عضو مجلس سياسات الدفاع الأميركي جيمس جيفري: السعودية وتركيا على صواب وأوباما مخطئ

قال: ادعو الولايات المتحدة إلى الاستعانة بقوات جوية وبرية لإقامة «منطقة آمنة» في سوريا * السعوديون يملكون خبرة جيدة في إيجاد حل سياسي وعسكري شامل في اليمن يتضمن تحييد الحوثيين

عضو مجلس سياسات الدفاع الأميركي جيمس جيفري: السعودية وتركيا على صواب وأوباما مخطئ
TT

عضو مجلس سياسات الدفاع الأميركي جيمس جيفري: السعودية وتركيا على صواب وأوباما مخطئ

عضو مجلس سياسات الدفاع الأميركي جيمس جيفري: السعودية وتركيا على صواب وأوباما مخطئ

فيما بين عامي 2007 و2012. عمل الدبلوماسي جيمس فرانكلين جيفري نائبا لمستشار الأمن القومي للرئيس جورج بوش الابن، ثم تولى منصب سفير الولايات المتحدة لدى كل من تركيا والعراق في إدارة أوباما. وهو في الوقت الحالي عضو في مجلس سياسات الدفاع، وصاحب رأي بارز في النقاش حول السياسات في واشنطن، حيث يعارض سياسات إدارة أوباما في سوريا والاتفاق النووي الإيراني.
في لقاء خاص مع الشقيقة «المجلة»، ناقش السفير جيفري رؤيته الخاصة حول سياسة أكثر صلابة في سوريا، وتغيُر الرأي العام الأميركي بشأن نشر قوات عسكرية أجنبية، والمخاوف المتعلقة بإيران، وأبرز المرشحين الحاليين للرئاسة الأميركية.
* أنت تدعو الولايات المتحدة إلى الاستعانة بقوات جوية وبرية لإقامة «منطقة آمنة» في سوريا. فهل يمكن أن تشرح لنا الخطة المقترحة؟
- سوف تكون منطقة خاضعة لسيطرة مشتركة من القوات الأميركية والتركية والمحلية والعربية السنية غالبا من جماعات سكانية متنوعة نكون على تواصل معها، وأرجو أن تجمع أيضا أعضاء آخرين من التحالف. يمكن أن توجد على طول الحدود الكاملة بين المناطق الكردية والفرات، والتي تمتد بعمق 25 كيلومترا. ورغم أنها ليست مسافة عميقة، فإنها ستقدم ملاذا للسكان بالإضافة إلى أنها سوف تقطع صلات «داعش» بالعالم الخارجي. وسوف تُظهر بوضوح أن الولايات المتحدة على استعداد لأن تشارك عسكريا على الأرض مع تحالف، مما يضع حدا أمام ما يمكن أن تصنعه روسيا والتحالف السوري الإيراني.
* ما تقييمك للتأييد الذي ستحظى به مثل تلك الخطة فيما يتعلق بالرأي العام الأميركي، وبالتالي دعم الكونغرس؟
- لا تُطرح مثل تلك القرارات للتصويت في الكونغرس – لم يفعل بوش ذلك عندما قرر إرسال «تعزيز للقوات» في العراق. ولكن فيما يخص محاربة «داعش»، كشفت استطلاعات الرأي العام التي اطلعت عليها تأييد بلغت نحو 60 في المائة من الأميركيين لإرسال قوات برية أيضا في سوريا، وهي نسبة أكبر كثيرا من تلك التي تحث الرئيس أوباما على اتخاذ موقف أقوى ضد «داعش». لا يريد الشعب الأميركي إرسال 150 ألف جندي لمدة عشرة أعوام من أجل «إعمار أمة»، وهو شعور له ما يبرره. ولكن أوباما خطط لاتباع منهج «بافلوف» مع الرأي العام الأميركي والإعلام ليجعلهم يعتقدون أن أي نشر للقوات يعادل برنامج بوش لعام 2003 – ولكن ذلك سخيف. هل وقع بوتين في «مستنقع» بإرسال 150 ألف جندي؟ لديه نحو ألفي جندي هناك، انظر ماذا يفعلون. لقد فَقد جنديين فقط، وكان ذلك بسبب الأتراك. ربما تكون هناك أسباب لعدم إقامة منطقة آمنة، ولكن المخاوف من الوقوع في مستنقع ليست سببا.
* ما تقييمك لدرجة استعداد أعضاء التحالف للمشاركة؟
- أعتقد أن السعوديين والأتراك يرون أن التهديد الأكبر في المنطقة ليس «داعش» بقدر ما يتمثل في التحالف الروسي الإيراني السوري، وأرى أنهم على صواب. بل وأقول أكثر من ذلك: إن الأتراك والسعوديين على صواب وإدارة أوباما مخطئة.
* هل هناك ما تعرفه عن باراك أوباما ولا يعرفه حلفاء أميركا التقليديون في المنطقة؟
- لا يزال حلفاؤنا يعتقدون أنهم يتعاملون مع إدارة تجمع بين صفات الإمبراطورية البريطانية وحكومة بوش الأب؛ بمعنى أنها تلتزم في الأساس بنظام عالمي لا يتغير يحفظ الوضع الأمني الأميركي في العالم. وهذا غير صحيح مطلقا، نظرا لأن الشعب الأميركي ليس مؤمنا بالإمبريالية كما فعل البريطانيون. ولكن في الوقت الحالي، هذا الرئيس (أوباما) لا يهتم على وجه خاص بأن الروس يتقدمون. ويرى أن ذلك أمر سيئ بإبهام، مثل فيروس زيكا، ولا يرى جدوى من فعل المزيد بشأنه.
* ما أكبر مخاوفك على المدى القريب فيما يخص سوريا؟
- أرى كارثة تتكشف أمام أعيننا؛ فالأتراك يتصرفون بمفردهم لأنهم يشعرون أن أمنهم أصبح مهددا من الأكراد تحديدا، بل والأهم من ذلك الانتصار العسكري (الروسي) الذي لا يجد رادعا. لذلك يهرعون إلى مواجهة الروس، وهذا يستدعي المادة الخامسة من ميثاق الناتو (والتي تفرض ردا عسكريا جماعيا).
* كيف تقرأ مدى تأثر السلوك الإيراني بتوقيع الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني؟
- نرى أنهم وقعوا تعاقدات على أسلحة روسية بقيمة 8 مليارات دولار، ومن الواضح أنها في طريقها إلى سوريا. كانت إدارة أوباما تحلم بصراحة بأن يُمَكِّن هذا الاتفاق المعتدلين الذين يرغبون أن يكونوا أصدقاءنا، فيما يشبه التقارب مع كوبا. كان يفترض أن مثل هذا التغيير سيكون ديناميكيا، ولكن حتى في كوبا، لم يحدث ذلك؛ وإيران أصعب مراسا. الإدارة مترددة في الاعتراف بأن إيران تتقدم. ومنذ الاتفاقية، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على عدد قليل من الإيرانيين، ولكنهم في الحقيقة غير مهمين.
* ما رأيك في السياسات المحتملة لأي إدارة مستقبلية يقودها أحد المرشحين البارزين في الانتخابات الرئاسية الحالية؟
- إذا أصبح (الجمهوري) دونالد ترامب رئيسا، ستتغير قواعد اللعبة تماما في السياسات الأميركية المحلية والخارجية، ولا يستطيع شخص أن يتوقع ماذا سوف يحدث، ولكنه لن يكون جيدا. سيجعل باراك أوباما يبدو وكأنه تحول ثانوي. أما بيرني ساندرز (الديمقراطي) فمن غير المرجح أن يفوز، ولكنه سيمثل أيضا كارثة أسوأ من أوباما. وسيثير تيد كروز (الجمهوري) إشكالية أيضا، ببساطة نظرا لشخصيته وليست أفكاره. وهكذا يتبقى من المرشحين البارزين في استطلاعات الرأي هيلاري كلينتون (الديمقراطية) فقط.

أضغط هنا لمتابعة تفاصيل الحوار على رابط الشقيقة مجلة «المجلة»



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.