«إحلال الكوادر الوطنية» و«عمل المرأة» في صدارة اهتمامات الحكومة السعودية

برنامج زمني لوضعهم في القطاع العام.. ودعم عمل النساء في المصانع

جانب من معرض للتوظيف بالرياض
جانب من معرض للتوظيف بالرياض
TT

«إحلال الكوادر الوطنية» و«عمل المرأة» في صدارة اهتمامات الحكومة السعودية

جانب من معرض للتوظيف بالرياض
جانب من معرض للتوظيف بالرياض

في مسعى للتوسع في توظيف السعوديين، وتقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية، وقّعت وزارتا «العمل»، و«الخدمة المدنية»، اتفاقية أمس، تتضمن برنامجا زمنيا لإحلال الكوادر الوطنية بدلا من العمالة الوافدة في القطاع العام.
ويُعد هذا البرنامج خطوة عملية لدعم برامج وآليات التوظيف والتصنيف المهني والإرشاد الوظيفي في كلا القطاعين، وفقا لبرنامج «تنمية وكفاءة»، الذي وقعته الوزارتان مؤخرا. وبحسب بنود الاتفاقية، ستعمل الوزارتان وفقا للبرنامج الزمني على حصر الوظائف المشغولة بكوادر أجنبية في القطاع العام والفرص الوظيفية المتاحة، تمهيدا لإحلالها بكوادر وطنية تحقيقا لتوحيد التوجهات والتشاركية، إضافة إلى توفير خدمات إلكترونية لوزارة الخدمة المدنية لإدارة خدمات الوافدين العاملين في القطاعات الحكومية (نطاقات الحكومة).
في حين تنطلق الاتفاقية التشاركية بين الوزارتين في أهدافها بين منظومة سوق العمل ممثلة في وزارة العمل، وصندوق تنمية الموارد البشرية «هدف»، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، ومنظومة الخدمة المدنية ممثلة في وزارة الخدمة المدنية ومعهد الإدارة العامة والمؤسسة العامة للتقاعد، لرفع مستوى إدارات الموارد البشرية في القطاع العام عبر تأهيل العاملين بها وتطوير قدراتهم، فضلا عن نقل الخبرات الوطنية بين القطاعين.
وتتضمن الأهداف التشاركية تعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي على المشاريع والبرامج عبر رفع مستوى التناغم والتكامل بين المنظومتين، ورفع كفاءة سوق العمل وتنميته وتطويره، بينما تعمل منظومتا العمل والخدمة المدنية بموجب الاتفاقية على عدة مكونات رئيسية لبرنامج «كفاءة وتنمية»، تنطلق نحو توفير فرص عمل مستدامة وذلك من خلال البوابة الوطنية للعمل (طاقات)، إضافة إلى توحيد قواعد بيانات الباحثين عن عمل (حافز وجدارة)، وضبط آليات التقديم والاختيار عبر المواءمة الإلكترونية والعمل بالتصنيف العربي الموحد للمهن.
وتحقق تشاركية العمل والخدمة المدنية تطوير المهارات من خلال تدريب العاملين في الموارد البشرية في القطاع العام، والاستفادة من برنامج «دروب»، وتدريب القيادات الحكومية والخاصة، وتصنيف خريجي برامج التدريب التقني والمهني لتمكينهم من العمل في القطاع العام. ولتحقيق سوق عمل فعالة، يركز البرنامج على رفع إنتاجية العاملين في القطاعين العام والخاص، والتبادل المعلوماتي حول سوق العمل (المرصد الوطني للعمل)، إضافة إلى الحماية الاجتماعية بتعزيز التنسيق والتعاون بين نظامي التقاعد والتأمينات الاجتماعية، وتفعيل برنامج توافق لتدريب وتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة.
* وزير العمل: عمل المرأة لا يقتصر على «البائعة»
شدد وزير العمل السعودي الدكتور مفرج الحقباني على أن عمل المرأة في القطاع الخاص لا يقتصر على مهنة «بائعة»، إنما يتعداها إلى مهن وأعمال أخرى تتماشى مع التشريعات المنظمة لعملها والتي تضمن لها بيئة عمل آمنة ومناسبة تنسجم مع طبيعتها، مشددًا على حماية المرأة العاملة السعودية من المنافسة غير العادلة مع العمالة الوافدة.
وأضاف الحقباني في كلمة ألقاها خلال ورشة عمل حملت عنوان «عمل المرأة في المصانع.. الآفاق والتحديات» في الرياض، أن التشريعات والبرامج المنظمة والداعمة لعمل المرأة في سوق العمل لن تحقق أهدافها دون وجود تشاركية فعلية ومنظمة مع القطاع الخاص، في ضوء برامج التحفيز والتدريب التي يقدمها صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني.
وأشار الدكتور الحقباني إلى أهمية مشاركة المهتمين وأصحاب الأعمال والمنشآت في القطاع في تحسين وتطوير القرار الوزاري الخاص باشتراطات توظيف النساء في المصانع، عبر إبداء الملاحظات وتقديم الآراء في مسودة القرار على بوابة المشاركة المجتمعية «معا للقرار»، وذلك بهدف تشجيع النساء على العمل في المهن المتنوعة بالمصانع.
وأبان وزير العمل أن المرحلة الراهنة تتطلب حراكا مختلفا لتجسيد مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية، وفق الضوابط والتشريعات المحددة لعملها، بما يضمن لها مزيدا من الإنتاجية، وتحقيقا لاستراتيجية التوطين.
وفي ما يتعلق برفع نسب مساهمة المرأة في القطاع الخاص، لفت الدكتور الحقباني إلى أن الوزارة تعمل على حصر احتياجات سوق العمل والتخصصات المطلوبة ومواءمة مخرجات التعليم معها، إضافة إلى تشجيع الاستثمار لدى النساء السعوديات من خلال إقامة المشاريع التجارية والاستثمارية التي تسهم في خلق فرص العمل للمرأة.
وتطلع الحقباني إلى أن تسهم ورشة العمل في تحويل الرؤى والمقترحات إلى أجندة عمل، تشترك بها الجهات ذات العلاقة، بما يُمكن من إسهام المرأة في الناتج الاقتصادي الوطني.
واستعرض محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الدكتور أحمد الفهيد البرامج التدريبية الداعمة لعمل المرأة في القطاع الخاص، والمتمثلة في تأهيل المرأة السعودية لسوق العمل، وتقديم البرامج التدريبية بالجودة والكفاية المطلوبة، وبناء الشراكات، ونشر الوعي بأهمية عمل المرأة.
وقال الفهيد: «المؤسسة أولت برامج التدريب النسائي أهمية بالغة من خلال تأسيس 18 كلية تقنية للبنات، وذلك في مختلف التخصصات التي تتوافق وتتواءم مع طبيعة عمل المرأة»، مبينا أن من بين هذه التخصصات الدعم الفني والمحاسبة والإدارة المكتبية.
وأشار وكيل وزارة العمل المساعد للبرامج الخاصة في السعودية عبد المنعم الشهري إلى أن الهدف من اللقاء تشجيع وتحفيز قطاع الصناعة على توطين القوى البشرية من خلال تأنيث الوظائف؛ عبر نشر التجارب الناجحة ومناقشة أي تحديات تواجههم، ودعوة المختصين من الجهات الحكومية كهيئة المدن الصناعية والغرف التجارية.
وأعلن الشهري عن تقديم دعم للعاملات في المصانع وذلك في ما يتعلق بوسائل النقل وكذلك توفير الحاضنات، مبينا أن التحاق المرأة بالعمل في المصانع جاء متناغما مع المؤشرات الهادفة لرفع نسب إسهامها في التنمية، ومواكبا للقرارات التي صدرت لزيادة فرص عملها في شتى المجالات في القطاعين الحكومي والخاص، إضافة إلى مواكبة هذه القرارات لقرارات أخرى تنظم عملية توظيفها في القطاع الخاص ومتابعتها في مواقع عملها وضمان جميع حقوقها وتوفير البيئة المناسبة لها بما يوفر لها العيش الكريم.
وكشف الشهري عن إدراج عمل المرأة ضمن آليات التقييم الجديدة في برنامج نطاقات بنسخته الثالثة التي سيتم تدشينها قريبا، والذي يتم من خلاله تقييم المنشآت الخاصة وتصنيفها وفق آليات عدة، حيث ستُشرك المرأة للمرة الأولى في آليات التقييم للمنشآت خلال الفترة المقبلة.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»