اكتشاف ثورة علمية تمكن من زراعة الكلية من أي متبرع

«إزالة التحسس» تؤدي إلى التقليل الحاد لرفض الجسم لها

اكتشاف ثورة علمية تمكن من زراعة الكلية من أي متبرع
TT

اكتشاف ثورة علمية تمكن من زراعة الكلية من أي متبرع

اكتشاف ثورة علمية تمكن من زراعة الكلية من أي متبرع

في حدث طبي ثوري، قد يغير حياة آلاف المرضى المسجلين في قائمة الانتظار لزرع كلية جديدة تتواءم مع أجسامهم، طور باحثون أميركيون وسيلة لتتغير عمل جهاز المناعة لدى المرضى، بهدف جعل أجسامهم أكثر تقبلا لكلية مزروعة جديدة، والحيلولة دون رفضها.
وقال الباحثون في الدراسة التي نشرت نتائجها أول من أمس الأربعاء في مجلة «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن» إنهم نجحوا في تغيير جهاز مناعة المرضى الذين تقبلوا كلى لا تتواءم مع أجسامهم، وقد ظل عدد أكثر من هؤلاء المرضى على قيد الحياة بعد مرور 8 سنوات، إذ إنه زاد عن عدد المرضى الباقين في قائمة الانتظار أو عدد الذين زرعت لهم كلية من متبرعين متوفين.
ويطلق على الطريقة الجديدة اسم «إزالة التحسس desensitization». ويقدر عدد المسجلين في قائمة الانتظار لزراعة كلية لهم في الولايا ت المتحدة بـ100 ألف مريض، يعتقد الباحثون أن نصف هذا العدد منهم يمتلكون أجساما مضادة تهاجم العضو المزروع كما أن نحو 20 في المائة منهم حساسون جدا بحيث يصعب تماما إيجاد عضو ملائم لهم.
وقال الباحثون إن عددا لا يزال غير معروف من المصابين بعجز كلوي ينسحبون من قائمة الأنظار بعد معرفتهم بأن أجسامهم سترفض العضو المزروع، ويخضعون بدل ذلك لعملية غسل الكلية.
وقال الدكتور دوري سيغيف الجراح في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز الذي أشرف على البحث إن عملية «إزالة التحسس» تتم أولا بترشيح واستبعاد «الأجسام المضادة» الموجودة في الدم. ثم يحقن المريض بأجسام مضادة أخرى بهدف حماية جسمه خلال عملية توليد جهاز المناعة لديه لأجسام مضادة جديدة. ولسبب غير معروف تكون الأجسام المضادة المتولدة من جديد أقل توجها لمحاربة العضو المزروع.
ولكن، إذا حدث وظلت الأجسام المضادة الجديدة تثير المخاوف، فإن المريض يعالج بأدوية تدمر كريات الدم البيضاء التي يمكنها صنع وتوليد الأجسام المضادة المهاجمة العضو المزروع.
ورحب الدكتور جيفري بيرنز الاختصاصي بأمراض الكلى في كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا ورئيس مؤسسة الكلى الوطنية الأميركية بالطريقة الجديدة التي «تتمتع بقدرات لإنقاذ كثير من الأرواح».
وتبلغ كلفة الطريقة 30 ألف دولار، وهي عالية جدا، وتستخدم فيها عقاقير لم يتم إجازة استخدامها لهذا الهدف. ويقول الخبراء إن الكلفة ستتدنى مع الزمن إلى 7 آلاف دولار. ويذكر أن كلفة عملية زراعة الكلية 100 تبلغ ألف دولار.
وقال سيغيف إن زراعة الكلى هي أكبر ميدان لتوظيف طريقة «إزالة التحسس»، إلا أن الطريقة يمكن استخدامها لزرع الكبد والرئة بين شخصين حيين، فالكبد أقل حساسية للأجسام المضادة، ولهذا فإن درجة «إزالة التحسس» تكون أقل، إلا أنها تزداد أهمية عند نقل كبد لا يتواءم مع جسم المريض المتلقي له.
وفي الدراسة الجديدة قارن الباحثون بين 1025 مريضا في 22 مركزا طبيا من الذين لم يجدوا كلية متبرعا بها تتواءم مع أجسامهم، مع مرضى آخرين في قوائم الانتظار أو من الذين زرعت في أجسامهم كلى متوائمة مع أجسامهم من متبرعين متوفين. وبعد مرور 8 سنوات رصد الباحثون أن نسبة 76.5 في المائة من الذين زرعت لديهم كلى غير متوائمة ظلوا أحياء مقارنة بـ62.9 في المائة من مجموعة من المسجلين في قوائم الانتظار والذين زرعت لديهم كلى غير متوائمة، ونسبة 43.9 من المسجلين فقط في قوائم الانتظار.
وتتطلب عملية «إزالة التحسس» بعض الوقت، أسبوعين لبعض المرضى، وهي تجرى قبل زرع العضو مباشرة، ولذا يجب أن تكون الكلية المتبرع بها متوفرة.

• خدمة «نيويورك تايمز»



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».