مشروع إلكتروني سعودي يشارك الشباب التاريخ

أمير الرياض: دارة الملك عبد العزيز حفظت إرثنا بأسلوب علمي عصري

جانب من مخطوطات معروضة لدى دارة الملك عبد العزيز بالرياض أمس (تصوير: سعد الدوسري)
جانب من مخطوطات معروضة لدى دارة الملك عبد العزيز بالرياض أمس (تصوير: سعد الدوسري)
TT

مشروع إلكتروني سعودي يشارك الشباب التاريخ

جانب من مخطوطات معروضة لدى دارة الملك عبد العزيز بالرياض أمس (تصوير: سعد الدوسري)
جانب من مخطوطات معروضة لدى دارة الملك عبد العزيز بالرياض أمس (تصوير: سعد الدوسري)

تستعد دارة الملك عبد العزيز لإطلاق مشروع وطني يتيح للشباب الاطلاع على تاريخ السعودية عبر وسائل التواصل الإلكتروني الحديثة. وكان الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض زار دارة الملك عبد العزيز في الرياض أمس. وقال: «إن الملك سلمان بن عبد العزيز أعطى وأولى هذه الدارة كل ما يستطيع من عمل وإنجاز ودعم وهو واضح وجلي في تواصله الدائم مع مسؤولي الدارة وتواجده في المراحل كلها التي مرت عليها الدارة، حتى أصبحت ما هي عليه الآن رمزًا خالدًا في هذا الوطن يؤسس لهذا الدور التاريخي».
وأشار إلى أنه شاهد في هذه الدارة تاريخ المملكة بأسلوب علمي دقيق وموثق توثيقًا محكمًا، لافتًا إلى أن الدارة ستظل علامة بارزة في كل وطننا العزيز ومنارة لكل من يرغب في الاستفادة منها فهي متاحة. وتابع: «اكتسبت اليوم معلومات وتوصلت إلى حقائق آمل أن يستفيد منها الجميع».
وأبدى أمير الرياض رضاه عن سير عمل الدارة، متطلعا لتعزيز دورها المرجعي التوثيقي والتاريخي كمصدر للدراسات العليا والأبحاث، مبينًا أن أي ركن منها، يشتمل على كنز من المعرفة والتاريخ، ما يمكن الاستفادة الكاملة منه لدى الجميع، ولأي باحث يقصد التعرف على شكل التوثيق التاريخي، مشيرًا إلى أن الدارة مرتبة وموثقة بشكل جيد وهو أمر مهم جدًا لكل باحث.
إلى ذلك، أكد الدكتور فهد السماري الأمين العام لدارة الملك عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»، أن زيارة الأمير فيصل بن بندر أمير الرياض، للدارة تأتي في إطار التعرّف على برامج الدارة ومجالات عملها، مشيرًا إلى أن في توجيهاته معالجة للكثير من التقاطعات بين عمل إمارة الرياض والدارة.
وقال السماري: «الدارة الآن بصدد إطلاق مشروع يتبنى إتاحة المادة التاريخية الوطنية التي تم حفظها في الدارة للشباب عبر الوسائط الحديثة، ويحظى المشروع بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس الدارة، ويتابع بشكل شخصي ورسمي ومباشر الأمير محمد بن سلمان نائب رئيس مجلس الإدارة رئيس اللجنة التنفيذية التي تقوم على هذا المشروع»، مشيرا إلى أن المشروع سيرى النور خلال الأشهر القليلة المقبلة.
يشار إلى أن دارة الملك عبد العزيز حققت الكثير من الإنجازات على صعيد العمل التوثيقي والتاريخي، من بينها اعتناؤها بخمسين نسخة نادرة للمصحف الشريف بالمدينة المنورة، إذ أعاد فريق متخصص من مركز الملك سلمان بن عبد العزيز للترميم والمحافظة على المواد التاريخية بالدارة، الحياة لخمسين نسخة قديمة من المصحف الشريف كانت غائبة عن الاهتمام تحتضنها مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة في تعاون بين الجانبين.
كما كانت إدارة المكتبة لجأت إلى خبرات الدارة وإمكاناتها لهذا الإصلاح والترميم لجهودها الملموسة في عمليات التعقيم والترميم والصيانة للكتب القديمة، وتوجه فريق العمل الذي تصحبه الوحدة المتنقلة للترميم الخاصة بالمركز إلى المدينة المنورة للعمل على تعقيم وترميم المصاحف، وأنجز الفريق عمليات التعقيم والترميم في وقته المحدد رغم ما تعانيه هذه النسخ من التصاق أوراقها وتمزق أطرافها وتهالك أغلفتها نتيجة عدم إدراجها في قائمة تصنيف المكتبة وفهرستها.
وبعد إتمام المهمة عرض عدد منها ضمن معرض المصحف الشريف التابع لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المدينة المنورة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».