بسبب القروض الدراسية والخوف من العجز عن سدادها، قررت كمبرلي تشونغيوم موتلي ترك ساعات العمل الطويلة والأجر المتدني في مكتب المحامي العام بمدينة ميلواكي بولاية وسيكنسن الأميركية عام 2008 لتتوجه إلى أفغانستان.
في الفيلم التسجيلي عن حياتها غير التقليدية في مجال القانون الذي عرض على شاشة قناة «الجزيرة أميركا» في فبراير (شباط) الماضي، قالت موتلي: «حضرت إلى هنا من أجل المال، شأن نصف الناس هنا، وقبل وصولي لم أكن أعرف أين توجد أفغانستان على الخريطة».
لم يسبق لموتلي، 40 عاما وخريجة كلية القانون بجامعة «ماركت»، أن سافرت خارج الولايات المتحدة عندما التحقت ببرنامج تابع لوزارة العدل لتدريب المحامين في أفغانستان التي تعد أخطر المناطق في العالم.وبعد انتهاء مدة التكليف التي تبلغ تسعة أشهر، لم تعد موتلي إلى ميلواكي، بالولايات المتحدة، بل قررت العيش في كوخ خشبي في كابل، ودرست الشريعة التي استمد منها الدستور الأفغاني الجديد الهش قوانينه، لتصبح أول مشرعة أجنبية في بلد متحفظ تهيمن عليه الثقافة الرجولية.
قالت في مقابلة شخصية إنها نالت الاحترام بعدما أظهرت للناس تطلعها لفهم الثقافة الأفغانية، حتى وإن استمر الناس يرونها بصفتها غريبة.
مولي طويلة القامة ولا تضع غطاء على رأسها، وتميل إلى الصراحة وإلى استخدام اللغة الحادة خارج قاعة المحكمة. تعمل مولي في المحكمة وفى بلد لا يستطيع كثير من النساء فيه مغادرة البيت إلا بعد ارتداء إسدال يغطي كامل الجسد.
في إحدى المقابلات الشخصية، قالت موتلي: «كي أكون صادقة، أتعرض للتحرش الجنسي من الأجانب أكثر مما أتعرض له من الأفغان»، مضيفة أن غيرها من المحامين أخبروها بأنه يجب عليها أن تذعن لزملائها من المحامين الرجال، وأن تدين بالفضل لما تحققه من انتصار في قاعة المحكمة لمترجميها من الرجال.
«أحاول ألا أشتكي، لأن هذا ما يريد الناس أن أفعله، فهم يريدون رؤيتي ضعيفة»، مؤكدة أن ما تلاقيه من ظلم لن يمنعها من الاستمرار.
«هناك كثيرون ممن يثقون بي ويعتمدون علي» وفق موتلي التي أضافت: «سوف يكون الضرر كبيرا لي لو أنى غادرت أفغانستان، وسوف يكون الأمر بمثابة انتصار لبعض هؤلاء الرجال السيئين لو أنني رحلت».
ففي خلال السنوات الثماني التي مارست فيها مهنة القانون هنا، عملت موتلي في كثير من أهم قضايا حقوق الإنسان في مرحلة ما بعد طالبان. ربما كانت موتلي أول محامية مستقلة تمثل ضحايا العنف في أفغانستان في محكمة تقع داخل أفغانستان. حدث هذا في قضية طفلة أجبرت على الزواج القسري في سن الثانية عشرة وتعرضت للتعذيب على يد زوجها. كذلك مثلت موتلي عائلة فرخندة مالكزادة، سيدة قتلت العام الماضي في سن السابعة والعشرين بعد ما اتهمت زيفا بحرق القرآن الكريم.
كثيرا ما ساعدت موتلي الأجانب الذين يقعون في مشكلات مع القضاء الأفغاني، وتقوم بسداد الفواتير الخاصة بالسفارات الأجنبية والشركات الأجنبية الكبرى، منها مثلا صحيفة «نيويورك تايمز».
«ما زلت أكسب المال»، وهذا ما يمثل حافزا لي، وفق موتلي، مضيفة: «أحب تمثيل موكليّ الذين لم أكن لأسمع عنهم لو لم أحضر إلى هنا».
في قضية حديثة، طُلب من موتلي مساعدة فتاة مراهقة ولدت في أفغانستان لكنها تربت في فيينا وتحمل الجنسية النمساوية. تعرضت الفتاة الصغيرة للخداع من والديها الذين تحايلا لإرجاعها لأفغانستان كي تتزوج من أحد أقربائها.
وضعت الفتاة قسرا في بيت ريفي بمنطقة بغلان على مسافة بعيدة من عائلتها وأصدقائها، وتمكنت الفتاة من التواصل مع موتلي سرا (لم تكشف كيفية التواصل) طلبا للمساعدة.
أفادت موتلي أنها أرسلت بـ«رجالها» (مجموعتان من الرجال المحليين الذين تثق بهم وفى قدرتهم على دعمها) لإنقاذ الفتاة في منطقة قندوز التي استولت عليها طالبان مؤخرا. «الجميع في تلك المنطقة يحمل سلاحا، والناس عصبيون للغاية».
وبعد محاولتين، استطاعوا تهريب الفتاة والسفر بها إلى كابل، وبعد ذلك بشهر، اصطحبتها موتلي إلى فيينا.
أخرج الفيلم الذي تناول عملها في أفغانستان المخرج الدنمركي نيكول حوراني، وفاز بالجائزة الكبرى لأفضل فيلم تسجيلي في مهرجان «إن واي سى» بنيويورك في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. امتدحت لجنة الحكام العمل الذي أطلع الجمهور على حياة المحامية «بالغة الشجاعة كمبرلي موتلي».
تلقت موتلي تقدير الجالية الأجنبية في كابل، حيث إنها «المحامية الأجنبية الوحيدة التي تعمل بتلك المهنة في أفغانستان، وهو إنجاز شجاع في حد ذاته»، حسب ماركوس بوتزل، السفير الألماني في كابل. أضاف: «غير أنني معجب جدا بعلمها، فأحيانا تبدو على دراية أكبر بالقانون الأفغاني من الأفغان أنفسهم».
ولدت موتلي لأب أميركي أفريقي يعمل في سلاح الطيران الأميركي وأم كورية؛ حيث تقابل الاثنان في قاعدة جوية بالقرب من سيول. ولدت موتلي ونشأت في منطقة ميلواكي بولاية وسيكنسن الأميركية، وحصلت على شهادتها الجامعية ودرجة الماجستير من جامعة وسيكنسن ميلواكي، ثم حصلت على شهادة في القانون من «كلية ماركت للقانون».
رسخت موتلي بعض المبادئ الحميدة في التعامل مع المسؤولين الفاسدين في أفغانستان التي تعد أكثر الدول فسادا في العالم، حيث حلت في المرتبة 166 من بين 168 في أحدث قائمة صادرة عن منظمة الشفافية الدولية. فحسب موتلي: «مبدئي هو: (لا تدفع رشى، ببساطه لا تدفع مطلقا)»، مضيفه أنها بصدد صياغة هذا المبدأ كتابة لتخيف الناس، وتكتب قائمة بمن يفعل ذلك، ليعرف الناس أنك تحتفظ بسجل كهذا.
أفادت موتلي بأنها تدرس ثقافة أفغانستان بصفة عامة، وثقافة قاعات المحاكم بصفة خاصة.. «تستطيع أن تقول إنني منقبة في القانون، فأنا أحاول كشف القوانين غير المستخدمة لاستخدامها لصالح موكلي».
أحيانا تعمل موتلي من خلال الإطار القانوني، وفي أحيان أخرى تقوم بتمثيل موكليها في المجالس العرفية التي يعقدها الكبار خارج إطار المحكمة وفق فهمهم للشريعة الإسلامية.
* خدمة «نيويورك تايمز»
7:26 دقيقه
محامية أميركية تعيش في كابل للدفاع عن الأفغانيات
https://aawsat.com/home/article/586466/%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B9%D9%8A%D8%B4-%D9%81%D9%8A-%D9%83%D8%A7%D8%A8%D9%84-%D9%84%D9%84%D8%AF%D9%81%D8%A7%D8%B9-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7%D8%AA
محامية أميركية تعيش في كابل للدفاع عن الأفغانيات
عملت في كثير من أهم قضايا حقوق الإنسان في مرحلة ما بعد طالبان
المحامية كمبرلي تشونغيوم موتلي مع إحدى زبوناتها الأفغانيات في العاصمة كابل (نيويورك تايمز)
- كابل: ديفيد جولي
- كابل: ديفيد جولي
محامية أميركية تعيش في كابل للدفاع عن الأفغانيات
المحامية كمبرلي تشونغيوم موتلي مع إحدى زبوناتها الأفغانيات في العاصمة كابل (نيويورك تايمز)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

