إرضاء للصدر الغاضب.. العبادي يعتزم فتح ملفات المالكي بالتنسيق مع «النجف»

رئيس الوزراء السابق بين خيارين: ترك زعامة «الدعوة» ودولة القانون أو مواجهة القضاء في قضية «سقوط الموصل»

طفلان يتلقيان العلاج في مستشفى بقرية تازة جنوب كركوك بعد معاناتهما مع عشرات آخرين من الاختناق بسبب صواريخ تحتوي على مواد سامه ألقتها قوات داعش على منطقتهم أمس (رويترز)
طفلان يتلقيان العلاج في مستشفى بقرية تازة جنوب كركوك بعد معاناتهما مع عشرات آخرين من الاختناق بسبب صواريخ تحتوي على مواد سامه ألقتها قوات داعش على منطقتهم أمس (رويترز)
TT

إرضاء للصدر الغاضب.. العبادي يعتزم فتح ملفات المالكي بالتنسيق مع «النجف»

طفلان يتلقيان العلاج في مستشفى بقرية تازة جنوب كركوك بعد معاناتهما مع عشرات آخرين من الاختناق بسبب صواريخ تحتوي على مواد سامه ألقتها قوات داعش على منطقتهم أمس (رويترز)
طفلان يتلقيان العلاج في مستشفى بقرية تازة جنوب كركوك بعد معاناتهما مع عشرات آخرين من الاختناق بسبب صواريخ تحتوي على مواد سامه ألقتها قوات داعش على منطقتهم أمس (رويترز)

كشف سياسي عراقي مقرب من التحالف الوطني الشيعي (الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي) أن «الإشارات التي قدمها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مؤخرا بضرورة القضاء على الفاسدين مهما كانت مواقعهم إنما هي إشارة واضحة إلى أنه بدأ يقترب من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي لا يزال يتزعم رسميا حزب الدعوة ويترأس ائتلاف دولة القانون رغم كل ما فيه من خلافات وانشقاقات غير منظورة حتى الآن».
وقال سياسي عراقي بارز مقيم في لندن، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، شريطة إخفاء اسمه، إن «العبادي سبق أن أعطى إشارات إلى المرجعية الدينية في النجف، لا سيما المرجع الأعلى علي السيستاني من خلال ممثليه عبد المهدي الكربلائي وأحمد الصافي بأنه سوف يفتح الملفات التي تخص المالكي، لا سيما تلك التي تتعلق بنجله أحمد الذي طلب اللجوء إلى فنلندا ويقيم فيها حاليا بعد أن كان والده قد أطلق يده في إطار علاقات واسعة مع تجار ورجال أعمال بالإضافة، إلى ترؤسه اللجنة الخاصة بجرد عقارات الدولة داخل المنطقة الخضراء، وهو ما جعله يسيطر على معظم تلك العقارات ويوزعها إلى المقربين ممن يمحضون والده الولاء، لا سيما خلال ولايته الثانية على سبيل الفوز بولاية ثالثة».
يذكر أن المالكي انفرد من بين قيادة التحالف الوطني الشيعي بوصف المظاهرات التي أطلقها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الأسبوعين الماضيين في ساحة التحرير وقبالة المنطقة الخضراء، وضمت مئات الآلاف من أتباعه، بالإضافة إلى مؤازرة التيار المدني الديمقراطي الذي يضم شيوعيين أيضًا بـ«المهزلة»، وهو ما يعيد إلى الأذهان الأوصاف التي سبق أن أطلقها المالكي على مظاهرات المحافظات الغربية من البلاد عام 2013 بأنها «فقاعة» و«نتنة».
وكانت أوساط شيعية ذكرت لوسائل إعلام محلية عراقية أن المالكي هدد باستخدام نفوذه لدى الجيش والحشد الشعبي من أجل إيقاف مظاهرات الصدر، لا سيما بعد أن بدأت تقترب من المنطقة الخضراء، وهي بمثابة إشارة واضحة إلى أن المواجهة سوف تكون بين المالكي الذي يستخدم حزب الدعوة غطاء له وبين الصدر الذي يستند إلى قاعدة جماهيرية أصبحت الآن وباعتراف الجميع هي الأكبر في البلاد. وفي هذا السياق يقول السياسي العراقي إن «التحالف الوطني الذي تسنده المرجعية الدينية في النجف وكذلك إيران وتعمل على عدم تفكيكه يبدو الآن أمام مفترق طرق». لكن المصدر قال إن التفكك «ليس على صعيد تشرذمه بخروج هذا الطرف أو ذاك منه لأن جميع كتله تدرك أن خروج أي طرف منه سيضعف دور الشيعة في الحكم وفي مستقبل العراق ويفقدهم المنصب التنفيذي الأول في الدولة وهو رئاسة الوزراء، وهو ما لا يريده كل طرف.. ولكن صعيد الخلافات العاصفة التي تؤثر في قراراته»، مشيرا إلى أن «الاعتراضات بدأت تنصب الآن على رفض استمرار هيمنة حزب الدعوة الذي يسيطر على رئاسة الوزراء منذ أكثر من 10 سنوات، وهو ما أفقد شريكيه الرئيسين المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر المكانة التي كانا يخططان لشغلها منذ أيام المعارضة». وبالاستناد إلى ما ذكره العبادي مؤخرا على صعيد محاربة الفساد فإنه بدأ يقترب مما سبق أن طالبت به المرجعية الدينية التي اعترفت بأن «صوتها بح» دون أن يسمعها أحد، وكذلك ما يطالب به الآن بقوة التيار الصدري الذي بات يقف عند بوابة المنطقة الخضراء. العبادي وفي إشارات هي الأولى من نوعها قال مؤخرا لدى إلقائه كلمة في المجلس الأعلى لمكافحة الفساد في العراق: «إننا سنتمكن من القضاء على الفاسدين ويجب عدم الخشية منهم، ولنبدأ بأعلى رأس فساد في الدولة مهما كان منصبه أو حزبه»، داعيا إلى «ثورة حقيقية ضد الفساد وفتح ملفات الفساد الكبرى».
ودعا العبادي إلى «الكشف عن جميع أموال الفاسدين وملاحقتهم، مشيرا إلى أهمية السير بهذه الإجراءات لبناء الدولة على أسس سليمة. ومع أن هذه الإشارات لم تعد كافية لطمأنة الشارع الغاضب الذي بدأ الزعيم الشاب مقتدى الصدر يتحكم بعواطفه الجياشة.
والمخرج الوحيد الممكن الآن بالقياس إلى حجم الأزمة الداخلية التي يعيشها التحالف الوطني وطبقا لما يراه السياسي العراقي المطلع «تكمن في التضحية بالمالكي سواء من خلال إزاحته من زعامة حزب الدعوة ودولة القانون مع ضمان عدم ملاحقته مع بقاء العبادي الذي يحظى بدعم أطراف قوية داخل الدعوة، وهي خطوة من شأنها أرضاء الصدر والمرجعية معا وتتيح للعبادي معاودة تنفس الصعداء وتشكيل حكومة تكنوقراط وفقا لشروط الصدر الذي شكل لجنة من مستقلين لاختيار وزراء مستقلين توافق عليهم الكتل السياسية بمن فيها القوى السنية والكردية التي تخلت عن أزمة التحالف الشيعي، وهي إشارة سلبية بشأن مفاهيم الشراكة التي نشأت عليها العملية السياسية». ويرى السياسي المطلع أنه «في حال رفض المالكي عرضا بهذا الشأن فقد يذهب خصومه داخل الدعوة ودولة القانون إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث يمكن أن يقدم للقضاء، لا سيما أن هناك ملفا جاهزا وهو ملف سقوط الموصل، إذ إن المالكي على رأس المتهمين فيه».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.