رحيل الموسيقار سعيد الشرايبي.. «ملك العود» المغربي

أرسى جسورًا من التواصل الموسيقي والتعايش الفني بين الثقافات والحضارات المختلفة

الموسيقار سعيد الشرايبي
الموسيقار سعيد الشرايبي
TT

رحيل الموسيقار سعيد الشرايبي.. «ملك العود» المغربي

الموسيقار سعيد الشرايبي
الموسيقار سعيد الشرايبي

توفي، أمس، الموسيقار المغربي سعيد الشرايبي، عن عمر يناهز 65 عامًا، وذلك بعد صراع طويل مع المرض.
وبوفاة الشرايبي، الذي ولد بمراكش سنة 1951، تكون أسرة الموسيقى المغربية والعربية الأصيلة قد فقدت واحدًا من خيرة عازفي العود في الوطن العربي.
وخلف رحيل الشرايبي أسى وحزنًا عميقين لدى عشاق فنه وبين العارفين بإسهاماته وقيمته الفنية، داخل وخارج المغرب. ووصفت وزارة الثقافة المغربية رحيل الشرايبي بـ«المصاب الجلل»، مشيرة، في نعيها، إلى أن الراحل «ترك وراءه إرثًا فنيًا غزيرًا باعتباره واحدًا من خيرة عازفي العود في المغرب والوطن العربي، وإحدى الصور الناصعة للثقافة والفن المغربيين على الصعيد العالمي»، كما يعتبر، إلى جانب العزف المهاري على آلة العود «من بين الباحثين في مجال التراث الموسيقي، وخصوصًا في مجال العلاقة بين الموسيقى العربية الأندلسية والتركية والفارسية، حيث شارك في عدة منتديات وطنية وعربية وعالمية مازجًا بين العرض النظري والتطبيق الميداني». كما أنه أثرى الخزانة المغربية بالكثير من المعزوفات والألحان، نذكر منها ألبومي «مفتاح غرناطة» و«حلم بفاس» التي كان لها الأثر والوقع عربيًا ودوليًا، كما تعامل مع أسماء مغربية وازنة كعبد الهادي بلخياط ونعيمة سميح وكريمة الصقلي من خلال أغانٍ رائعة وهي «بوح يا قلبي» و«راح» و«تلاقينا بعد الخصام» و«ظلال» و«العشاق»، واستطاع بفضل كل ذلك أن يكون سفيرًا للثقافة والفن المغربيين، يجول الأوطان حاملا آلته وريشته وأنامله، ومتوجًا من قبل عدة جهات ومؤسسات كان أبرزها حصوله على وسام ملكي خلال عيد المسيرة الخضراء سنة 2015، بالإضافة إلى جائزة أفضل أغنية عن قطعة «أطفال القدس» في مجال التلحين سنة 2000، وجائزة زرياب للجنة الدولية للموسيقى، وجائزة الموسيقى بباريس وجائزة الاستحقاق بدار الأوبرا بالقاهرة والريشة الذهبية والوسام الأول ببغداد والوسام العربي لأحسن مشاركة عربية بالجزائر وغيرها. كما تعتبر مؤسسة سعيد الشرايبي من بين الإنجازات التي ستواصل مسيرة الراحل في الحفاظ على تراثه الغني والزاخر وفي تعليم وتلقين الفن الموسيقي عمومًا وفن العود خصوصًا، هذا إلى جانب مساهمتها في اكتشاف المهارات والقدرات في مجال العزف عبر المعاهد الموسيقية بمختلف مناطق المغرب.
من جهته، وصف المكتب الفيدرالي للائتلاف المغربي للملكية الفكرية خبر وفاة الشرايبي بـ«المصاب الأليم»، مشيرًا إلى أن الراحل «يعتبر أيقونة فنية مغربية بأبعاد إنسانية وعالمية في مجال العزف والبحث والتأصيل الموسيقي الرفيع»، وأنه كان «من أمهر عازفي آلة العود في العالم العربي». كما وصف الراحل، الذي يلقب بـ«ملك العود»، بـ«العازف المرموق والباحث الموسيقي»، و«إحدى الماسات المتفردة في عقد الإبداع الفني المغاربي والعربي والعالمي»، و«أحد التجليات الرفيعة لثقافتنا المغربية الخالدة»، مذكرًا بحصول الراحل على الريشة الذهبية بالمهرجان الأول للعزف على آلة العود ببغداد في عقد التسعينات من القرن الماضي، أمام عمالقة العزف على هذه الآلة في العالم، أمثال منير بشير وسلمان شكر ونصير شمة، فضلا عن أبحاثه في الموسيقى العريقة وفي التراث الموسيقي العربي، وتلحينه للكثير من الأصوات المغربية والعربية، أمثال نعيمة سميح وكريمة الصقلي وأسماء لمنور وفدوى المالكي.
ويحسب للراحل، بحسب عدد من المتتبعين لمسيرته، أنه «استطاع أن يرسي جسورا من التواصل والتعايش بين الثقافات والحضارات المختلفة، حيث كان له الفضل الكبير في تأسيس العلاقة بين الموسيقى العربية الأندلسية والتركية والفارسية، فبرع في تأليف ألحان كانت تحمل هوية مغربية بطابع ومقامات أندلسية وتركية».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.