23 عملاً فنيًا، صنعت من الخردة وبقايا السيارات المعطلة، في تجربة فنية تنتمي للفن المعاصر والفن البيئي، الذي ما زال يحاول إثبات جذوره في العراق، قدمت هذه المرة على أيدي الفنان العراقي المبدع عقيل خريف ومعرضه الجديد الذي افتتح في بغداد مؤخرًا وحمل عنوان «ولادات مشوهة».
المعروضات حازت رضا وإعجاب الجمهور وتفاعله معها، لتفردها في طريقة العرض وهي تبتعد عن أسلوب اللوحات الملتصقة بالجدران، إضافة إلى غرابة المواد الخام التي استخدمت فيها، وهي عبارة عن (صالنصة السيارة) ذلك الأنبوب الذي ينفث الدخان الأسود من السيارات، مبعثرا عليه بعض البراغي والمفكات ومخلفات المعادن ووزعها كما تتوزع أجزاء الوجه البشري، الغالب في تلك الولادات الجديدة هو الفم حيث تحركت أفواه المعادن لتقول شيئا لكنها بالتأكيد تريد أن تخبرنا حقائق مرة تجسد معاناة الإنسان العراقي خاصة أنه وضعها في أحضان (الكانفاس) الذي عبر عن واقع الفكرة بلونه الداكن القاتم واستمر العمل عليها على مدى ثلاث سنوات كما يقول الفنان عقيل ويضيف: «أعمالي من النفايات وتنتمي إلى الأساليب المعاصرة، التي تعتمد التجميع والتركيب والفن البيئي أحيانا، وهذه الاتجاهات ليست جديدة في الحقل البصري التشكيلي فقد سبقتنا أوروبا وأميركا بأكثر من نصف قرن، ولأننا مجتمعات نحب المباشرة في الطرح الفني فلم تأخذ صداها كما يستحق عندنا، وعالميا اشتغل عليها الفنان مارسيل دوشامب وبيكاسو وجاسبر جونز ورشنبرغ وآخرون، اختياري لتلك المواد جاء وفق اهتمامي بالفن المعاصر وأعتقد أن الفن العراقي رغم قساوة المشهد فإنه غير بعيد عن الساحة الفنية العالمية وكذلك انتشار النفايات في شوارع بغداد وما تضمه من خامات يمكن تطويعها، وكان لعودة فناني المهجر الذين ساهموا بإطلاعنا على تجارب الغرب بعد عام 2003. كل هذا شجعني لطرق أبواب هذه الأساليب».
وعن التفرد بهذه التجربة التي نظمها على القاعات الفنية لمؤسسة برج بابل للتطوير الإعلامي والثقافي، يقول خريف «أنا لا أعرف أنه تفرد في التجربة لأني بصراحة لا أهتم كثيرا بالتفرد، لكن تخصصي في التشكيل والاستفادة من أي شيء وهندسة أي مادة والحفاظ على البيئة من مخاطر وآثار المخلفات كانت الأقرب والجامعة لأعمالي والمحرضة لها أيضا، كما أنني حريص على أن لا أكرر تجارب آخرين لكنني استفدت من التجارب الفنية في بعض المتاحف الأوروبية عندما زرتها خلال عامي 2013 و2015 إضافة لمشاركتي في بينالي فينيسيا العالمي 2013، أنا أتأثر بطريقة التفكير فقط وأقصد آليات كتابة الفكرة. أما الموضوع فهو اختياري ويحمل طابع بيئتي لأن الفنان ابن بيئته وعمله يحمل طابعا محليا ولكنني أتمنى أن يكون عالميا أيضا، لدي تجربة أخرى بأعمال من بقايا الأحذية شاركت بها في معرض مشترك مع الفنانة نادية فليح في لندن تحت عنوان «خرائط وبقايا» العام الماضي.
يقول الفنان والناقد ناصر الربيعي عن المعرض: «استطاع عقيل خريف توظيف كل ما هو ملقى أو عديم الفائدة أو من فضلات البيئة والإنسان إلى عمل فني بدلالة رمزية، ليوظفه بذكاء ويحرك الطاقات الكامنة في اللاشيء وتحويله إلى مرموز فني يمكن أن نضع له عدة تفاسير يمكن أن تكون هذه الكتل المعدنية غير ذات معنى لكنها تحمل إيحاءات إنسانية.
أما الفنانة هناء مال الله فقد كتبت في فولدر المعرض ما نصه: «في المعرض هناك ربط واضح وذكي بين عنوان المعرض والمادة الخام المستخدمة لإنتاج العمل التي هي عبارة عن الأنبوب الذي يتسبب بتلوث البيئة في السيارات، لكنه في المعرض جاء على نحو إيجابي وحمل رسالة حضارية جديدة.
وأضافت: «ما يسجل على الفنان أنه اعتمد تقنية التنصيب الحائطي، في حين أن الأعمال ثلاثية الأبعاد، مما أفقد العمل جزءا كبيرا من طاقته التعبيرية وقوته وصادر فرصة مشاهدته من جميع الزوايا».
عقيل خريف يحمل شهادة الدبلوم والبكالوريوس في الفنون التشكيلية –رسم، لديه تجارب متنوعة في التشكيل، التجربة الأولى كانت عام 2010 في سنة التخرج من كلية الفنون الجميلة ضمن أحد مشاريع التخرج درس الفن البيئي، بعدها عام 2011 أنجز معرضا لوزارة البيئة العراقية والذي أصبح معرضا دائما في أروقة الوزارة. في عام 2012 أقام معرضا في كلية الهندسة ببغداد، وشارك في معارض مشتركة كثيرة مع فنانين عراقيين في داخل وخارج العراق.
فنان عراقي يقيم في بغداد معرضًا من مخلفات السيارات العاطلة
عقيل خريف: حاولت سرد معاناة الإنسان وتحدي تلوث البيئة
فنان عراقي يقيم في بغداد معرضًا من مخلفات السيارات العاطلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة