في مستشفى الحروق بإربد.. أحلام السوريين بددتها تبعات الحرب

مركز صحي بالمحافظة يستقبل حالات غريبة

يامن الطفل الذي يعالج من الجروح التي أصابته («الشرق الأوسط»)
يامن الطفل الذي يعالج من الجروح التي أصابته («الشرق الأوسط»)
TT

في مستشفى الحروق بإربد.. أحلام السوريين بددتها تبعات الحرب

يامن الطفل الذي يعالج من الجروح التي أصابته («الشرق الأوسط»)
يامن الطفل الذي يعالج من الجروح التي أصابته («الشرق الأوسط»)

في أقصى شمال الأردن، وتحديدًا في محافظة إربد، يتلقى يامن (عشرة أعوام)، وهو من أهالي درعا السورية، العلاج اللازم، بعد أن تأثر نحو 37 في المائة من جسمه بالحروق، جراء لهب نار نتج عن انفجار أنبوب للغاز كان يستخدم لأغراض التدفئة من موجة البرد التي تعرضت لها المحافظة، ورغم صعوبة الكلام والتحدث التي لا يزال يعاني منها جراء الحروق من الدرجة الثانية، إلا حالته في تحسن مستمر في ظل تلقيه العلاج اللازم بمستشفى الأميرة بسمة التعليمي في إربد، وبفضل القدرات الطبية المتقدمة، استطاع المستشفى أن يقدم خدماته الطبية فيما يتعلق بمجال الحروق منذ أن بدأت الأزمة السورية.
ويحلم يامن بأن يكون مذيعًا في إحدى المحطات التلفازية، ويسهم على المنصة الإعلامية التي يعمل فيها في إيصال رسائل مفيدة وحقيقية، وتقول والدته إن وضعه الصحي كان سيئا للغاية، وإنها فقدت الأمل في أن تكتب له الحياة، إلا أن الخبرات التي توجد في المركز أسهمت بفضل الله في استشفاء ابنها».
مركز الحروق الفني افتتح بدعم من السعودية عبر الصندوق السعودي للتنمية، ودعم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمشروعات خاصة بالبنية التحتية في الأردن، بما في ذلك تجهيز مركز الحروق في إربد، وإجراء تحسينات في شبكة الطرق في المفرق، إضافة إلى إعادة تأهيل وتوسيع مشروعات إمدادات المياه في الرمثا وإربد والمفرق.
وشدد أندرو هابر، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن على أن مساهمة الصندوق السعودي في دعم مركز الحروق الفني بمستشفى الأميرة بسمة في محافظة إربد الأردنية، مهمة نظرًا لمساعدته في علاج الأردنيين والسوريين على حد سواء، مشيرًا إلى أن محافظة إربد تستضيف نحو 240 ألف لاجئ سوري كثاني محافظة مكتظة بالسكان، لافتًا إلى عدم توافر وحدة خاصة بالحروق في المحافظة، ويقع كثير من النساء والأطفال ضحايا الحروق جراء استخدام سخانات الغاز والنار.
وكان من المنتظر افتتاح وحدة الحروق والجراحة التجميلية في مستشفى إربد عام 2012، إلا أنه بسبب نقص التمويل تأجل الافتتاح، وفي 2013 أطلقت وزارة الصحة والمفوضية مشروعًا لفتح الوحدة كجزء من المشروع الشامل لدعم القطاع الصحي.
وقدمت السعودية دعمًا يقدر بنحو 1.9 مليون دولار من أجل شراء معدات طبيعة لعدد من المؤسسات التابعة لوزارة الصحة الأردنية، بما في ذلك مركز الحروق في إربد الذي تبلغ تكلفته 1.2 مليون دولار، وصُمم المشروع من أجل تجهيز الوحدة بالكامل بعدد 40 سريرًا، بما في ذلك قسم الحروق، وتصل إلى عشرة أسرة، وقسم الحروق بعدد ستة أسرة، وقسم الجراحة التجميلية بعدد 21 سريرًا، إضافة إلى ثلاث غرف للعمليات، علاوة على خدمات العلاج الطبيعي، والعيادات الخارجية.
وبدأ القسم باستقبال حالات الحروق الطفيفة والمتوسطة في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2014، خلال المرحلة التجريبية، بعد ذلك أجريت أول عملية جراحية في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته.
ويعد قسم الحروق والعمليات التجميلية بمستشفى الأميرة بسمة، الأول من نوعه في المحافظات الشمالية، والثاني على مستوى الأردن، وكشف الدكتور أكرام الخصاونة، مدير مستشفى الأميرة بسمة التعليمي بالأردن، ومستشار جراحة العظام والمفاصل لـ«الشرق الأوسط» عن بعض الإحصاءات خلال العام الماضي، حيث سجل المرفق الصحي دخول نحو 1144 حالة من اللاجئين السوريين، وعالج نحو 241 عملية، واستقبلت العيادات الطبية نحو 5496 حالة، في حين قدّمت نحو 2896 حالة إسعاف طارئة، إضافة إلى علاج 262 سوريا علاجا طبيعيا، كما سجلت 73 حالة وفاة طبيعية.
ولفت الخصاونة إلى أنه من المتوقع أن يعمل القسم بالتوازي مع وحدة الحروق المركزية الذي سيكون قادرًا على تقديم خدمات متكاملة في غضون ثلاثة أشهر لأكثر من 1.5 مليون مواطن ولاجئ في المحافظات الشمالية.
وروى مدير المستشفى بعض الحالات الصعبة والنادرة التي استقبلها المركز، مؤكدًا أن من بين أغرب الحالات التي استقبلها المستشفى، حالة حرجة لسوري عانى من دخول أكثر من رصاصة في رأسه وتمكن المستشفى من معالجته.
ومن بين المشروعات التي أسهم الصندوق في تطويرها، طريق المفرق الصفاوي الذي أدى إلى توفير السلامة على الطريق - إلى حد كبير - الرابط مع مخيم الزعتري، في حين نفّذت مشروعات المياه والأردن خلال عامي 2013 و2014 بدعم الصندوق، حيث يحصل 54 ألف شخص في المجتمعات المضيفة على 35 لترًا يوميًا من المياه، كما سمح بإعادة تأهيل محطة أكيدر لمعالجة المياه والنفايات في المفرض بزيادة كفاءة العلاج بشكل ملحوظ، مما يتيح للمحطة العمل بأقصى طاقاتها.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.