سياحة الصحراء في الخليج.. فاكهة الشتاء

شغف رحلات «السفاري» يشعل منافسة القطاع السياحي ويستهوي مشاهير العالم

مع تزايد الإقبال على سياحة الصحراء في الخليج اتجه المستثمرون السياحيون إلى إنشاء فنادق  من فئة الخمس نجوم في المناطق الصحراوية
مع تزايد الإقبال على سياحة الصحراء في الخليج اتجه المستثمرون السياحيون إلى إنشاء فنادق من فئة الخمس نجوم في المناطق الصحراوية
TT

سياحة الصحراء في الخليج.. فاكهة الشتاء

مع تزايد الإقبال على سياحة الصحراء في الخليج اتجه المستثمرون السياحيون إلى إنشاء فنادق  من فئة الخمس نجوم في المناطق الصحراوية
مع تزايد الإقبال على سياحة الصحراء في الخليج اتجه المستثمرون السياحيون إلى إنشاء فنادق من فئة الخمس نجوم في المناطق الصحراوية

عند الحديث عن الكثبان الرملية، فلا شيء يضاهي جمالها في دول الخليج، حيث يتموج بريقها مع أشعة الشمس الذهبية، لتأخذ زائرها إلى عالم خفي من المغامرة والإثارة، والغوص في دهاليز الصحراء الفاتنة، وهو ما تنبه له خبراء السياحة في الخليج، الذين يتسابقون على استقطاب هواة رحلات «السفاري» ومنحهم فرصة لاكتشاف سياحة الصحراء التي تعد سياحة شتوية بامتياز.
ومتعة الصحراء لا تقف عند حدود الصيد والقنص فقط، بل تمتد لتشمل حزمة من الأنشطة الرياضية الصحراوية والبرامج الترفيهية التي تستثمر الإبل والخيول والنباتات البرية على أنواعها، في رحلات تتنافس على تقديمها المكاتب السياحية الخليجية، في حين قد يكتفي بعض الأفراد بالذهاب إلى «البر» برفقة دلة القهوة وأباريق الشاي والاستمتاع برؤية جمال الرمال الساطعة ومناجاة النجوم وتجاذب أطراف الحديث مع الأصحاب.
ومع تزايد الإقبال على سياحة الصحراء في الخليج، اتجه المستثمرون السياحيون إلى إنشاء فنادق من فئة الخمس نجوم في المناطق الصحراوية، واستضافة نجوم الطرب والغناء لإمتاع قاصدي سياحة الصحراء بالحفلات الموسيقية على أضواء القمر وأنغام الموسيقى الشرقية، وهي أمور مثيرة خاصة للسائحين القادمين من أوروبا والدول الآسيوية.
عن هذا الشغف، يتحدث لـ«الشرق الأوسط» فهد السلامة، خبير سياحي في شركة «إيلاف للسياحة والسفر» في السعودية، قائلا: «الكثيرون يفضلون الخروج في هذه الوقت من العام في الرحلات البرية، فهذا هو موسمها، خصوصا في المناطق القريبة من المدن، لأن الأجواء حاليا باردة وجميلة».
ويشير السلامة إلى أن هذا التوجه ما زال بكرا في السعودية، قائلا: «معظم الرحلات البرية لدينا عبارة عن اجتهادات فردية، حيث تذهب العوائل إلى المخيمات القريبة من المدن الكبرى، لكن هذا التوجه نما كثيرا في دول الخليج المجاورة، وبعضها طورت خدماتها كأن وضعت مهابط للهليكوبتر ومطارات صغيرة لتوفير سرعة التنقل، إلى جانب تهيئتها بصورة فندقية».
وحول أكثر الأنشطة والفعاليات إثارة في حياة الصحراء، يقول السلامة «الصيد والقنص يجذب كثير من السعوديين والخليجيين عموما، إلى جانب ركوب الخيل والصيد بالصقور وغيرها، وهناك منتجات برية فاخرة في رأس الخيمة وبعضها قريب من أبوظبي، وتشهد اهتماما لافتا من المقتدرين، لأنها سياحة مكلفة مقارنة بغيرها، بالنظرة لحداثتها ومحدودية أماكنها».
يأتي ذلك في حين تشغل الصحارى الممثلة بالتجمعات الرملية مساحة كبيرة من شبه الجزيرة العربية، وبالنسبة للمملكة العربية السعودية فهي تمثل ما يقارب 28 في المائة من مساحتها الإجمالية التي تبلغ نحو مليوني كيلومتر مربع متمثلة في الربع الخالي، والنفوذ الكبير، والدهناء، والجافورة. بحسب ما يكشف الموقع الإلكتروني الرسمي لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية.
وكانت وكالة الأنباء الألمانية قد تناولت أمس هوس رحلات السفاري وسياحة الصحراء في دول الخليج، الذي يشهد إقبالا كبيرا من السائحين الأوروبيين والآسيويين، خصوصا في أشهر الشتاء. إذ أكد خبراء ووكلاء في قطاع السياحة، أن ما يزيد على 70 في المائة من السائحين القادمين لمنطقة الخليج، يقصدون رحلات الصحراء، لافتين إلى أن سياحة الصحراء سجلت هذا الشتاء نموا يزيد على 50 في المائة مقارنة بالأعوام القليلة الماضية. ويقضي السائحون رحلات بسيارات الدفع الرباعي فوق الكثبان الرملية في صحراء الربع الخالي، وتنظم لهم وكالات السياحة ليالي فنية في عمق الصحراء في الإمارات وقطر وعمان. بينما استقطبت سياحة الصحراء في دبي وأبوظبي والدوحة مشاهير الرياضة والفن في العالم من أبرزهم نجوم السينما توم كروز وجيرمي رينر وبولا باتون، ونجم كرة القدم مارادونا، ومهاجم فريق ريال مدريد كريستيانو رونالدو، والنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش مهاجم باريس سان جرمان، ونجمة التنس الأميركية ماديسون برينجل.
ويرى معتز الخياط، الخبير السياحي في منطقة الخليج، أن القطاع السياحي في الخليج بات محركا رئيسيا في اقتصاد الخليج، خلال السنوات الماضية، لذلك تتسابق دول المنطقة على طرح منتجات سياحية جديدة لرفع حصصها من وفود السياحة. وأضاف قائلا: «من واقع عملي اليومي في مجال السياحة، رصدت إقبالا كبيرا من الوفود السياحية التي تأتي خصيصا لدول الخليج لقضاء الوقت الأكبر من رحلتها في الصحراء».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».