يوم المرأة العالمي.. بين الاحتفالات والتوعية تحت شعار «وعد بالمساواة»

لطيفة الشعلان: المثقفون وكتاب الرأي لعبوا دورًا كبيرًا لمناصرة المرأة السعودية

تحتفل كولومبيا بيوم المرأة العالمي منذ 1913 وكانت الأمم المتحدة قد أقرت يوم 8 مارس  يوما عالميا لحقوق المرأة والسلام العالمي في عام 1977 (إ.ب.أ) و في باكستان احتفلت النساء أمس بيوم المرأة العالمي.. وفي الصورة  جانب من محل لبيع الفخار تملكه الباكستانية أمينة بيبي (إ.ب.أ)
تحتفل كولومبيا بيوم المرأة العالمي منذ 1913 وكانت الأمم المتحدة قد أقرت يوم 8 مارس يوما عالميا لحقوق المرأة والسلام العالمي في عام 1977 (إ.ب.أ) و في باكستان احتفلت النساء أمس بيوم المرأة العالمي.. وفي الصورة جانب من محل لبيع الفخار تملكه الباكستانية أمينة بيبي (إ.ب.أ)
TT

يوم المرأة العالمي.. بين الاحتفالات والتوعية تحت شعار «وعد بالمساواة»

تحتفل كولومبيا بيوم المرأة العالمي منذ 1913 وكانت الأمم المتحدة قد أقرت يوم 8 مارس  يوما عالميا لحقوق المرأة والسلام العالمي في عام 1977 (إ.ب.أ) و في باكستان احتفلت النساء أمس بيوم المرأة العالمي.. وفي الصورة  جانب من محل لبيع الفخار تملكه الباكستانية أمينة بيبي (إ.ب.أ)
تحتفل كولومبيا بيوم المرأة العالمي منذ 1913 وكانت الأمم المتحدة قد أقرت يوم 8 مارس يوما عالميا لحقوق المرأة والسلام العالمي في عام 1977 (إ.ب.أ) و في باكستان احتفلت النساء أمس بيوم المرأة العالمي.. وفي الصورة جانب من محل لبيع الفخار تملكه الباكستانية أمينة بيبي (إ.ب.أ)

لليوم العالمي للمرأة معان وأهمية مختلفة لكل فئة من الناس، فهو للبعض بمثابة فعالية احتفالية لتكريم النساء في مجتمعاتهن. وللبعض الآخر، يأتي هذا اليوم كفرصة ودعوة للعمل لتسريع وتيرة المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في المجتمع. وأيا ما يكون الهدف منه، فإن اليوم العالمي للمرأة لحظة مثالية للتحرك ومراجعة وضع النساء في دول العالم. وبحسب الأمم المتحدة، فإن شعار احتفالية هذا العام هو «الإعداد للمساواة بين الجنسين لتحقيق مساواة تامة بين الجنسين على كوكب الأرض بحلول 2030». إلى ذلك، جرى إطلاق حملة عالمية إلكترونية لعام 2016 «#وعد_بالمساواة».
وكتب على موقع الحملة، «تنبأ المنتدى الاقتصادي العالمي في 2014 بأن المساواة بين الجنسين حول العالم لن تتحقق قبل 2095. وبعد ذلك بعام واحد، قدر المنتدى تراجعا في وتيرة التقدم بالفعل، يعني أن الهوة بين الجنسين لن يتم جسرها تماما قبل 2133». ويختتم البيان على الموقع بقوله إنه، «على الصعيد العالمي، ومع تعهد الأفراد بالانتقال من نطاق الحديث إلى العمل الهادف – ومع توحيد جهود الرجال والنساء – يمكننا بشكل جماعي أن نساعد السيدات على التقدم بما يكافئ أعدادهن وتحقيق الإمكانات التي لا حدود لها، والتي يمكنهن أن يقدمنها للاقتصادات حول العالم».
وتحت بنود الحملة، نظمت مدن حول العالم فعاليات تزامنا مع يوم المرأة. ففي أونتاريو بكندا احتفل مركز «ووترلو ويلينغتون» للطيران من خلال دعوة الإناث ذات الاهتمام بالطيران للاستمتاع بيوم مجاني والتعرف على ما تعنيه حياة الطيران. في أمل ضم وإلهام النساء ممن لديهن اهتمام بالطيران (والدراسات المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بوجه عام) للوصول إلى معتركات جديدة.
واحتضنت العاصمة البريطانية لندن، عرض «تيك سيتي إنترناشيونال» التقني للأعمال التجارية والمشروعات ذات الصلة بالصناعات التكنولوجية والإبداعية، والتي تقودها سيدات، وجميع مبيعات التذاكر مخصصة لجمعية خيرية محلية. وفي برلين، نظمت مجموعة من المساجد برنامجا يتضمن ندوات حول النساء في الإسلام ووضع النساء المسلمات في ألمانيا. وفي نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، جرى تنظيم مسيرة احتفالية لتكريم الروابط بين نساء المجتمع وتمكين المرأة في الولايات المتحدة بمجتمعها.
واحتفل العالم العربي بهذه المناسبة أيضا. فمن العاصمة السعودية الرياض، شددت عضو مجلس الشورى الدكتورة لطيفة الشعلان على أن الأنظمة في المملكة لا تميز بين النساء والرجال مستشهدة بالنظام الأساسي للحكم وبلائحة الخدمة المدنية ونظام العمل «لكن بعض الأعراف والموروثات السائدة هي التي تتحكم فعليًا في الواقع والممارسات التنفيذية وتفرض تمييزًا ضد النساء في الواقع العملي على أكثر من صعيد»، لكنها أشارت إلى أن المجتمع يتغير باستمرار للأفضل. وأضافت الشعلان خلال محاضرة ألقتها أمس في جامعة الأميرة نورة بمناسبة يوم المرأة العالمي، أن حقوق المرأة السعودية تنطلق من ثوابت القرآن والسنة والنظام الأساسي للحكم الذي يعتبر بمثابة دستور البلاد.
وأشارت إلى أن المثقفين وكتاب الرأي في وسائل الإعلام لعبوا دورًا كبيرًا لمناصرة المرأة السعودية والدفاع عن حقوقها والتمهيد للقرارات التي تصب في إصلاح أوضاع المرأة وتأييدها، في ظل غياب الجمعيات النسوية وعدم وجود قاعدة منظمة ونشيطة للمطالبة بحقوق المرأة في السعودية.
وشهدت بداية 2013 إعلان الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، تعيين 30 سيدة بمجلس الشورى للمرة الأولى في تاريخ السعودية. وهنا اعتبرت الشعلان أن دخول النساء إلى مجلس الشورى يحمل أيضا مضامين ودلالة تاريخية كبيرة، وأسهم في وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار، كما كسر الصور النمطية والحواجز النفسية في ذهنية المجتمع عن مشاركة المرأة في الشأن العام.
واعتبرت الشعلان أن قرار التعليم في الستينات الميلادية كان قرارًا تاريخيًا، إضافة إلى أن نجاح المرأة في الانتخابات البلدية بفوز 21 سيدة كان حدثًا فاجأ أشد المتفائلين، وأوضح إلى أي حد بات المجتمع يتغير باستمرار.
واستعرضت عضو الشورى قرار «قصر العمل في بيع المستلزمات النسائية على المرأة السعودية» وأكدت على أنه محطة ينبغي التوقف عندها ليس فقط لأنها رفعت من قوة العمل النسائية في القطاع الخاص وخفضت من معدلات البطالة، بل لأنها كسرت الذهنية المتحجرة في المجتمع أيضًا على حد وصفها.
وفي الرياض، شهد «غاليري حوار» معرضًا تشكيليًا حمل اسم «حواء»، أقيم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وشاركت فيها مجموعة من الفنانات التشكيليات الخليجيات، من السعودية وقطر وسلطنة عمان، ويستمر المعرض حتى نهاية الشهر الحالي.
كما أوضحت شذى بنت إبراهيم الطاسان رئيسة مجلس إدارة «غاليري حوار» بالرياض أن هذا المعرض هو «أول معرض على مستوى المملكة والخليج العربي يضم كوكبة من أبرز الفنانات التشكيليات في المحترفات الخليجية. وفنانات لهن بصمات واضحة في مسيرة الفن المعاصر في بلدانهن».
وفي مصر تنوعت الاحتفالات وأبرزت فعاليات رسمية وشعبية الأدوار المتعددة التي لعبتها المرأة في الحياة بكل أوجهها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية. وفي البورصة المصرية دقت الدكتورة مايا مرسي رئيس المجلس القومي للمرأة بمصاحبة مجموعة من القيادات النسائية وعدد من نائبات البرلمان، جرس بدء التداول في جلسة البورصة أمس الثلاثاء، احتفالا باليوم العالمي للمرأة.
ومن جهتها أعلنت الجامعة العربية اعتمادها إعلان القاهرة للمرأة العربية والخطة الاستراتيجية للنهوض بالمرأة العربية (2015 - 2030)، وذلك لتمكين المرأة والنهوض بأوضاعها على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ووضع آليات للقضاء على العنف ضدها.
وخصص المركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة أسبوعا للمرأة يتضمن سلسلة من الندوات والمحاضرات والمبادرات للتعريف بأهمية دور المرأة وخصوصا في مصر.
ويتضمن الأسبوع سهرة احتفالية تنظم بعد غد تحت عنوان «فرانش تاتش» والتي سيكسوها اللون البنفسجي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، ينظمها المعهد الفرنسي بالتعاون مع سفارة الاتحاد الأوروبي وسفارة ألمانيا وإيطاليا وأحد فنادق الكبرى بالقاهرة.
ونظم المعهد السويدي بالإسكندرية بدوره سلسلة من الأنشطة في الإسكندرية وستوكهولم. وفي 25 مارس، تنظم «سايكل إيجيبت» مسيرة بالدراجات بالتعاون مع فندق سوفيتل ووفد الاتحاد الأوروبي في مصر، في شوارع القاهرة مرورًا بسفارة فرنسا وفندق سوفيتل والمعهد الفرنسي. لإهداء تلك الرحلة الجماعية إلى جميع المكافحين من أجل وضع المرأة.
وفي العاصمة الأردنية، افتتح رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة أعمال مؤتمر «إنصاف المرأة في التشريعات والسياسات العامة» الذي جاء بالتعاون ما بين مشروع الاتحاد الأوروبي لتعزيز القدرات المؤسسية لمجلس النواب وملتقى البرلمانيات الأردنيات أمس، وتم إطلاقه بمناسبة اليوم العالمي للمرأة. ودعا الطراونة خلال كلمته الافتتاحية إلى بذل مزيد من جهود التوعية، حتى تكون المرأة ممثلة في السلطات الدستورية بحجم يعكس نسبتها في المجتمع، من دون أن نغفل حجم التطور في وعي مشاركة المرأة في الانتخابات، وبصورة انعكست على نسبة حضورها في مجلس النواب السابع عشر على الأقل.
واشتمل المؤتمر على عدد من الجلسات التي تم خلالها مناقشة حقوق المرأة الأردنية بين التشريعات الوطنية والدولية، والاستراتيجية الوطنية للمرأة الأردنية، والموازنة العامة للدولة، ومدى استجابتها للنوع الاجتماعي، بالإضافة إلى التجارب البرلمانية للسيدات النواب.
وعلى صعيد متصل، احتفى لبنان كما بقية دول العالم بهذا اليوم، من خلال مؤتمرات، وندوات، ولقاءات، جمعتها كلها الشكوى ذاتها، ألا وهي قصور القوانين عن اللحاق بما أنجزته المرأة في حياتها العملية، وبقاء النساء مغبونة سياسيًا، وبعيدات عن مراكز القرار. وعبرت الوزيرة الوحيدة في الحكومة الحالية، وزيرة المهجرين أليس شبطيني عن تأييدها للكوتا النسائية كحل لا بد منه، بعد أن فشلت كل الحلول الأخرى، كي تتمكن المرأة من تبوء مراكز القرار، طالبة من النساء تجاوز العراقيل ومساعدة بعضهن البعض لبلوغ أهدافهن، لافتة إلى أن تفشي المال السياسي الذي لا تمتلكه المرأة هو أحد أسباب إقصائها.
وكان الأكثر لفتًا للنظر هو ما صدر عن الرئيس سعد الحريري الذي له، حاليًا، أكبر كتلة برلمانية، حيث قال: «نحن في لبنان مطالبون بالعمل مع كل المعنيين لاستكمال الخطوات اللازمة لتحقيق مطالب المرأة المحقة وفي مقدمها المشاركة الكاملة في الحياة السياسية والوطنية، وتعديل القوانين وإعطاء الجنسية اللبنانية لأبناء المرأة المتزوجة من غير لبناني؛ لأن هذا حق مشروع ولا يجوز الاستمرار في تجاهل هذا الحق تحت ذرائع وحجج تتنافى مع أبسط الحقوق والمعايير الإنسانية والاجتماعية».
وعملت النساء في مؤتمراتهن وندواتهن أمس، على دعوة سياسيين نافذين، علمن منهم، على الأرجح، أن الحلول هي بين أيديهن.
وفي السودان، احتفلت جمعية صحافيات بلا حدود باليوم العالمي للمرأة تحت شعار الصحافيات رائدات التغيير. وتضمن برنامج الاحتفال المقام بالمركز القومي للسلام والتنمية ندوة بعنوان الدور الاجتماعي للصحافية السودانية. كما جرى عرض فيلم وثائقي يحكي قصة امرأة سودانية عملت على محاربة الفقر في المنطقة التي تسكن بضواحي العاصمة السودانية الخرطوم. كما احتفل عدد من المنظمات النسائية بإقامة فعاليات خاصة بها. وأصبح من المتعارف عليه في السودان أن تشمل الاحتفالات تبادلا للتهاني والكروت عبر وسائل التواصل الاجتماعي ونشرت بعض التدوينات صورا لرائدات سودانيات في مختلف المجالات.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».