كل الأصدقاء حضروا، عربا وفرنسيين وعراقيين، حتى امتلأت بهم الصالة العليا لمعهد العالم العربي في باريس، حتى إن جاك لانغ رئيس المعهد، وزير الثقافة السابق، أبدى إعجابه لعدد الحضور في وقت مبكر من بعد ظهر السبت الماضي، رغم أن الباريسيين يفضلون الهرب من الأماكن المغلقة في نهار العطلة واستغلال الشمس التي نادرا ما تشرق في مثل هذا الموسم.
بمناسبة بلوغه الـ80، وبالتعاون مع سفارة العراق في باريس، كرم معهد العالم العربي الأديب الشاعر والخطاط والمصمم والطباعي العراقي محمد سعيد الصكار، وأقام له حفلا شعريا سينمائيا موسيقيا. ورغم معاناته من أمراض الشيخوخة، خرج الفنان المتعدد المواهب من المصح وجاء إلى الحفل، على كرسي متحرك تدفعه السيدة زوجته، لكي يأخذ الكلام، بصوت واهن، شاكرا ومتأثرا.
الاحتفالية التي أدارها وتحدث فيها المثقف والناشر السوري فاروق مردم، جمعت متحدثين ممن عرفوا الصكار في مراحل مختلفة من حياته، مثل الناقد المغربي محمد برادة، والروائي الجزائري واسيني الأعرج، والشاعرين العراقيين كاظم جهاد وصلاح الحمداني. وتناوب الممثلان هالة عمران وجان داميان باربان على قراءة مقاطع من أشعار الصكار بالعربية والفرنسية، كما عُرض فيلم وثائقي من إخراج محمد توفيق، عن الصكار، واختتم الحفل بمقطوعات على العود للموسيقار نصير شمة.
يعتبر الصكار، المولود في المقدادية، شرق بغداد، الذي نشأ في البصرة قبل أن ينتقل للعمل خطاطا ومصمما في العاصمة، «أحد أبرز ممثلي الخط العربي المعاصر» كما جاء في تقديم جاك لانغ له. وهو مبتكر «الأبجدية العربية المركزة»، لتطويع الحرف العربي للتطورات الطباعية الإلكترونية، وهو المشروع الذي حقق له التفوق من جهة، وكان وبالا عليه من جهة ثانية؛ حيث كاد له الحاسدون وكتبوا ضده التقارير ولوحق في بلده حتى اضطر إلى الخروج والعيش في باريس، خلال العقود الثلاثة الماضية. ومن مغتربه قدم الكثير من المعارض ونشر عشرات الكتب والمقالات وكان شخصية حاضرة في المشهد الثقافي العربي.
كتيب أنيق صدر بالمناسبة، باللغتين العربية والفرنسية، بعنوان «من بغداد إلى باريس»، وضم قصائد للصكار بترجمة لعدنان محسن. وفي مقدمته كتب السفير العراقي الدكتور فريد ياسين: «لو كان الصكار خطاطا تقليديا، ليس إلا، لوجب علينا أن نحتفي به لما توحي به إنشاءاته الخطية من جمالية ورقة مدلجة بتراث غني وتاريخ عريق. ولو كان رساما، ليس إلا، لوجب علينا الاحتفاء به لما في لوحاته من مزيج متناسق من الألوان وما توحي به من تأمل ذي أبعاد يندر أن توجد في لوحة مسطحة. ولو كان شاعرا وروائيا، فحسب، لوجب علينا تكريمه لما تؤدي إليه قصائده وقصصه من رنين في مشاعر قارئها. ولو فرض علينا أن نجرد الصكار من كل ما سبق، لوجب علينا الاحتفاء به لإبداعه التقني الرائد وما قدمه للطباعة العربية من عطاء من خلال أبجديته المركزة التي ابتكرها قبل 40 عاما وأدت إلى أول التطبيقات المعلوماتية التي مكنت الحاسوب من تصميم النصوص العربية».
حين سئل المحتفى به أين يجد نفسه، أجاب: «أنا أقرب إلى الشعر، لكنّ هناك رأيا يقول إنني شاعر في خطي وملون في شعري».
9:32 دقيقه
تكريم حافل للشاعر والخطاط العراقي محمد سعيد الصكار في باريس
https://aawsat.com/home/article/57871
تكريم حافل للشاعر والخطاط العراقي محمد سعيد الصكار في باريس
بعد أن أرهقت الشيخوخة الفنان متعدد المواهب والمهارات
الصكار بين المحتفلين به وظهرت في الصورة منى خزندار مديرة المعهد والفنان نصير شمة والسفير العراقي في باريس
تكريم حافل للشاعر والخطاط العراقي محمد سعيد الصكار في باريس
الصكار بين المحتفلين به وظهرت في الصورة منى خزندار مديرة المعهد والفنان نصير شمة والسفير العراقي في باريس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

