سياسيون لبنانيون: لا فائدة من تسليح الجيش تحت هيمنة «حزب الله»

أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة لن تقبل أي دعم إيراني

سياسيون لبنانيون: لا فائدة من تسليح الجيش تحت هيمنة «حزب الله»
TT

سياسيون لبنانيون: لا فائدة من تسليح الجيش تحت هيمنة «حزب الله»

سياسيون لبنانيون: لا فائدة من تسليح الجيش تحت هيمنة «حزب الله»

رحّب سياسيون لبنانيون بقرار السعودية وقف تسليح الجيش اللبناني، ووصفوه بأنه «قرار صائب»، لا سيما مع هيمنة حزب الله على السياسة والأمن اللبنانيين، مؤكدين أن الحكومة اللبنانية لن تقبل أي تسليح إيراني لجيشها.
وتأتي تصريحات هؤلاء السياسيين في وقت أعلن فيه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن السعودية ستتسلم المعدات العسكرية الفرنسية التي كان من المفترض أن تسلم للجيش وقوى الأمن اللبناني وفق هبة سعودية بقيمة 3 مليارات دولار.
وقال السياسي اللبناني عضو مجلس النواب مروان حمادة لـ«الشرق الأوسط»: «رغم حرصي أن يتسلح الجيش اللبناني كونه جزءًا من المؤسسات الشرعية في البلد، فإن حالة هذه المؤسسات تحديدًا تضع شكوكًا كثيرة حول من يأمرها ومن سيتصرف بهذا السلاح في النهاية».
وأكد حمادة أن موقف السعودية الذي اشترطت فيه تحرير القرار اللبناني من هيمنة حزب الله لإعادة توجيه الأسلحة إلى لبنان «هو قرار صحيح»، مضيفًا أن «البقية الآن علينا نحن أن نقوم بواجبنا لتحرير الدبلوماسية اللبنانية والسياسة اللبنانية والأمن اللبناني من هيمنة حزب الله، وعندئذ لا أظن أن السعودية ستتردد لحظة في مواصلة تسليح الجيش»، مشددًا على أن العلاقات اللبنانية السعودية التي كانت دائمًا وستبقى مميزة مع الشعب اللبناني تحديدًا ستعود إلى طبيعتها، والشرط الوحيد هو أن يكون لبنان وفيًا لنفسه.
ولفت إلى أن «الانتفاضة في الشارع اللبناني تتوقف على ميزان القوى والقدرة على ذلك نتيجة فائض التسليح الذي بحوزة ميليشيا حزب الله، والذي يُفقد التوازنات حتى لو وقف الجيش اللبناني وقفة الحفاظ على الأمن، وسبق أن رأينا كيف أن الجيش لم يتدخل حين اجتاح حزب الله بيروت في 7 مايو (أيار) 2008، لذلك يجب أن تكون الانتفاضة شعبية سليمة كي تكون ناجحة، لأن الانتفاضة المسلحة ليست في صالحنا في الوقت الحاضر». واستبعد حمادة أن تقبل الحكومة اللبنانية أي تسليح إيراني لجيشها. وقال: «الحكومة اللبنانية على هشاشة موقف بعض أعضائها ومحاولة حزب الله الهيمنة عليها لا تزال تمتلك القدر الكافي من المناعة كي لا تقع في الفخ القاتل، أي أن تكون سببًا في انقطاع السلاح السعودي والفرنسي المنشأ، وأن تسلم لإيران أقدار جيشنا الوطني، وأظن أن أي شيء من هذا القبيل سيفجر الحكومة فورًا ولن توافق عليه».
إلى ذلك، اعتبر المحلل السياسي طوني بولس أن إمكانية تسليح إيران للجيش اللبناني شبه معدومة، نظرًا لوجود عقوبات على تصدير إيران للسلاح، وبالتالي إذا أخذ لبنان قرار تسليح جيشه من إيران فإن ذلك سيحوله إلى دولة مارقة، وهذا ما يستحيل أن يقبل به، لافتًا إلى أن إيران سبق أن عرضت تسليح الجيش اللبناني ولكن الحكومة اللبنانية رفضت ذلك. وأكد أن لبنان لن يقبل تسليح جيشه من إيران إلاّ في حالة أصبحت الحكومة اللبنانية بيد حزب الله نتيجة انتخابات شعبية، ولن يستطيع حزب الله أن يربح عن طريق الانتخابات، حيث خسر تحالف حزب الله انتخابات نيابية في 2005 و2009 وهو الآن يهيمن على الشعب اللبناني بالقوة وليس بالانتخابات.
وأشار إلى الشعب اللبناني لديه توجه بعدم قبول الهبات الإيرانية لأن هذه الهبات لا تهدف إلى مساعدة الدولة اللبنانية أو الجيش اللبناني، بل تهدف لشراء موقف سياسي من لبنان، و«لبنان الرسمي» لا يمكن أن يقوم بمثل هذا الأمر.
وتطرق إلى أن المشكلة ليست في العتاد العسكري، بل في القرار السياسي، فالجيش اللبناني يتحرك وفق سياسة الحكومة، التي توجه الجيش ولا يوجد قرار رسمي لدى الجيش اللبناني أن يضبط الحدود اللبنانية السورية أو أن يضبط الميليشيات الموجودة في لبنان، واصفًا تسليح الجيش اللبناني بالأمر «السهل» إذا وجد القرار السياسي. وتابع: «أتصور أن يكون الخليج والسعودية تحديدًا أول من يعطي السلاح للجيش اللبناني. ولكن إعطاء سلاح دون وجود غطاء سياسي للجيش - الذي لا يقوم بواجبه - أمرٌ لا فائدة منه».
ووصف بولس قرار السعودية بوقف هباتها للبنان بمثابة «ضربة إفاقة للشعب اللبناني وليست عقوبة – كما يعتقد البعض - بل إن هذا القرار هو من سيشجع الجيش ليقول كفى لحزب الله وكفى لما تحدثونه من توتر في علاقاتنا مع الخارج»، مؤكدا أن الشارع اللبناني الآن على «فوهة بركان». وأشار المحلل السياسي بولس إلى أن الوضع الأمني في لبنان غير مرتبط بموضوع التسليح، بل مرتبط بالصراع الإقليمي، ولذلك فإن حزب الله قد يهرب من الواقع ويواجه الأزمة التي يتعرض لها في الوقت الحالي بأن يقدم على مغامرة مع إسرائيل أو اجتياح بيروت كما حصل في 7 2008 أو اضطرابات أمنية، ولو حصل أحد هذه الأمور فإن ذلك قد يؤدي إلى الإخلال بالوضع الأمني في لبنان، أما الفريق الآخر فهو غير مسلح ولا يؤمن بالحرب الأهلية، بل يؤمن بلبنان المؤسسات والمحاربة عبر مؤسسات الدولة اللبنانية.
وشدد على أهمية أن ينادي الشعب اللبناني باستقالة الحكومة التي أثبتت فشلها وباتت غير مفيدة للوضع اللبناني، بل أصبحت مفيدة لحزب الله، الذي يمتلك الآن حكومة يتحرك فيها كيفما شاء، إلى جانب مؤسسات تؤدي خدماتها لحزب الله، ولهذا من الواجب الوطني للحكومة أن تستقيل، لا سيما بعد تصاعد الاستياء منها نتيجة فشلها في كثير من الملفات كملف الكهرباء والاستيراد والتوريد والتي تعجز عن إتمامه، مشيرًا إلى أن الحكومة تخشى أن تؤدي استقالتها إلى أن تفرط الأمور، لذا تحتاج إلى ضمان وقفة من جامعة الدول العربية إلى جانب الشعب اللبناني.



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».