كتّاب سعوديون يخطفون الأنظار بعناوين تجمع بين الإثارة والغرابة

بينها «بتونس بيك» و«الذين طاروا مع العجة» و«مزعج جدًا»

كتّاب سعوديون يخطفون الأنظار  بعناوين تجمع بين الإثارة والغرابة
TT

كتّاب سعوديون يخطفون الأنظار بعناوين تجمع بين الإثارة والغرابة

كتّاب سعوديون يخطفون الأنظار  بعناوين تجمع بين الإثارة والغرابة

يطل عدد من الكتاب السعوديين على جمهورهم عبر معرض الرياض الدولي للكتاب بمجموعة من العناوين المثيرة تارة، والغريبة تارة أخرى. لكن الرغبة في لفت نظر القارئ لا تفقد هذه المؤلفات قيمتها الأدبية. حيث تطل الكاتبة رحاب أبو زيد، بعنوان مقتبس من أغنية مشهورة، اسم كتابها: «بتونس بيك»، وهو موجه (حسب الإهداء) إلى: «أبناء هذا الوقت، إلى مواليد عام 2000م، وما جاورها..». الكتاب الذي توقعه المؤلفة مساء يوم غدٍ، من إصدار الدار العربية للعلوم «ناشرون»، في 250 صفحة، ويضم مجموعة آراء ومقالات كتبت خلال الفترة ما بين عامي 1997 و2015، وهي تُعنى بالتحولات التي طرأت على قضايا محلية معاصرة، مثل قضايا التعليم والصحة والطفل والمرأة والثقافة.
وبدوره، يرى الشاعر والأديب، حسن السبع، أن رحاب أبو زيد «تنأى بقلمها عن العرضي والزائل الذي يلهث وراءه كتَّابُ المناسبات». وأن الكاتبة اهتمت في كتاباتها التي ضمها هذا المؤلف «بما هو جوهري، وله صفة الديمومة»، ويضيف بقوله: «جاءت كتابتها أقرب إلى سلاسةِ ورِقَّةِ الأدب، نائيةً بنفسها عن جفاف الوعْظِ، وتجهم الخُطَب».
وبدوره، أصدر عبد الله الكعيد، الذي يطل منذ سنوات على قرائه من خلال عموده الأسبوعي «القافلة تسير» في جريدة «الرياض»، كتابًا حمل عنوان: «الذين طاروا مع العجة» من إصدارات دار «طوى للنشر والثقافة والإعلام». ولوحة الغلاف من رسومات الفنان الراحل عبد العزيز الحمّاد.
واختار الكعيد أن تكتب مقدمة كتابه ابنته «سحر»، يقول: «المقدمة لم يكتبها نجمٌ شهير ولا أديب كبير بل بقلم ابنتي الكبرى (سحر) أم حفيداتي الأربع الجميلات، فخور بها وأتباهى بحمل اسمها فأنا (أبو سحر)، وكذلك الإهداء ذهب أولا إلى زوجتي (لولوه الخنيني) رفيقة دربي».
يعود عنوان الكتاب إلى عنوان مقال كتبه الكعيد في «الرياض» بتاريخ 14 أبريل (نيسان) 2012، بعنوان: «الذين طاروا في العجّة»، يفسّر في بدايته هذه المقولة، قائلاً: «مقولة قد تكون محليّة بحتة، قيلت قديما، وانطبق مفهومها في عصرنا الحالي. تريدون الحق؟ هنالك كثيرون ممن يطيرون (مجازا) مع نسمة هواء فما بالكم بالعج، وهو ريح قويّة العصف تحمل في دواماتها الغبار وكل شيء خفيف يتصادف مرورها به». وأخيرًا يرى أن «الاشتغال على تنمية الوعي وقول الحقائق في آنها هو ما يمكن أن نواجه فيه (العجة) والذين طاروا بها أو معها».
ومن المؤلفين الصحافي جمال بنون، الذي أصدر كتابًا عن دار «سيبويه» سماه «مزعج جدا»، قال إنه عبارة عن أول كتاب في سلسلة ستحمل العنوان نفسه، وهو عبارة عن مجموعة مقالات نشرت في صحف ومجلات عربية، ويضم مقالات تهدف إلى تطوير البنى الاقتصادية وتحسين الخدمات الحكومية.
هذا الكتاب يضم أفكارا جمعها المؤلف من خلال رحلاته ومشاركاته الصحافية، وهو يرى أنه «مزعج جدا.. حينما يطلق على صحافي.. فهو محبب له ويفرح حينما يقول له أي مسؤول أنت مزعج، وهذا يعني أن تقاتل من أجل الحصول على المعلومة وتقلق المسؤول، حتى يستسلم ويعطيك الإجابة، هو غاية أي صحافي».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».