيد الآلاف من الشباب والأطفال.

تأهيل أممي للمدارس

أعلنت «اليونيسيف» أن تداعيات الصراع المسلح في اليمن منذ أكثر من عقد من السنوات تسببت بتسرب أكثر من 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، حيث خلّفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمين والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

وأوضحت المنظمة الأممية أنها وشركاءها من أجل التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين من الأطفال، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، نظراً لأن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

أطفال نازحون يدرسون في مبنى مهجور بمحافظة الحديدة الغربية (أ.ف.ب)

ونبهت «اليونيسيف» من تأثير النزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء اليمن، وتجزئة نظام التعليم الذي وصفته بأنه شبه منهار، وقالت إن ذلك كان له أثر بالغ على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية لكل الأطفال في سن الدراسة، البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

وأحصت المنظمة تدمير 2,916 مدرسة، بواقع مدرسة واحدة على الأقل، من بين كل 4 مدارس، أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية بسبب النزاع الذي تشهده البلاد.

ويواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين، ما يقارب 172 ألف معلم ومعلمة، على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ 2016، أو أنهم انقطعوا عن التدريس؛ بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.

وأشارت المنظمة إلى اضطرار المدارس لإغلاق أبوابها أمام الطلاب بسبب تفشي جائحة «كورونا» منذ خمسة أعوام، ما تسبب في تعطيل العملية التعليمية لحوالي 5.8 مليون طالب، بمن فيهم 2.5 مليون فتاة.