تصميم الأثاث ما بين اللعب على المضمون والخيال المجنح

جولة في الصالات المشاركة في «أيام التصميم ــ دبي»

من المعروضات
من المعروضات
TT

تصميم الأثاث ما بين اللعب على المضمون والخيال المجنح

من المعروضات
من المعروضات

بالنسبة لبعض الصالات المشاركة في «أيام التصميم ــ دبي» في دورته الثالثة، كان المفتاح هو الخيال المجنح، فقطعة الأثاث هنا تتحول إلى قطعة فنية تستحق العرض والاستمتاع بتقنيتها وجمالياتها، ولكن البعض الأخر لجأ إلى اللعب على المضمون والاكتفاء بالوصفات المجربة من قبل، وهو ما قد يفيد إلى حد ما في المحال التجارية، ولكن في معرض للتصميم والابتكار، فالغلبة سنكون للخيال وللجنون في أحيان كثيرة.
الخيال والابتكار أول ما نفكر به عند زيارتنا لـ«غاليري جودي ستراتين» من هولندا. تطالعنا قطعة محيرة في البداية، فهي من الأمام تبدو وكأنها جزء مقتطع من طاولة خشبية عتيقة الطراز بتفاصيل النقش على الخشب على هيئة أفرع شجر وزهور محاطة بإطارات بارزة من الخشب، حتى الآن هي طاولة مألوفة لدينا نرى مثلها كل يوم، ولكن القطعة المعروضة أمامنا لديها أكثر من وجه؛ فهي أيضا قطعة معاصرة فقط، إذا نظرنا إلى جانبها لنرى طاوله خشبية بيضاء حديثة التصميم ذات أرفف. المزج بين العتيق والمألوف مع الحديث والمعاصر يبدو هنا في محله، متناغم وبسيط وفي الوقت نفسه مختلف وجريء.
تقول لنا المشرفة على القاعة إن القطعة من تصميم رولف بروغنيك، وتشير إلى أن المصمم يعمل دائما على المزج ما بين القديم والحديث، وتشير إلى الطاولة أو المكتب أمامنا: «يوظف المصمم قطع الأثاث العتيق في تصميماته، فهو هنا يستخدم قطعة تعود إلى القرن الـ19، تعامل معها بوجهة نظر عصرية، ولكن لتكوين قطعة مثل هذه يحرص بروغنيك على التوازن بين الأسلوب القديم والحديث، فهذا المكتب جاء من مجموعة من الأثاث العتيق طُرِحت للبيع في المزاد بعد وفاة صاحبها، وقمنا بشراء بعض القطع منها، وقام المصمم بعد ذلك بتقطيعها إلى أجزاء حوّلها إلى قطع مفروشات عصرية وقابلة للاستخدام أيضا. «تمثل القطع المستحدثة «أجمل ما في العالمين» حسب التعبير الدارج؛ فهي عتيقة تحمل تفاصيل حرفية وجماليات عصر مضى، ولكنها أيضا تحمل تصميما عصريا وعمليا في الوقت نفسه، البساطة إلى جانب الثراء والفخامة.
تشير لنا محدثتنا إلى أن المصمم استلهم أسلوبه هذا بعد وفاة والديه، حيث ورث منهما مفروشات منزلهما، وللحفاظ على الذكرى التي تحملها المفروشات معها، وأيضا من أجل نقلها إلى العالم المعاصر، والاستفادة منها كقطع مفروشات عصرية، لجأ لهذا الأسلوب المبتكر.
ننتقل بعدها للقاعة المجاورة حيث يلفت انتباهنا مقعدان من الجلد على شكل نصف دائرة، وضعا بشكل يكون الحرف «s»، بحيث يرى الجالسون بعضهم على جانبي المقعد. إلى هنا، تبدو الفكرة جميلة، ولكنها أيضا دارجة. الجديد هنا هو التصميم، حيث يبدو ظهر المقعد متأثرا بالمباني القديمة في الفلبين. إلى جانب المقعد، نرى أرففا للكتب على شكل محّارة ضخمة من الخشب قسمت بخيال جميل لوضع الكتب، وتشير القائمة على المعرض أيه نقاش إلى أن المصممة، وهي من الفلبين أيضا، تعكس اهتمامها بالطبيعة في الفكرة والتنفيذ. إلى الجانب قطعة محيرة؛ فهي مكونة من قطع طولية غير متساوية الطول والعرض من الخزف الملون كلها تحمل رسما قديما، تبدو كلوحة كلاسيكية جرى تقطيعها إلى أجزاء منفصلة، وأعيد ترتيبها، ثم صفها جنبا إلى جنب لتشكل خزانة ذات بابين. وتشير نقاش إلى أن المصمم، وهو من بلغاريا، استلهم اللوحات الفنية الكلاسيكية في تصميمه.
مجلس الحرف البريطاني يقدم أعمال عشرة مصممين بريطانيين، في عرض يعكس بعضا من أعمال التصميم الداخلي المعدة من قبل أصحاب الحرف والمصممين البريطانيين. يبدو الحرص على تأكيد أهمية الحرفة اليدوية في الأعمال المعروضة، تجذبنا قطعة معلقة على الحائط تبدو كبساط منسدل مصنوع من قطع الخشب المتقاطعة مع المرايا الصغيرة، لا يبدو هناك وظيفة محددة للقطعة التي يجب أن نعترف بأنها جذابة بشكل ما. تشير مصممة القطعة لي بورثويك إلى أنها استلهمت العمل من أمواج البحر، ويبدو اهتمامها بالعالم الطبيعي في استخدام قطع الخشب غير المعالج بشكل طبيعي وغير متكلف وأيضا تلقائي. العرض المجاور لا يمكن وصفه بالتلقائية فهو دقيق التصميم مع الحرص على التفاصيل وإظهار حبكة الحرفة.
يقابلنا المصمم بيل امبيرغ ويخبرنا عن الاستوديو الخاص به والمتخصص في الجلد وتنفيذ أعمال التصميم الداخلي من الجلد. يشير إلى باب جلدي معروض، ويقول: «استوحينا هذا الباب من تجليد الكتب القديمة، فاللون والملمس وأيضا الحرص على استخدام الموتيفات الذهبية تبعث إلى الذهن برائحة الكتب وأجواء المكتبات العريقة».
خلال المعرض، يمكن ملاحظة المحاولة الدائمة للمزاوجة بين القديم والحديث، محاولات تبدو واضحة في بعض القطع ومستترة في أخرى، ولكنه العامل المسيطر على جناح «كاربنتر ووركشوب غاليري»، الذي قدم بالتعاون مع متجر التحف والأثريات الباريسي «ستينيتز» يعد نموذجا ناجحا، لما يمكن أن تكون عليه شقة أحد المهتمين باقتناء قطع المفروشات المحدودة الإصدار.
الغرف مميزة بشكل واضح، تمزج ما بين الفخامة العريقة المتمثلة في الجدران الخشبية والأسقف العالية، والقطع الحديثة المتمثلة في خزانة ذات أبواب ذهبية اللون من الأمام ومن الخلف، نجد أنها مبنى لكاتدرائية فرنسية وضع بشكل مقلوب، نرى أمامنا الجانب الأسفل منه. هناك أيضا الثريات الكلاسيكية إلى جانب خزانات زجاجية تحمل مصابيح إضاءة غطيت بالريش الدقيق.
يقول لنا أحد العاملين في قاعة «ستينيتز»: «الفكرة الأساسية من العرض هنا هي تقديم التصميم المكتمل، المعاصر مع وجود قطع (الأنتيك)». تشير رولا وزني من «كاربنتر ووركشوب غاليري» إلى تكوين متشابك من المصابيح المعلق في الغاليري، وتقول: «هذا العمل من تصميم الهولندي فردريك مولانشيز، وهي من البرونز، ويقدم فيها الفنان تصوره للإمارات العربية المتحدة. حول العرض المشترك الذي يقدمه «كاربنتر ووركشوب غاليري» مع «غاليري ستينيتز»، تعلق: «نقدم هذا التصور لنقول إن القطع القديمة تتماشي مع القطع الحديثة بشكل جميل»، تشير إلى قطعة من النسيج معلقة على الحائط من القرن الـ17 وإلى الجدران الخشبية العريقة «مأخوذة من أحد القصور بفيينا»، ثم تنتقل إلى الكاتدرائية المقلوبة وتستأنف: «العام الماضي عرض المصمم مبنى تاج محل، وهذا العام يقدم كاتدرائية فرنسية مقلوبة على جانبها وصنع منها خزانة، هذه قطعة محدودة الإصدار ويوجد منها ثلاث نسخ فقط في العالم». نتوقف عند قاعة مجاورة لا يوجد بها قطع مفروشات، بل أشجار بيضاء من قطع البلاستيك، تمثل أشجار الكرز في الربيع، حيث تتوِّجها الزهور الرقيقة الكثيفة، وتملأ الأرضيات تحتها. بنظرة أقرب نكتشف أن الأشجار والأزهار كلها مصنوعة من الأنابيب الصناعية، استخدم المصمم البريطاني توم برايس جميع أجزاء الأنابيب، وثنى بعضها ليكوِّن أغصانا وقطع أجزاء أخرى ليكوّن منها الأزهار. العمل الذي يقدمه «إنداستري غاليري» بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني يهدف حسب دليل العرض إلى «استكشاف استخدامات وقابلية المواد الخام في الأنابيب الصناعية للتشكل، وفي الوقت نفسه، يهدف العمل لمراقبة وتسجيل تقبل الناظر للجماليات التي يعكسها».
وبالنسبة للجمال، فالعمل بالفعل جميل وفعال في بعث الإحساس بأشجار الكرز في كامل تألقها، نكتشف أننا بالفعل نتقبل مادة البلاستيك الصناعي، ونكتشف فيها جمالا طوعه المصمم بطريقة جعلتنا ننسى التضاد ما بين فكرة الأنابيب الصناعية وجمال الطبيعة المتمثل في أشجار الكرز المزهرة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».